المحاصصة تطال «الإبادة الجماعية» للمكونات العراقية

انقسام برلماني يؤجل التصويت على قرار بشأنها

المحاصصة تطال «الإبادة الجماعية» للمكونات العراقية
TT

المحاصصة تطال «الإبادة الجماعية» للمكونات العراقية

المحاصصة تطال «الإبادة الجماعية» للمكونات العراقية

في وقت كان فيه البرلمان العراقي يستعد لمناقشة والتصويت على قرار خاص يعتبر ما تعرض له المكون الشيعي في العراق على يد تنظيم داعش والنظام السابق «إبادة جماعية»، اعترض السنة على القرار من منطلق أنهم تعرضوا إلى نفس ما ينطبق على المفهوم نفسه من قبل تنظيم داعش، بعد احتلاله المحافظات الغربية من البلاد ذات الغالبية السنية.
ورغم تصويت البرلمان في وقت سابق على اعتبار ما تعرضت له مدينة حلبجة الكردية على يد نظام صدام حسين بمثابة إبادة جماعية، فقد اعترض الأكراد ومثلهم باقي المكونات، على مشروع القرار حول الشيعة، الأمر الذي أجبر رئيس البرلمان سليم الجبوري على تكليف اللجنة القانونية بإجراء تعديل على 4 فقرات من القرار. وقال مصدر مسؤول في البرلمان لـ«الشرق الأوسط» إن «الجبوري أوعز إلى اللجنة القانونية إلى توحيد 4 فقرات بمشروع القرار، التي توزع الإبادة الجماعية على المكونات، إلى توحيدها في فقرة واحدة، بحيث يكون مضمونها أن كل الشعب العراقي بمختلف مكوناته تعرض إلى إبادة جماعية». وأضاف المصدر أن «الفقرات الأربع كانت تنص على التصويت على قرار خاص باعتبار ما تعرض له المكون الشيعي في العراق على يد تنظيم داعش الإرهابي والنظام المباد إبادة جماعية، والتصويت على قرار خاص باعتبار ما تعرض له المكون السني في العراق على يد تنظيم داعش الإرهابي إبادة جماعية، والتصويت على قرار ينص على اعتبار ما تعرض له المكون الشبكي في العراق على يد (داعش) إبادة جماعية، والتصويت على قرار ينص على اعتبار ما تعرضت له حلبجة الكردية إبادة جماعية».
وبينما أكد النائب عن تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان)، محمد الكربولي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «البرلمان وبعد أن وجد أن من غير المناسب أن كل مكون يقدم قرارًا يخصه باعتباره تعرض لإبادة جماعية، وهو ما يمكن أن يثير انتقادات كثيرة، بحيث تشمل الإبادة الجماعية بالمحاصصة، فقد صار اتفاقًا يتم بموجبه التصويت على قرار واحد، هو تعرض الشعب العراقي إلى إبادة جماعية».
وردًا على سؤال بشأن الفائدة التي سوف يجنبها المواطن العراقي من قرار كهذا، قال الكربولي، إن «السنة اضطروا إلى تقديم قرار يخصهم بعد أن وجدوا أن الجميع تعرض للإبادة الجماعية ما عداهم، كأن تنظيم داعش لم يقتل عشرات الآلاف من أبناء السنة ويهجر نحو 4 ملايين، فإذا لم تكن هذه إبادة جماعية، فما الإبادة؟ علمًا بأننا نرى أن البعض أراد أن يقدم مثل هذه القرارات من باب المزايدات والدعايات الانتخابية المبكرة».
في السياق نفسه، هاجم النائب الكردي، شوان داودي، مشروع القرار المذكور، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا القرار لو كان مضى بحسب المكونات لاعتبر في الواقع تكريسًا للمحاصصة حتى على مستوى الإبادة الجماعية، ويمكن أن يكون مدخلاً لتقسيم البلاد وفق هذه الأسس من منطلق أن كل مكون بات يمتلك ما يكفي من أدلة ومعطيات لما تعرض له». وأضاف داودي أن «الشعب العراقي كله تعرض للإبادة الجماعية ولا داعي لمزايدة أحد على غيره، ولذلك فإن الأنسب هو أن يشمل القرار الجميع، وهو ما سوف تعمل عليه اللجنة القانونية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.