ثمة 3 مسلمات تتناول الانتخابات الرئاسية الفرنسية: تقول الأولى إنه مهما تكن هوية المرشح الاشتراكي، سواء أكان ذلك الرئيس الحالي فرنسوا هولاند، أو رئيس حكومته مانويل فالس، فإن أيا منهما لن يستطيع الفوز بالسباق الرئاسي، وفق ما تجمع عليه كل استطلاعات الرأي التي ترجح بقوة أن أيا منهما لن يصل إلى الجولة الثانية، بسبب هبوط شعبية الحكومة والحزب الاشتراكي معًا.
وتقول المسلمة الثانية إن مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن سوف تتأهل للدورة الثانية، لا بل إنها سوف تحل في المرتبة الأولى في أولى الجولتين الانتخابيتين، لكن لوبن التي تحلم بالوصول إلى قصر الإليزيه ستبقى خارجه، رغم الشعبية التي تحظى بها، لأن الرأي العام الفرنسي، وفق ما يقوله المحللون وخبراء الشأن الانتخابي، ليس مهيأ بعد لرؤية اليمن المتطرف على رأس السلطة التنفيذية.
أما المسلمة الثالثة التي هي النتيجة الطبيعية لما سبق، فتؤكد أن مرشح اليمين الكلاسيكي، أي حزب الجمهوريين والوسط، هو من سيكون الرئيس الثامن للجمهورية الخامسة التي أرسى دعائمها الجنرال ديغول، لذا فإن الحرب الطاحنة الدائرة رحاها حاليًا بين 7 متنافسين في الانتخابات التمهيدية للفوز بترشيح اليمين، هي التي ستحدد هوية الفائز.
وحقيقة الأمر أن الرئاسة المقبلة تتأرجح بين اثنين، لا ثالث لهما: الأول هو آلان جوبيه، رئيس الوزراء الأسبق في عهد جاك شيراك، والثاني هو نيكولا ساركوزي، رئيس الجمهورية السابق. جوبيه كان وزير خارجية ساركوزي، وهو الأكبر سنا بين كل المرشحين، إذ يبلغ 71 عامًا. ومنذ البداية، تعهد جوبيه الذي يشغل حاليًا رئاسة بلدية مدينة بوردو، بأن يكتفي بولاية واحدة في حال انتخابه، الأمر الذي دفع منافسه إلى الاحتذاء به، رغم أنه لم يتجاوز الثانية والستين من العمر.
وتبين استطلاعات الرأي أن جوبيه هو الأوفر حظًا بالفوز بترشيح اليمين والوسط له في الانتخابات التمهيدية التي ستجرى على دورتين يومي 20 و27 من الشهر الحالي. لكن مشكلة هذه الاستطلاعات أنها إلى حد ما «عشوائية»، إذ إنها مفتوحة، بمعنى أنها لا تقتصر فقط على محازبي اليمين والوسط، بل يحق لأي ناخب مهما كان انتماؤه السياسي الاقتراع، شرط أن يوقع على إعلان من جملة واحدة تقول إنه «يتبنى» قيم «الجمهوريون».
والحال أن الناخبين غير المنتمين إلى النواة الصلبة لليمين الفرنسي يفضلون جوبيه لأنه يرفع شعار الاعتدال في مقاربة مسائل الهوية الوطنية والإسلام، بينما منافسه ساركوزي يقود حزمة يمينية متطرفة، رغبة منه في اجتذاب مؤيدي مارين لوبن، ومجاراة لتحولات الرأي العام الفرنسي، لذا فإن ساركوزي ما فتئ يحذر من «سرقة» نتائج الانتخابات التمهيدية، ومن تشويهها، إلا أنه يتهم جوبيه بـ«الاستقواء» بأصوات الوسط واليسار.
وحتى الآن، لا يبدو أن هذه الحجج قد فعلت فعلها لدى ناخبي اليمين والوسط، فآخر استطلاع للرأي بين أن جوبيه يمكن أن يحصل على 35 في المائة من الأصوات، مقابل 31 في المائة لساركوزي، وأنه سيتقدم على منافسه بالدورة الثانية من الانتخابات التمهيدية.
وقد استوعب سياسيو اليمين الفرنسي هذا الواقع الجديد، والدليل على ذلك أن تزكيتهم لأول رئيس حكومة في عهد جاك شيراك سائرة على قدم وساق، مما يعني أنهم أخذوا يفكرون بالحقائب الوزارية والدوائر الانتخابية في التشريعيات التي ستحصل في شهر يونيو (حزيران) المقبل. ثم إن هناك عاملا آخر يلعب ضد ساركوزي ولصالح جوبيه، فالكثيرون لا يريدون ساركوزي مجددا في قصر الإليزيه لأسلوبه وشخصيته أولا، ولخطه السياسي في المقام الثاني. ولذا قد يكون من المفيد لمسؤولي العالم العربي أن يتحشروا مع الوافد المنتظر المشهود له بالكفاءة والجدية.
هل يكون آلان جوبيه الرئيس الثامن للجمهورية الفرنسية؟
اليسار خارج السباق.. وفرنسا غير «مهيأة» لتقبل مارين لوبن في قصر الإليزيه
هل يكون آلان جوبيه الرئيس الثامن للجمهورية الفرنسية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة