لبنان: «جمود» في السوق العقارية بانتظار انفراجات سياسية

الحرب السورية والتحذيرات الخليجية هبطت بالأسعار 12 %

تعاني السوق العقارية في لبنان من «جمود» في حركة التداول العقاري (أ.ب)
تعاني السوق العقارية في لبنان من «جمود» في حركة التداول العقاري (أ.ب)
TT

لبنان: «جمود» في السوق العقارية بانتظار انفراجات سياسية

تعاني السوق العقارية في لبنان من «جمود» في حركة التداول العقاري (أ.ب)
تعاني السوق العقارية في لبنان من «جمود» في حركة التداول العقاري (أ.ب)

تعاني السوق العقارية في لبنان من «جمود» في حركة التداول العقاري، بفعل التوترات التي تسود المنطقة، وتحديدًا الحرب السورية التي قلّصت الطفرة التي كانت قائمة قبل أربعة أعوام، فضلاً عن أسباب أخرى مرتبطة بتراجع إقبال المواطنين العرب على شراء العقارات في لبنان، وسط تأكيدات بأن أسعار العقارات لم تنخفض، لكن ما تشهده هو «تصحيح أوضاع» بعد أن كانت ارتفعت سابقًا عن مستواها الفعلي نتيجة زيادة الطلب، بأكثر من أن ما يحدث حاليًا هو انخفاض تحت المستوى الحقيقي للسعر العادل للأصول.
ولا يخفى أن القطاع العقاري يشكل دورةً اقتصادية متكاملة، ورغم تراجع الإقبال خلال العامين الأخيرين، فإن هذا القطاع «لم ينهر ولم تتدنّ أسعار الأبنية والشقق»، خلافًا لما يتم تداوله، وذلك يؤكد «أنه قطاع متماسك»، بدليل الحركة العمرانية التي تنتشر على امتداد بيروت وجبل لبنان، وسط توقعات بـ«فورة عقارية» جديدة، تشابه ما حدث قبل 5 سنوات، عندما يتحسن الوضع السياسي والأمني في المنطقة.
ويجزم العضو المؤسس للمطورين العقاريين رئيس مجلس العمل اللبناني - القبرصي جورج شهوان لـ«الشرق الأوسط» بأنه «لا خوف إطلاقًا على أي انهيار لقطاع العقارات»، موضحًا أن 17 مليون لبناني مغترب، إضافة إلى 4 ملايين مقيم يسعون لتملك منازل وشقق في بلدهم، «مما يؤدي إلى تماسك ومتانة الوضع العقاري»، مشيرًا إلى أن الرهان على المغتربين، فضلاً عن الأردنيين والعراقيين والمصريين الذين يسعون لتملك العقارات في لبنان، كون «هناك طبقة ميسورة تشتري العقار، من غير أن ننسى الدور الخليجي التاريخي والأساسي في هذا المضمار».
ويلفت شهوان إلى أن الحركة العقارية تتفاعل في مدينة بيروت وصولاً إلى جبل لبنان، من برمانا وبيت مري وكسروان وبحرصاف وجونيه، إلى عاليه والشوف وسواهم، لا سيما أن هذه المناطق ذات طبيعة خلاّبة، ناهيك بقربها من العاصمة.
لذلك، يقول شهوان إن «ثمة قدرة شرائية للمغترب اللبناني، كونه يتملك في بلده، ويعلم علم اليقين أن العقار متماسك ومضمون، وهو الذي يصول ويجول في أصقاع العالم ويدرك مدى متانة الوضع العقاري في بلده».
ولا ينفي شهوان أن الوضع الراهن، يتصف بالجمود العقاري، قائلاً إن هناك أسبابًا وظروفًا وعوامل تؤدي إلى هذا الجمود، أهمها «الأحداث والتحولات والمتغيرات في المنطقة». ويضيف أن «لبنان لا يعيش في جزيرة منعزلة، إذ تؤثر هذه الأحداث على كلّ مفاصل الأوضاع اللبنانية سياسيًا واقتصاديًا وعقاريًا وسياحيًا، وأهمها الحرب السورية، نظرًا لقرب الحدود بين البلدين وعوامل كثيرة مرتبطة بهذه الحرب».
