معارضو عون يتجهون لمشاركته الحكم ضمن «حكومة وحدة وطنية» موسعة

الدعوات لتشكيل حكومة أكثرية لا تلقى التأييد المطلوب

معارضو عون يتجهون لمشاركته الحكم  ضمن «حكومة وحدة وطنية» موسعة
TT

معارضو عون يتجهون لمشاركته الحكم ضمن «حكومة وحدة وطنية» موسعة

معارضو عون يتجهون لمشاركته الحكم  ضمن «حكومة وحدة وطنية» موسعة

لا يبدو أن أيا من معارضي رئيس الجمهورية المنتخب حديثا العماد ميشال عون متمسك بالانزواء خارج السلطة وفي صفوف المعارضة قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات النيابية المقبلة. إذ ترجّح كل المعطيات إلى توجه القسم الأكبر منهم للانضمام إلى الحكومة التي سيشكلها رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري، وإن كانوا سيعمدون إلى التلويح بالبقاء خارج السلطة لرفع سقفهم ومحاولة كسب أكبر عدد ممكن من الوزارات.
وكما كان متوقعا، لم تلق الدعوة لتشكيل حكومة أكثرية لتكون المعارضة خارج السلطة، الترحيب المطلوب، خصوصا مع إصرار الرئيس عون وفريقه السياسي على لم شمل كل الفرقاء في الحكومة المقبلة ما سيعطيها برأيهم الزخم المطلوب للقيام بالمهام الملقاة على عاتقها.
وسيسعى الثنائي عون - الحريري في الساعات القليلة المقبلة لمحاولة رأب الصدع مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد تفاقم الخلافات بينهم على خلفية التفاهمات التي تمت بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» واعتبر بري أنّها تجاوزته. ويعتبر الثنائي المذكور الرئيس بري غطاء لا بد منه للحكومة المقبلة خصوصا مع تسليم ما يسمى «حزب الله» هذا الملف لحليفه رئيس المجلس النيابي، وبالتالي عدم إمكانية السير بحكومة لا تضم الثنائي الشيعي أو تضم الحزب من دون بري نظرا لما سيشكله ذلك من إحراج أمام المجتمع الدولي الذي يصنف الحزب منظمة إرهابية.
وإن كانت مصادر الرئيس بري اعتبرت أنّه من السابق لأوانه الحسم بما إذا كانوا سيكونون جزءا من الحكومة المقبلة أو من المعارضة، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كتلة «التنمية والتحرير» ستعقد اجتماعا اليوم الأربعاء لاتخاذ قرار بتسمية الحريري لرئاسة الحكومة أو عدمه، وأشار رئيس الجمهورية ورئيس حزب «الكتائب» السابق أمين الجميل إلى أن حزبه الذي لم يسمّ عون رئيسا للبلاد بناء على موقف مبدئي، سيسمي الحريري لرئاسة الحكومة من منطلق أنّه «حليف من حقبة طويلة وشريك بثورة الأرز كما أنه يرأس كتلة نيابية مهمة ويمثل شريحة واسعة من الطائفة السنية الكريمة». وقال الجميل لـ«الشرق الأوسط»: «حزب الكتائب لم يحسم موضوع مشاركته في الحكومة وهو ينتظر ما سيعرضه عليه رئيسها، وبالتالي إذا شعر أن حضوره سيكون فعالا وليس رمزيا فعندها سيكون شريكا فيها».
ورجّح الجميل أن تتشكل الحكومة المقبلة من «أكثرية كبيرة وتحظى بنسبة كبيرة من تأييد مجلس النواب»، معتبرا أنه «وإن قامت معارضة من خارج السلطة فهي ستكون غير قادرة على تشكيل كتلة وازنة تتمكن من الاعتراض على القرارات الحكومية والمحاسبة الفعالة؛ نظرا إلى أنه وفي الوضع الراهن يتم إعادة تركيب التحالفات السياسية بين الكتل والأحزاب».
وكما حزب «الكتائب»، يبدو أن تيار «المردة» الذي يرأسه النائب سليمان فرنجية والذي عارض كذلك وصول عون لرئاسة الجمهورية، يتجه لتسمية الحريري رئيسا للحكومة. هذا ما أشار إليه عضو كتلة فرنجية النيابية، النائب سليم كرم الذي تحدث عن توجه للتصويت له على أن تتخذ الكتلة قرارا نهائيا في هذا الخصوص اليوم الأربعاء. وقال كرم لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن البلد يحتمل معارضة هدّامة في هذه المرحلة، خصوصا أننا نمر بوضع سيئ للغاية يستدعي أن نكون يدا واحدة لإعادة هيكلة البلد وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية وإعادة المسار الديمقراطي والذي انطلق مع انتخاب رئيس إلى ما كان عليه قبل عامين ونصف».
أما وزير الاتصالات بطرس حرب، أحد القياديين البارزين في قوى «14 آذار» فاعتبر أن «كل تجارب حكومات الوفاق الوطني فشلت»، لذلك دعا الرئيس عون إلى «حماية النظام الديمقراطي من خلال تشكيل حكومة بأكثرية موالية ومعارضة تحاسب». وقال في تصريح له: «إذا كنا في المعارضة، فإنها لن تكون موجهة ضد رئيس الجمهورية بل سنتعاون معه الرئيس هو الحكم في اللعبة السياسية».
موقف حرب تناغم مع ما أعلنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي دعا لتشكيل «حكومة واضحة المعالم»، وأضاف: «أما أن نأتي من كل وادٍ عصا وأن نتقاتل على طاولة مجلس الوزراء فلن نصل إلى نتيجة». وقال: «أتمنى أن يكون هذا العهد عهد وضوح، لست ضد حكومة الوحدة الوطنية ولكنني مع حكومة واضحة المعالم وليس عبر جمع الشيء ونقيضه».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.