يختتم اليوم (الأحد) المؤتمر العلمي المقام على هامش مهرجان الموسيقى العربية الـ25، الذي انعقد تحت عنوان «جماليات الموسيقى العربية بين الموروث والواقع الراهن» بمشاركة 39 باحثًا من 15 دولة، هي: مصر، الأردن، الإمارات، السعودية، لبنان، العراق، الكويت، ليبيا، اليمن، فرنسا، الجزائر، السودان، تونس، البحرين، عمان.
ناقش المشاركون ستة محاور، هي: جماليات الموسيقى العربية التقليدية وروافدها، والروافد الثقافية للموسيقى العربية التقليدية، وجماليات أداء الموسيقى العربية وإشكالية تقديم التراث، ودور الدراسات العلمية في إبراز جماليات الموسيقى العربية، وجماليات الموسيقى العربية بين الشفاهة والتدوين، وجماليات الموسيقى العربية التقليدية في إبداعنا المعاصر.
وفي أطروحته حول «جماليات توافق الوزن الشعري العربي مع اللحن» قدم د. عبد الحميد حمام من الأردن، نماذج من الأشعار الفرعونية والسومرية، موضحًا أن الحضارات القديمة صاغت أشعارها بتكرار يحافظ على الإيقاع الذي يبدو أنه تطور فيما بعد إلى النظم في إيقاع موسيقي محدد، ولكن بمعانٍ وكلمات جديدة تنسجم مع الإيقاع نفسه.
واستعرض البحث عددًا من النصوص تعود للعصر الفرعوني، والعصر الحميري في شبة الجزيرة العربية (ما لا يقل عن ستمائة عام قبل الإسلام)، مشيرًا إلى أن «القصيدة الحميرية تتكون من أشطر متوالية، وليست أبياتًا ذات شطرين، كما تنتهي بقافية واضحة لها دلالات موسيقية فيما اختلفت الأوزان الشعرية والموسيقية في القصائد الفرعونية والسومرية».
وناقش د. عامر الديدي (لبنان - الإمارات) بحثا عنوانه «جوهرية المقام في تشكيل الذائقة الجمالية للموسيقى العربية» مقدما من خلاله قراءة تاريخية وتحليلية نقدية للمقام الموسيقي العربي مستعرضا الكتابات الأولى في النظرية الموسيقية العربية منذ عهد الكندي الذي ربط بين الموسيقى وأبراج السماوية والكواكب، والفارابي الذي ربط المقام الموسيقي بالنص الشعري، وابن سينا الذي ربط بين مقامات الموسيقى وساعات النهار متأثرا بالموسيقى الهندية، وصولا إلى عصرنا الحالي حيث أخذت النغمات أسماء محددة وارتبطت بهويات قومية.
بينما قدم الباحث والصحافي السعودي أحمد الواصل بحثه المعنون «جذور على ماء النغم» متناولا من خلاله الفنون المترحلة في أغاني البحر الأحمر مركزا على «المشترك الثقافي» عبر نماذج من الفنون الأدائية في الحجاز، غرب المملكة العربية السعودية: فن الصهبة في مكة المكرمة والحجاز باعتباره فن الحضر، وأغاني السمسمية في ينبع باعتبارها فن البحارة، وفن السامر بوصفه فن البادية.
وعن روافد الموسيقى العربية المعاصرة، تحدث الباحث العراقي د. حسين الأعظمي، مشيرًا إلى أن التأثير التعبيري في الأداء الغنائي المصري أثر بشكل كبير على الموسيقى العربية، لافتا إلى أن هناك إعادة إنتاج للأنماط الموسيقية التي كانت سائدة خلال منتصف القرن العشرين، مرجعا ذلك لقوة النقاد الموسيقيين العرب آنذاك فضلا عن قوة المتلقي المتمثلة في الجماهير المحبة للطرب والموسيقى وعظمة المؤدين، مما خلق لديهم القدرة على توجيه الذائقة الفنية والجمالية لفترة زمنية كبيرة.
بينما قدم الباحث العراقي حبيب ظاهر «القيم الجمالية لأداء المقام العراقي.. ناظم الغزالي ومحمد القبانجي نموذجا» تشريحا للمقام الموسيقي العراقي الذي يؤدى بالشعر الفصيح والشعر الشعبي (الزهيري) وأنه يقوم بشكل أساسي على الارتجال. أعقبها استعرض الباحث الكويتي وليد الحداد في بحثه «جماليات الثقافة في الموسيقى الكويتية.. أسس الأغنية الكويتية وخصائصها»، مستعرضا تاريخها منذ أغاني «الحداء» التي كانت تغنى على ظهر الجمال في صحارى الجزيرة العربية، وحتى شكلها الحالي مستنكرا استعانة الأغنية المعاصرة بمقامات غير عربية وبُعد الكلمات عن مضمون الجمل اللحنية والابتعاد عن الاستعانة بالآلات الموسيقية الشرقية.
وقدم الباحث الليبي أحمد دعوب بحثًا عن «المألوف الليبي تراث وإبداع» وهو فن مستوحى من التراث الموسيقي الأندلسي الذي ينتشر في أقطار المغرب العربي، مستعرضا عددا من الشواهد السمعية لطرق أداء المألوف.
وأشار الباحث اليمني د. حسن الزغبي إلى أثر الروافد الثقافية على تشكيل اللهجة الموسيقية للغناء اليمني.
وشددت الباحثة المصرية جيهان جادو على أهمية خلق مقاربات جديدة ما بين الغناء التراثي والمعاصر لردع الفن الهابط والحفاظ على الهوية الموسيقية العربية، وذلك في بحثها المعنون «جماليات أداء الموسيقى العربية وإشكاليات تقديم التراث»، كما أوصت بالاهتمام بمدارس الإنشاد الديني لما لها من قيمة وأهمية في الحفاظ على التراث الموسيقي العربي.
وأشار د. يوسف طنوس من لبنان إلى أن الموسيقى العربية فقدت كثيرًا من تقنياتها وألحانها لاعتمادها على التناقل الشفهي وذلك حتى نهايات القرن التاسع عشر. وقام د. كفاح فاخوري من لبنان بالتعريف بأهمية وقيمة «مجلة البحث الموسيقي» التي تصدر عن المجمع العربي الموسيقي وهو إحدى هيئات جامعة الدول العربية، وهي معنية بتطوير التعليم الموسيقي وجمع التراث الموسيقي العربي. وفي الجلسة الختامية للمؤتمر، أوصى المشاركون بأهمية رعاية فنون الارتجال والاهتمام بالشعر الفصيح وتدريس علم العروض للحفاظ على إرث الموسيقى من التبدد وسط موجات العولمة الموسيقية التي فرضت مقامات غربية أدت بالتالي لتدهور الكلمة وتواري القصيدة المغناة.
مقاربة التراثي بالمعاصر ومطالبات بعودة القصيدة المغناة
دورة جديدة من مهرجان الموسيقى العربية 25
مقاربة التراثي بالمعاصر ومطالبات بعودة القصيدة المغناة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة