أثارت انتقادات المدرب البرتغالي جوزيه مورينهو للاعبي مانشستر يونايتد عقب الهزيمة أمام فناربغشة التركي، الخميس الماضي، ذكريات انهياره في ناديي تشيلسي وريـال مدريد.
ربما شعر جوزيه مورينهو أن عليه أن يخرج لاعبيه بنادي مانشستر يونايتد من حالة الكآبة التي سيطرت عليهم عقب انهيارهم أمام فناربغشة، مساء الخميس الماضي في الدوري الأوروبي. فالوصول إلى هذه المرحلة في بداية عهده مع الفريق يظهر حجم الكارثة التي باتت تهدد مستقبل اليونايتد، إلا إذا تغير الأداء والنتائج بسرعة.
ففي المباراة السادسة عشرة له مع الفريق، تعرض مورينهو للهزيمة بنتيجة 2 - 1 في لقاء المجموعات بالدوري الأوروبي، فيما يشبه الكارثة التي حلت بالفريق الذي تفكك بعد تلقيه أسرع هدف في الدوري الأوروبي حتى الآن، الذي سجله اللاعب موسى سو بعد 69 ثانية فقط من بداية المباراة.
وصل مورينهو إلى مرحلة التشكك في مدى التزام فريقه وفي جهد لاعبيه، وهي كلها العناصر الأساسية التي يتعين على أي لاعب كرة محترف امتلاكها، الأمر الذي يظهر الانحدار الذي وصل إليه حال المدرب مع مجموعته. فبالنسبة لأي مدرب، فإن كشف، أو بالأحرى تعرية اللاعبين أمام الإعلام - والمفترض أن اللاعبين هم مؤشر لنجاح أو فشل المدرب - بمثابة تعريضهم لسلاح نووي. فالسير أليكس فيرغسون نادرًا ما فعل ذلك خلال الـ27 عامًا التي قضاها في النادي.
لكن حدث فيما بعد أن شبه المدرب البرتغالي فريقه والجهد الذي يبذلونه بمباراة ودية في فصل الصيف. ربما كانت تلك كلمات قوية لكنها مستحقة، لكن هل كان هذا بالفعل أفضل أداء ممكن لهم في ضوء ثقتهم المهزوزة بأنفسهم وأسلوب المدرب الذي بات في حاجة للإصلاح؟
مشكلة مورينهو تكمن في سجله الحافل بالثورات في وجه الأندية. قد يرى البعض أن ردود أفعاله بملعب شكري سراج أوغلو جعلته يبدو كأنه قد دخل في متلازمة الموسم الثالث قبل موعدها بعامين (متلازمة الموسم الثاني أو الثالث هو مصطلح جديد في الكرة الإنجليزية، يعني تعرض نتائج الفريق للتراجع بعد الترقي من الدرجة الأدنى وتلاشي الأداء المتميز).
ويشير هذا المصطلح إلى عدم قدرة مورينهو على البقاء لمدة أطول من تلك التي يعتادها غيره في أي نادٍ آخر، رغم أنه قد مكث في نادي تشيلسي لأربع سنوات متصلة في المرة الأولى التي درب فيها الفريق (2004 - 2007). وبناء عليه، يمكن الاستنتاج أن السيرة الذاتية لجوزيه مورينهو لا تظهر رجلاً يميل إلى الاستقرار، كما انعكس في الفترات التدريبية السبعة التي تولى فيها قيادة فرق مختلفة خلال 16 عامًا هي عمره التدريبي. فما بات يقلق يونايتد وجماهيره هو مزاجه بعد أربعة شهور فقط قضاها في النادي، حيث بدأ يعزف على نفس الوتر الذي عزفه في الشهور الأخيرة من الموسم الماضي مع تشيلسي، وكذلك مع ريـال مدريد، وبات كأنه يقترب من أيامه الأخيرة بغرب لندن.
ويعني ذلك أن أي انتقاد مبرر لفريقه سوف يرى من هذا المنظور. فسيردد منتقدو مورينهو المتمرسين: «أوه، أوه، هكذا عاد لعادته القديمة».
كانت آخر تعليقاته في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إثر طرده من تشيلسي بعدما فقد احترام لاعبيه الكبار الذين باتوا لا يطيعون أوامره. من ضمن هؤلاء الكبار لاعبون مثل سيسك فابريغاس، وديغو كوستا، وإدين هازار، وجميعهم أصيبوا بالضيق من تصرفاته الغريبة في إدارة الفريق، وتسبب الأداء الدفاعي والهزائم المتتالية في توجيه المدرب لأصابع اللوم لفريقه، خصوصًا بعد الهزيمة أمام ليستر سيتي التي قال فيها إن «لاعبيه قد خانوه ولم يلتزموا بتعليماته». وكانت النتيجة أن مالك النادي، رومان إبراموفيتش، فضل الإبقاء على اللاعبين والاستغناء عن خدمات مورينهو، وبالفعل رحل البرتغالي عن النادي بعد ذلك بثلاثة أيام.
ظهرت عصبية الرجل البالغ من العمر 53 عامًا مبكرًا، تحديدًا في أغسطس (آب) الماضي عقب الهزيمة أمام كريستال بالاس بملعب ستامفورد بريدج، حين قال: «لست سعيدًا، ولا أستطيع القول إنه كان لدي 11 لاعبًا يلعبون في وقت واحد. فقد كان أداء اثنين أو ثلاثة منهم أقل من المطلوب، وألوم نفسي على عدم استبدال أحدهم على الأقل وتركتهم 90 دقيقة كاملة».
هل يعقل هذا؟ كان هذا هو نفس تصرف مورينهو عقب هزيمة يونايتد بنتيجة 2 - 1 أمام مانشستر سيتي بملعب أولد ترافورد في 10 سبتمبر (أيلول) الماضي. وكان تعليق مورينهو بعد الهزيمة أن قال: «حتى لاعبي قلب الدفاع مثل إيريك بيلي ودالي بليند، اللذين يعتبران أفضل لاعبي الفريق حتى اليوم، كانا يفقدان الكرة بسهولة. قلت لهما بين شوطي المباراة: (يبدو كأن أحدكما يفعل عكس ما طلبته). واتخذت بعض القرارات لأنني اعتقدت أن السمات الشخصية للاعبين معينين بديلين سوف تعطيني ما أردته، لكن ذلك لم يحدث».
اللاعبان المقصودان هنا كانا هنريك ميختاريان، وجيسي لينغارد، اللذين تم بدء المباراة بهما وجرى استبدالهما بين الشوطين. وفي المؤتمر الصحافي عقب المباراة الرابعة للفريق تحت قيادته، انتقد مورينهو 4 لاعبين بشكل مباشر، وهو ما حدث أيضًا وبشكل علني مع اللاعب لوك شو الذي تلقى من مدربه لومًا ونقدًا جارحًا عقب المباراة التالية في الدوري، التي انتهت بهزيمة الفريق بنتيجة 3 - 1 بملعب ترافورد.
وفي نادي ريـال مدريد، وعلى المنوال نفسه، كثيرًا ما احتك مورينهو مع كريستيانو رونالدو، وأيكر كاسياس، وسيرجيو راموس، وكاكا، وبيبي. وكذلك في موسمه الأول مع تشيلسي، توترت علاقته بلاعبيه، وزعم كلاوديو ميكاليلي وجود مشكلات بين مورينهو وقائد الفريق جون تيري، غير أن الأخير وإدارة النادي أنكرا ذلك حينها درءًا للمشكلات.
وفي نادي مانشستر يونايتد، لم تكن المعاملة التي يتلقاها لوك شو في غرفة الملابس على المستوى المطلوب، في حين كان تعامل المدرب مع باستيان شفانشتيغر يثير الاستغراب. فعند تعيينه مدربًا، أبلغ مورينهو قائد الفريق الألماني السابق أن عليه أن يتدرب مع فريق الناشئين. ربما كان للمدرب أسبابه، لكن إعادة اللاعب للتدريب مع الفريق الأول، كما حدث الأسبوع الحالي، من شأنه أن يرسل رسالة مربكة للاعبي الفريق.
الحيرة كانت الانطباع السائد في الفريق الذي خاض مباراة فناربغشة الأخيرة، وكثيرًا ما شارك اليونايتد في المباريات وإحساس الحيرة يتملك لاعبيه الذين ظهروا فاقدين للوعي، وهو أمر غير معهود بالنسبة لفريق يقوده مورينهو.
غير أن تلك الظروف هي نفسها التي مر بها تشيلسي العام الماضي. لكن الجميع يأمل ألا يكون فريق يونايتد الآن ينفذ بنود معاهدة استسلام مماثلة لتلك التي وقعها تشيلسي العام الماضي، فقد عبر مورينهو عن أمله في البقاء بملعب أولد ترافورد على الأقل حتى نهاية العقد بعد ثلاث سنوات، لكن يبدو أن هذا العقد بات محل تفكير وقد يتغير كليًا. وكما هو الحال دائمًا في كرة القدم، فإن الحل ببساطة يمكن في استعادة ذاكرة الفوز المتواصل وإجادة اللعب.
افعل ذلك وسوف يعود الانسجام مجددًا، وحينها لن تكون في حاجة إلى تعنيف اللاعبين أمام الميكروفون.
هل أصيب مورينهو بمتلازمة العام الثالث مبكرًا مع يونايتد؟
انتقاداته العلنية للاعبيه عقب الهزيمة أمام فناربغشة تعيد ذكريات انهياره مع ناديي تشيلسي وريـال مدريد
هل أصيب مورينهو بمتلازمة العام الثالث مبكرًا مع يونايتد؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة