ما بين إرهاب داعش وطائفية الحشد الشعبي، ينتظر سكان الموصل في العراق مصيراً مجهولاً، فبينما يحتدم الصراع في العملية العسكرية لتحرير الموصل من التنظيم الإرهابي، تنتاب آلاف الأسر من سكان المدينة حالة من عدم اليقين، فوسط مخاوف من استخدامهم كدروع بشرية في الحرب الدائرة بين القوات العراقية المدعومة بميليشيات الحشد الشعبي الطائفية، وتنظيم "داعش" الذي سيطر على الموصل لعامين ونصف العام من جهة أخرى، أو تطهير على أساس عرقي كما حصل في المدن التي تم تحريرها كالرمادي والفلوجة.
ويجد أكثر من 1.5 مليون مدني داخل الموصل أنفسهم بين سندان استخدامهم من قبل إرهابي داعش دروعاً بشرية، ومطرقة الحصار الخانق من الجهات الأربع للمدينة مما يعيق إمكانية فرارهم، وانتشار مسلحي الحشد الشعبي من الجهة الغربية، وفي حال نجحوا باستعادة تلعفر سيدفع بالمدنيين إلى عدم استخدامها، خوفاً من تعرضهم لانتهاكات عانى منها أبناء مناطق كانت الميليشيات قد شاركت في تحريرها.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، إن (داعش) أجبر المئات من المدنيين على الوقوف كدروع بشرية لوقف الهجوم على المدينة، وندد مجلس الأمن، باستخدام المدنيين دروعا بشرية، في معركة استعادة السيطرة على ثاني أكبر مدن العراق.
وتلقى مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، معلومات عن أن متطرفي داعش أجبروا 200 عائلة من قرية السمالية على التحرك إلى الموصل يوم الاثنين الماضي، وذكر أن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنه تلقى تقارير تفيد بأن مقاتلي داعش قتلوا مدنيين حاولوا الثورة ضدهم. ويبقى نحو 1.5 مليون مدني محاصرين في الموصل، بينهم 600 ألف طفل على الأقل.
وحذّر مقرر الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية أداما دينغ، قوات الحكومة العراقية والمجموعات المسلحة المتحالفة معها من ارتكاب "أعمال انتقامية" بحق المدنيين في مدينة الموصل (شمال)، على أساس طائفي، وقال في بيان "أي نوع من أنواع العنف الانتقامي ضد الأفراد (المدنيين) على أساس انتمائهم إلى جماعة معينة هو أمر غير مقبول". وأضاف "نذكر حكومة العراق أن عملياتها العسكرية يجب أن تتم مع الاحترام الكامل للقانون الدولي، وأنه ينبغي معالجة جميع مزاعم العنف الانتقامي من قبل قوات الأمن أو من قبل الميليشيات المسلحة المرتبطة بها على نحو فعال ودون تأخير". وتابع المسؤول الأممي "مسؤولية القيادة تعني أن من هم في السلطة (الحكومة العراقية) سيكونون مسؤولين عن تصرفات القوات الخاضعة لسيطرتهم (القوات الحكومية والمسلحين المتحالفين)".
وأدان دينغ "الاستخفاف المطلق لتنظيم داعش الإرهابي بكافة قواعد القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان في سياق العمليات العسكرية الجارية في الموصل وحولها". وأوضح أن هناك "تقارير عديدة تفيد باستخدام تنظيم داعش لأعداد كبيرة من المدنيين كدروع بشرية، فضلا عن استخدام الأسلحة الكيماوية والعقاب الجماعي لأفراد قوات الأمن العراقية وأقاربهم.
يأتي ذلك وسط تحذيرات حقوقية من ارتكاب ميليشيات "الحشد الشعبي انتهاكات" ضد أهالي الموصل؛ حيث سبق أن واجهت اتهامات بارتكاب "انتهاكات" ضد أهالي مدن تم تحريرها كالفلوجة.
كما حذرت منظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية من أن أكثر من نصف مليون طفل في الموصل معرضون لخطر الموت، وقالت المنظمة غير الحكومية إن أطفال الموصل قد لا يجدون طرقا آمنة للهروب من المدينة مع اقتراب القوات العراقية من استعادتها من تنظيم داعش، كما دعت الحكومة البريطانية للضغط على القوات العراقية وقوات التحالف لفتح ممرات آمنة للمدنيين.
وفي الأثناء، قال مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة إن عشرات الآلاف في الموصل قد يحاصَرون ويُستخدمون دروعا بشرية، متوقعا أن يصل عدد من سيضطرون للفرار إلى مليون شخص، بينما لا تستوعب الأماكن التي أُعدت لاستقبال النازحين حتى الآن إلا ستين ألفا فقط.
من جهة أخرى، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إنه أكد خلال لقائه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على ضرورة حماية المدنيين أثناء معارك الموصل، مضيفا أنه طالب بمنح الحرية لسكان المدينة والسماح لهم بالبقاء أو التحرك لمناطق أخرى بحسب رغبتهم.
بدورها، قالت منسقة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ليز غراند في مؤتمر صحفي من بغداد، إنه تم وضع خطة طوارئ شاملة في الموصل، متوقعة نزوح مليون شخص، وأضافت "توقعاتنا المبنية على معلومات أطلعنا عليها الجيش العراقي، بأنه في حال بدأت حركة سكانية كبيرة فمن المحتمل أن يكون ذلك خلال خمسة إلى ستة أيام"، مؤكدة أن تجهيز المساعدات لسد احتياجات النازحين يحتاج وقتا طويلا.
وأجمعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمة الدولية الهجرة ومنظمة العفو الدولية، والمجلس النرويجي للاجئين وهيئات ووكالات أممية عديدة والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على ضرورة تجنيب المدنيين ويلات المعارك، وطالبت بفتح ممرات آمنة لخروجهم من المدينة.
المدنيون في الموصل.. دروع بشرية أم تطهير عرقي؟
أكثر من مليون ونصف المليون من السكان محاصرون في المدينة
المدنيون في الموصل.. دروع بشرية أم تطهير عرقي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة