حيدت الأحوال الجوية السيئة في حلب، طائرات النظام السوري عن المعركة المستمرة منذ أربعة أيام، وشهدت أمس تراجعًا بالمواجهات، إذ تركزت على محاور 1070 شقة ومنيان وضاحية الأسد غرب مدينة حلب، وسط استعدادات من قبل طرفي النزاع لجولة جديدة من المعارك في المنطقة، تلي الهجوم الأول الذي استطاعت فيه قوات المعارضة وحلفاؤها من إحراز تقدم في المنطقة.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن هناك تحضيرات من قبل الفصائل ومن قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها لجولة جديدة من المعارك، حيث تحاول الفصائل الوصول إلى أحياء حلب الشرقية، مشيرًا إلى أن «الجولات القادمة قد تكون أعنف إذا ما استمر قرار قيادة الفصائل بالاستمرار على الرغم من وصول التعزيزات العسكرية للنظام»، متوقعًا أن تكون الجولة الجديدة من المعارك «معركة كسر عظم». وقال: «قد نشهد حربا حقيقية في مدينة حلب، والمدني السوري سيكون ضحية القتل المستمر، وعلى الجميع تجنيب المدنيين القتل، لأن من يدافع عنهم لا يقتلهم».
في هذا الوقت، شهدت منطقة حلب اشتباكات متقطعة بعد توقف الغارات المكثفة على أطراف حلب الغربية بسبب الأمطار. وتركزت الاشتباكات على جبهتين أساسيتين هما ضاحية الأسد ومحيط مشروع 1070 شقة. وتحدث ناشطون عن أن المعارضة «أسرت ضابطًا من قوات النظام برتبة ملازم كان مختبئًا بأحد الأبنية السكنية في ضاحية الأسد غرب حلب».
بدوره، قال المرصد إن الفصائل «أسرت عنصرين من قوات النظام أحدهما ضابط في منطقة ضاحية الأسد جنوب غربي حلب، كذلك قصفت الطائرات الحربية مناطق في بلدات كفرناها وأورم الكبرى والمنصورة بريف حلب الغربي».
وأدت المعارك، خلال أربعة أيام، إلى مقتل 53 شخصًا من ضمنهم 18 طفلاً و6 مواطنات، إثر استهداف مناطق سيطرة قوات النظام في أحياء حلب الغربية، بمئات القذائف الصاروخية والقذائف محلية الصنع، حيث استهدفت القذائف أحياء الميرديان والحمدانية وجمعية الزهراء وصلاح الدين ومناطق أخرى في القسم الغربي من مدينة حلب، بحسب ما ذكر «المرصد السوري».
وفي حين يتواصل الجدل حول مشاركة عناصر متشددة تتبع فصيل «جبهة فتح الشام» في معارك حلب، قال خالد خوجا، العضو البارز في الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة السورية، إن الأشخاص المحاصرين في الأحياء الشرقية لمدينة حلب السورية لا يستطيعون رفض تلقي مساعدة من الجهاديين، منتقدا «عدم التحرك» الدولي لكسر الحصار عن المدينة.
ويأتي ذلك ردًا على إعلان النظام السوري مع حليفته روسيا أنه يستهدف الأحياء الشرقية لحلب بسبب تواجد مقاتلين من «جبهة فتح الشام» التي كانت تعرف في السابق بـ«جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم القاعدة، في هذه الأحياء.
ودعا المبعوث الأممي لسوريا، ستيفان دي ميستورا، الجهاديين إلى مغادرة المدينة للمساعدة في إدخال المساعدات التي يحتاجها نحو 250 ألف مدني يعيشون تحت الحصار.
إلا أن خوجا أكد أن السكان المحاصرين ومسلحي المعارضة الذين يحاولون الدفاع عنهم ليس أمامهم من خيار إلا قبول المساعدة التي يقدمها المقاتلون الإسلاميون. وقال خوجا لوكالة الصحافة الفرنسية، في جنيف، إن «عدم تحرك المجتمع الدولي لكسر الحصار عن حلب سمح لـ(جبهة النصرة) بالتدخل في هذه المعركة»، مضيفًا: «لا يمكننا أن نطلب من الناس الذين يعانون داخل حلب بسبب الحصار رفض المساعدة من أي طرف».
وقال إن عدد مقاتلي «النصرة» في شرق حلب لا يتجاوز 300 مقاتل من بين نحو 20 ألف مقاتل، وهي الأرقام التي تختلف عن أرقام الأمم المتحدة التي تقدر عدد المقاتلين بنحو ثمانية آلاف مقاتل داخل المنطقة المحاصرة من المدينة، من بينهم نحو 900 ينتمون إلى «جبهة النصرة».
إلى ذلك، حقق تنظيم داعش، أمس، تقدمًا على حساب الفصائل العاملة في عملية «درع الفرات»، حيث استعاد السيطرة على 7 قرى على الأقل بالقرب من بلدة أخترين بريف حلب الشمالي الشرقي. وتحدث ناشطون عن معارك «كر وفر بين الفصائل المقاتلة والإسلامية المدعومة من القوات والطائرات التركية من طرف، وتنظيم داعش من طرف آخر في ريف حلب الشمالي، وسط تبادل الطرفين التقدم والسيطرة على قرى في ريف حلب الشمالي، بعد أن كان التنظيم استعادها».
بدوره، قال «مكتب أخبار سوريا» المعارض، إن التنظيم المتشدد «سيطر على 12 قرية بريفي حلب الشمالي والشرقي، بعد انسحاب فصائل الجيش الحر منها». ونقل عن أبو محمد الشامي، أحد مقاتلي «الجبهة الشامية» المعارضة، قوله إن عناصر التنظيم «تسللوا إلى قرى تويس وكسار والغوز وبرعانة والواش وطنوزة ودوير الهوى وحومد والباروزة وثلثانة وجب العاصي جنوب بلدة أخترين بريف حلب الشمالي، وتمكنوا من السيطرة عليها مستغلين حالة الطقس والأمطار الغزيرة التي هطلت أمس والتي أدت إلى تحييد الطيران الحربي التركي الذي يساند مقاتلي الجيش الحر في معاركهم ضد التنظيم ضمن معركة (درع الفرات)».
ومن جهة أخرى، اندلعت اشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية التي تحاول التقدم على محاور قرى كفر خاشر وكلجبرين وكفر كلبين بريف حلب الشمالي، وسط قصف مدفعي متبادل بين الجانبين، من دون أن تحرز أي تقدم حتى الآن.
في غضون ذلك، قالت مصادر المعارضة السورية، إن عناصر القوات النظامية، أطلقت الرصاص على قافلة مساعدات أممية يرافقها عناصر الهلال الأحمر السوري، التي كان من المقرر دخولها إلى مناطق بريف حماه الجنوبي الخاضعة لسيطرة المعارضة والمحاصرة من قبل النظام منذ أكثر من أربع سنوات، ما أجبرها على الرجوع إلى مدينة حماه.
وأوضح عامر السعيد، من سكان ريف حماه الجنوبي، أن القوات النظامية والميليشيات المساندة لها المتمركزة في حاجز مفرق قرية كفر قدح، أطلقت الرصاص على القافلة بشكل مباشر، ما أجبرها على العودة. وتعد مناطق ريف حماه الجنوبي مجاورة لريف حمص الشمالي الذي يحاصره النظام أيضا منذ أكثر من أربع سنوات، إلا أن المساعدات الأممية تدخل إلى معظم مناطق ريف حمص بشكل متكرر، لا سيما منطقة الحولة التي تدخل إليها قافلة مساعدات كل 45 يوما.
تحضيرات لجولة جديدة من القتال على محور غرب حلب
المعارضة تأسر عنصرين للنظام.. والأمطار تحيد سلاح الجو عن المعركة
تحضيرات لجولة جديدة من القتال على محور غرب حلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة