الخارجية البريطانية تنفي علاقتها بورشة عمل في دمشق تروج للنظام

تهدف لرفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية

الخارجية البريطانية تنفي علاقتها بورشة عمل في دمشق تروج للنظام
TT

الخارجية البريطانية تنفي علاقتها بورشة عمل في دمشق تروج للنظام

الخارجية البريطانية تنفي علاقتها بورشة عمل في دمشق تروج للنظام

قال مسؤول بريطاني، أمس، إن حكومة المملكة المتحدة لا تدعم ورشة العمل المنعقدة حاليا بدمشق بدعوة من الجمعية البريطانية السورية حول «الواقع الراهن في سوريا»، كما أن الورشة لا تمثّل الحكومة البريطانية. جاء هذا النفي في الوقت الذي تكتم فيه إعلام النظام على مجريات الورشة التي تسعى لتبييض صفحة النظام في الغرب.
وقال الممثل البريطاني الخاص لسوريا، غاريث بايلي، في تصريح له، أمس: «ننصح بشدة بعدم المشاركة في مناسبات وأحداث من هذا النوع لأسباب أمنية بسبب الأوضاع الخطيرة في سوريا، ولأن هذه المناسبات تجازف بتعرضها للتلاعب من أجل الدعاية والترويج للنظام السوري». وأضاف بايلي «هذه الورشة تنعقد في مكان ليس ببعيد عن سجون الأسد، حيث يوجد كثير من السجناء السياسيين المعتقلين من مفكرين وكتّاب وقادة رأي في سوريا».
ورغم أن ورشة العمل التي نظمتها الجمعية البريطانية السورية في دمشق تندرج ضمن حملة الدعاية لإعادة تبييض نظام الأسد، دوليا، إلا أنها انعقدت في دمشق بعيدا عن الإعلام وفي ظل تكتم شديد، ولم يورد الإعلام الرسمي في دمشق التابع للنظام، ذكر أي تفاصيل عن أعمال الورشة، في حين نقلت صحيفة «الوطن» الخاصة القريبة منه، خبرا مقتضبا عن انطلاق أعمال الورشة يوم أول من أمس، نقلا عن صحيفة «الغارديان» البريطانية. بينما لم تأت على ذكرها الصفحات الموالية للنظام، وهي بالعشرات على مواقع التواصل الاجتماعي، مع الإشارة إلى أن هذه الصفحات التي تدار بإشراف مباشر من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام تنشط عادة في نشر أنباء وتفاصيل لا يقاربها الإعلام الرسمي عادة.
وانعقدت الورشة على مدار يومي (الأحد والاثنين)، تحت عنوان: «تداعيات الحرب على سوريا»، بمشاركة وفد بريطاني يضم عسكريين وسياسيين سابقين وأكاديميين وإعلاميين، وعضو حزب «الليبراليين الديمقراطيين».
ومن المتحدثين في الورشة الضابط السابق للقوات الخاصة الميجر جنرال جون هولمز، الذي يدير شركة خدمات أمنية، ولورد أكسفورد ريمون أسكويث ممثل «الديمقراطيين الأحرار» في مجلس اللوردات، والذي شغل منصبًا في وزارة الخارجية البريطانية لعدة عقود، والبريطاني ستيف أندروز والسفيرة التشيكية في دمشق إيفا فيليبي. كما شارك محلل الشؤون الدفاعية في أحد المعاهد الروسية، كمال علام، وعدد من المسؤولين في النظام، بينهم بثينة شعبان المسؤولة الإعلامية لرئيس النظام السوري، ووزير الدولة لشؤون المصالحة علي حيدر وأعضاء في مجلس الشعب، مثل فارس الشهابي وماريا سعادة. وتأتي هذه الورشة بعد توقف نشاط (الجمعية البريطانية السورية) في لندن تزامنا مع اندلاع الثورة في سوريا ضد نظام الأسد عام 2011.
ومن الموضوعات التي طرحت في الورشة «تداعيات الحرب على سوريا»، وهو الوصف الذي يعتمده النظام لما يجري في البلاد، إضافة لجلسة عن «أسباب فشل المصالحات والهدن في حلب»، وأخرى عن «العقوبات الاقتصادية المفروضة» على النظام. وبحسب مصادر متابعة، فإن الهدف من عقد الورشة «حملة علاقات عامة تهدف لتبييض صفحة نظام الأسد والترويج في الإعلام الغربي، والقول إن ما يجري في سوريا هو حرب عليها من الخارج، مع نفي وجود ثورة شعب ضد نظام استبدادي». وهناك هدف آخر يسعى إليه النظام بشكل حثيث، وهو رفع العقوبات عن النظام أو تخفيفها، بزعم أنها تؤثر على المدنيين السوريين». وتضيف المصادر: «لم تتوقف محاولات النظام عن فتح قنوات اتصال خلفية مع صناع القرار في الغرب، كما لم تتوقف دعايته عن مخاطبة الرأي العام الغربي وترويج أفكاره لما يدور في سوريا، بأنها حرب ضد الإرهاب (الإسلامي) الذي يستهدف سوريا والغرب أيضا».
يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي فرض الأسبوع الماضي عقوبات اقتصادية جديدة على سوريا، تشمل 10 من كبار المسؤولين في النظام من المتهمين بالمشاركة في «القمع العنيف الذي يمارس ضد المدنيين» في سوريا، ويضاف ذلك إلى عقوبات أخرى تشمل أكثر من مائتي شخص وسبعين كيانا، إضافة إلى تجميد الأصول العائدة إليهم، وتلك العائدة للبنك المركزي السوري حتى الأول من يونيو (حزيران) 2017.
وتنشط الجمعية السورية البريطانية التي أسست عام 2000 في لندن، ورئيسها فواز الأخرس، في الترويج للنظام. وبعد أن توقفت عن عقد أي نشاطات علنية منذ عام 2011 تعود اليوم إلى الواجهة مستغلة توجهات بريطانيا نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي وإظهار بريطانيا اهتماما خاصا بالملف السوري واستضافتها عددا من اللقاءات الخاصة بهذا الملف.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.