ويشير شهوان إلى أن «النقطة المركزية الأخرى في أسباب الجمود العقاري، مرتبطة بتحذيرات السفر لرعايا دول مجلس التعاون الخليجي إلى لبنان، والمعروف أن السعوديين والخليجيين بشكل عام يقبلون على شراء العقارات في لبنان ولهم أملاك في معظم المناطق، وغالبًا لا يبيعون أملاكهم، بل البعض ربما في العاصمة أو غيرها لظروف معينة يبيع هذه الأملاك». ويضيف أنه «من الطبيعي أن عدم قدومهم إلى لبنان كما السابق، كان له تأثير على الوضع العقاري والجمود الحاصل اليوم، لأنهم يدركون أن العقار في لبنان مربح أكثر من أي دولة أخرى، وخصوصًا في هذه المرحلة نظرًا للحروب الحاصلة إقليميًا، إضافة إلى ما يجري في أوروبا من إرهاب وأوضاع أمنية غير مستقرة»، مشيرًا إلى أن المواطنين الخليجيين «يؤكدون متانة العقار في لبنان، على الرغم من كل الحروب التي مرّت على هذا البلد، وأثبت العقار في لبنان أنه الأهم حتى أكثر من دول أوروبية وأميركية».
من هذا المنطلق، يقول العضو المؤسس للمطورين العقاريين، إن «هذه الفترة التي تسود العلاقة اللبنانية - الخليجية كان لها التأثير الواضح على الجمود في العقارات وغيرها من الملفات، ومن خلال علاقاتي مع أشقاء خليجيين، أدرك مدى محبة السعوديين وأهل الخليج قاطبةً للبنان، وأتمنى أن تعود هذه العلاقات إلى طبيعتها، لا سيما أن هناك استقرارًا أمنيًا في لبنان.. ومن خلال متابعتي وعلاقاتي مع مسؤولين أوروبيين وغيرهم، أعرف أن هناك إجماعًا دوليًا على استقرار لبنان، وهذا عامل أساسي يحصن البلد والقطاع العقاري وسائر المرافق الأخرى».
ويشير شهوان إلى أن المواطن الخليجي يشتري اليوم في قبرص وتركيا، ولكنه يعلم أن لبنان هو الأفضل، والعقار تحديدًا مضمون على كلّ المستويات، مما يعني أنه عامل مربح له، كما «يعرف لبنان جيدًا وعاداته وتقاليده وحسن الضيافة، ناهيك بالروابط الاجتماعية بين لبنان والسعودية والخليج، فكل ذلك له دوره من خلال العودة المنتظرة لأهلنا في الخليج إلى لبنان».
أما العامل الآخر الذي يؤدي إلى حالة الجمود، فيتمثل بالفراغ الرئاسي وعدم انتخاب رئيس للجمهورية. ويتوقع شهوان أنه «لحظة انتخاب الرئيس وعودة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة على وجه الخصوص، فهذا سيؤدي إلى فورة عقارية لا مثيل لها وانفراجات على كل المستويات».
ويخلص جورج شهوان بالإعراب عن توقعاته بتحسن الوضع العقاري وخروجه من حالة الجمود الراهنة في وقت ليس ببعيد، من خلال انفراجات سياسية في لبنان، مشيرًا إلى أن «ما يحصل اليوم هو جمود وعملية تصحيح للأسعار التي ارتفعت خلال السنوات الخمس الماضية بلغت نسبة من 10 إلى 12 في المائة في بعض الأحيان، وليس هناك أي انهيار في القطاع العقاري».
وفي سياق آخر، ثمة حركة عقارية تبرز بوضوح في الساحل صعودًا من خلدة إلى الدوحة وعرمون ومعظم وقرى وبلدات جبل لبنان. وإن كان الجمود واضح المعالم، فإنه ليس هناك ما يدل على هشاشة القطاع العقاري، وهذا ما يشير إليه رئيس بلدية عرمون الشيخ فضيل الجوهري لـ«الشرق الأوسط»، في إشارة إلى الفورة الإعمارية في هذه المنطقة.
ويقول الجوهري: «من خلال متابعتي، يمكنني التأكيد أن العقار في لبنان بألف خير، لا أحد ينكر أن هناك جمودًا لظروف سياسية واقتصادية وغيرها، ولكن الناس تقبل على شراء العقار، ونحن لنا باع طويل في هذا الشأن وندرك جيدًا أن المرحلة المقبلة في لبنان ستشهد فورة إعمارية هي الأبرز، آملاً أن يعود السعوديون والقطريون وأهل الخليج إلى لبنان، باعتبارهم يساهمون في دعم الإعمار والاقتصاد، ولهم تاريخ مشرّف في دعم لبنان وهذا سنلمسه في المدى المنظور»، مؤكدًا أن عرمون والدوحة وغيرهما من قرى وبلدات الجبل «هي من الأماكن المشرفة على العاصمة، والعقار في هذه المناطق متين إلى أبعد الحدود، ويتحسن إلى الأفضل عندما تتحسن الظروف السياسية في الداخل والمنطقة».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».