فاجأ زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي الأوساط السياسية والعسكرية، وأهالي مدينة الموصل بالدرجة الأولى بالتسجيل الصوتي، الذي يدعو فيه مقاتليه إلى عدم الانسحاب والقتال داخل المدينة التي يقطنها نحو مليون ونصف المليون مواطن. ويرى المراقبون والمحللون المتابعون للشأن العراقي، أن خطاب البغدادي يبدو وكأنه تصفية حساب مع المحيط السني في المحافظات الغربية من العراق التي طالما اتهمت بوصفها الحواضن التي تأوي هذا التنظيم، بينما سبق لهذا التنظيم أن ارتكب واحدة من أكبر جرائمه ضد أهل السنة وهي قتله المئات من قبيلة البونمر في محافظة الأنبار، التي تمر الآن ذكراها السنوية، إضافة إلى دعوته عناصره إلى القتال حتى النهاية في مدينة الموصل؛ وهو ما يعني جعل المواطنين دروعا بشرية في مواجهة القوات العراقية التي بدأت في اقتحام أولى أحياء الساحل الأيسر، إضافة إلى تدمير البنى التحتية في المدينة. كما هاجم البغدادي كبرى الدول السنية في المنطقة، وفي المقدمة منها تركيا والمملكة العربية السعودية. وفيما يرى عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي محمد الكربولي، أن «مسار معركة الموصل سيتغير بعد كلمة البغدادي بسبب الحاجة الماسة إلى حماية المدنيين» فإن قائد حرس نينوى الحالي ومحافظ نينوى السابق أثيل النجيفي يرى أن «خطاب البغدادي دليل على الهزيمة والانكسار، إضافة إلى كونه دعوة للانتقام من أهل الموصل الذين ثاروا ضده وقاوموه، ولم يتبعوا تعاليمه المنحرفة عن الإسلام وهم المجتمع المحافظ الذي يعرف فروض الدين الصحيح وشروطه». الكربولي والنجيفي وفي تصريحين منفصلين لـ«الشرق الأوسط» توصلا إلى قناعة مشتركة، بأن «تنظيم داعش يحارب السنة أكثر من سواهم، ولعله قتل منهم أكثر مما قتل من سواهم، كما كان سببا في نزوح وتهجير الملايين منهم».
النجيفي يضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «خطاب البغدادي لن يكون له تأثير سوى على صعيد إيضاح الحقائق التي كان البعض لا يفهمها، أو لا يريد أن يفهمها» مبينا أن «كل شيء لم يتغير على صعيد أهالي الموصل؛ لأن هذا الخطاب لم يفاجئهم، حيث لم يكن البغدادي مناصرا لهم يوما، بل هو العدو الظلامي الذي يعرف أن المجتمع السني يرفضه، وبالتالي فإن ما صدر عنه سيساعد على الهزيمة أكثر من أي وقت مضى». لكن عضو لجنة الأمن والدفاع ورئيس كتلة الحل البرلمانية عن محافظة الأنبار محمد الكربولي يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «مسار المعركة سيتغير إلى حد كبير على الرغم من أن خطاب البغدادي هو في الواقع بمثابة اعتراف مبكر بالهزيمة والانكسار؛ لأن دعوة عناصره إلى عدم الانسحاب والقتال داخل الموصل هي عملية انتقامية من أهالي المدينة؛ وهو ما يتطلب اتخاذ خطط عسكرية من شأنها تغيير مسار العمليات، بحيث تكون أكثر دقة في إصابة الأهداف». ويضيف الكربولي، إن «المعارك ستكون أصعب عندما تصل إلى الساحل الأيمن من الموصل؛ لأن هذا الساحل هو معقلهم الرئيسي، إضافة إلى كونه هو الأكثر اكتظاظا بالسكان، ويتضح من خلال خطابه أنه يريد أن يكون الناس العزل دروعا بشرية». وأشار إلى أن «القوات التي ستدخل الموصل، وهي الفرقة الذهبية وجهاز مكافحة الإرهاب، هي قوات متخصصة في حرب الشوارع، وبالتالي فإنها تعرف أهدافها بالدقة وبالقياس إلى المعارك السابقة فإنه لم تسجل على هذه القطعات أي خروقات، يضاف إلى ذلك أنه سيتم فتح ممرات آمنة لخروج المدنيين»، منوها بأن «خطاب البغدادي مجرد محاولة أخيرة في رفع معنويات أصحابه الذين هم في حالة هزائم مستمرة، ولم يعد لهم سوى الموصل وستتحرر ربما بطريقة أسهل حتى من الفلوجة».
إلى ذلك، أكد رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري أن مجزرة البو نمر ومثلها سبايكر ومثيلاتها من جرائم الإبادة بحق الطائفة الإيزيدية والشبك والمسيحيين وغيرها تؤكد بما لا يقبل الشك منهجية «داعش» الوحشية التي لا تنتمي إلى طائفة أو مذهب بعينه.
وقال الجبوري في كلمة له بمناسبة مرور عام على مجزرة عشيرة البو نمر، وهي من كبرى القبائل السنية في محافظة الأنبار غربي العراق، إن «عصابات (داعش) الإرهابية أقدمت في مثل هذا اليوم على إبادة عمياء للمدنيين، وإزهاق أرواح أكثر 2000 من الشباب والشيوخ والأطفال والنساء من عشيرة البو نمر في هستيريا جنونية للانتقام من العزل».
وأضاف، أن «عشيرة البو نمر الشجاعة قدمت أبناءها المقاتلين مشروعات استشهاد لمواجهة الباطل، وانتدبت نفسها للدفاع عن شرف العراق مع مثيلاتها من العشائر العراقية البطلة في غرب العراق». وتابع قائلا: إن «عشائرنا في الرطبة وحديثة وغيرهما من المدن لا تزال تدافع عن الأرض والعرض، وتحمي الشرف والكرامة بصمود فريد، متماسكة لا تلين عزيمتها ولا تستكين».
مشيرا إلى أن «مجزرة البو نمر ومثلها سبايكر ومثيلاتها من جرائم الإبادة بحق الطائفة الإيزيدية والشبك والمسيحيين وغيرها تؤكد بما لا يقبل الشك منهجية «داعش» الوحشية التي لا تنتمي إلى طائفة أو مذهب بعينه»، مؤكدا أن «(داعش) وزع جرائمه بالتساوي على كل مكونات هذا الشعب؛ وهو ما يتطلب منا وقفة موحدة بوجهه».
البغدادي يحرق آخر مراكبه.. ويحفر قبر «داعش»
دعا في تسجيل صوتي أتباعه إلى الثبات > قائد حرس نينوى: دليل على الهزيمة والانكسار
البغدادي يحرق آخر مراكبه.. ويحفر قبر «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة