في مبادرة هي الأولى من نوعها في ألمانيا، استطاع مركز ثقافي لتعليم اللغة والثقافة العربية أن يحصل على موافقة أولية من سلطات مقاطعة بافاريا على تدريس اللغة العربية في المدارس الحكومية، بدءا من العام الحالي.
ويعمل المركز الثقافي لتعليم اللغة والثقافة العربية منذ تأسيسه على تعزيز اندماج الجالية التونسية والعربية في المجتمع الألماني، ولكن ابتداء من العام الحالي ستتوسع مهامه ليعمل أيضًا على تعميم اللغة وإدراجها في المدارس الحكومية بمدينة ميونيخ في مرحلة أولى. وفي مرحلة لاحقة، يخطط المركز لتوسيع نطاق هذه التجربة، لتشمل مدنا أخرى قريبة، مثل فرانكفورت وبون وكولن.
من جانبها، تعتقد السيدة سماح بلحاج سعد، مديرة ومؤسسة المركز، أن إدراج تعليم اللغة العربية في المناهج الدراسية بألمانيا سيحد من اتساع رقعة التطرف لدى الشباب من ذوي الأصول الأجنبية. وتستعد سماح، وهي مهندسة وباحثة علمية من تونس ومهاجرة بألمانيا منذ عام 2001، لإطلاق مشروعها الثقافي لتعليم اللغة والثقافة العربية في مركز بمدينة ميونيخ.
وحول بدايات المركز، قالت بلحاج، خلال لقاءها مع «الشرق الأوسط»: «ينظم بمدينة ميونيخ دروسًا في اللغة العربية للتلاميذ في كثير من المدارس الابتدائية والثانوية. وفضلاً عن مدارس أخرى، نقدم 11 ساعة لغة عربية في 4 مدارس كل أسبوع»، مضيفة: «طموحنا أن تصبح اللغة العربية مادة اختيارية إجبارية يمتحن عليها الطالب في المعاهد الثانوية، بحيث ترافقه لغة الضاد في مسيرته الدراسية. ونحن نريد تطوير المناهج، وتوفير الكتب والأدوات المدرسية، وتحديد الكفاءات اللازمة لهذا الغرض، وكذلك تكوين وتدريب معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها من ذوي الكفاءات العالية».
وحول فوائد المشروع، كشفت بلحاج أنه يساهم في مواجهة تحدي إدماج مئات الآلاف من الأطفال اللاجئين والمقيمين في ألمانيا الذين يتكلمون لغة الضاد، قائلة: «أطالب بالمساواة بين لغة الضاد ولغة يوهان فولفغانغ غوته لأن تدريس اللغة العربية سيساهم بنجاح في اندماج التلاميذ من أصول عربية وإسلامية بالنظام التعليمي الألماني، وسيتيح للتلاميذ الألمان التعرف على الثقافة العربية».
وعن أسباب ذلك - مع أن الحكومة الألمانية ترى العكس، وهو أن تعلم اللغة الألمانية يعزز الاندماج - نوهت بلحاح: «اكتساب اللغة الأم عند الطفل، وتنمية قدرته على التعبير عن مشاعره ورأيه، ينمي طاقته وقدرته على تعلم أي لغة أخرى، ويسهل اندماجه بصفة فعالة في المجتمع». واستطردت شارحة: «إذا كانت المحافظة على الهوية تساعد في تعزيز الاندماج، فإن تعليم لغة الضاد سيساعد الجالية العربية المقيمة في ألمانيا على تعلم اللغة الألمانية، وفهم معانيها وتراكيبها، وتعلم سائر اللغات الأخرى، وتمكنه من الاندماج الاجتماعي».
ووفقا لبلحاج، سيختلف المشروع عن المشروع التركي القديم حول تعليم الدين في المدراس، إذ تؤكد: «ما دفعنا لهذا الطريق الأكاديمي هو حاجة الأم لتربية بناتها تربية سليمة، وكذلك لعلمي بمدى حاجة المسلمين الماسة في المجتمع الأوروبي لأشخاص مختصين في تعليم لغة القرآن والعلوم الشرعية، وكذلك حاجة المجتمع لإدماج اللاجئين»، مضيفة: «أهم سبب دفعنا للقيام بعملنا هذا هو القضاء على التعليم العشوائي، وذلك بالمحافظة على الاعتدال عن طريق نبذ التطرف والغلو في الدين، ومنع تحريف وتغيير مبادئ الإسلام من جهة أخرى».
وأكدت بلحاج أن واجبها هي والقائمون على المركز يتمثل في السعي لرفع الجهل، ونشر فهم الإسلام فهما حقيقيا في أوروبا، لأن الجهل بالإسلام من أبنائه هو أكبر خطر يهددهم ويؤذيهم، بل ويقضي عليهم.
مركز ثقافي عربي يعلم «لغة الضاد» في مدارس بميونيخ
مبادرة تهدف لإدماج اللاجئين.. ودحر بوادر التطرف
مركز ثقافي عربي يعلم «لغة الضاد» في مدارس بميونيخ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة