انتخب البرلمان اللبناني أمس، النائب ميشال عون رئيسًا للجمهورية اللبنانية بعد دورتين من الاقتراع، وليضع هذا الانتخاب حدًّا للفراغ الرئاسي الذي دام 30 شهرًا. وقد حمل خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس الجديد عناوين داخلية شددت على «التصدي للتدهور الاقتصادي ودعم الجيش اللبناني ومواجهة الإرهاب، وحماية لبنان من نيران المنطقة». وأكد في الموضوع الخارجي على «الالتزام بقرارات الجامعة العربية، واتباع سياسة خارجية تنأى بلبنان عن نيران المنطقة». ورأى أن «لا حل في سوريا من دون عودة النازحين».
ونال في الدورة الأولى 84 صوتًا وكان ينقصه صوتان فقط للفوز بثلثي الأصوات، ما استدعى الذهاب إلى دورة ثانية نال فيها 83 صوتًا ليصبح الرئيس الثالث عشر للبنان.
وإذا كانت مرت الانتخابات الرئاسية مرّت على خير، وبأجواء ديمقراطية وحضور سياسي ودبلوماسي وعسكري كبير، فإن الأجواء الودية التي سادت الجلسة والمواقف التي تلتها، أوحت بأن جميع القوى بمن فيهم بري، يرغبون في التعاون مع العهد الجديد، وهذا ما أوحى به بري، الذي أعاد تذكير عون بشرعية المجلس النيابي الممدد له (باعتبار أن عون وصفه أكثر من مرة بأنه غير شرعي)، توجه في كلمة ألقاها بعد إعلان النتيجة إلى الرئيس الجديد بالقول: «يسرني يا فخامة الرئيس أن أرحب بكم تحت قبة البرلمان الذي أنت أحد أركان شرعيته اليوم، وقد أنجز مجلس النواب اللبناني الاستحقاق الرئاسي بانتخابكم، فإنه يعهد إليكم باسم الشعب قيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان، فيما الريح تعصف والأمواج تتلاطم من حولنا وتهدد بتقسيم المقسم من أقطارنا ومن أقطار جوارنا العربي». ورأى أن «دخول المنطقة بحروب استتباع لا تنتهي، وتفضي بالتأكيد إلى إسرائيليات على شكل فدراليات وكونفيدراليات طائفية ومذهبية وعرقية وجهوية وفئوية».
وطالب بري بـ«إعطاء الأولوية لدعم الجيش بالعتيد والعتاد وتعزيز المؤسسات الأمنية للقيام بمهام الدفاع إلى جانب المقاومة وجانب الشعب». وأشار إلى أنه «نتيجة المعضلة الرئاسية خسرنا الكثير، فالأولويات الآن تنطلق من التفاهم برأيي على قانون عصري للانتخابات، وهذا لا يحقق إلا باعتماد النسبية وتأكيد الكوتا النسائية ومشاركة الشباب في الاقتراع»، لافتًا إلى أن «العبور من الطائفية إلى الدولة ودون إلحاق الضرر بالطوائف لا يمر إلا عبر هذا القانون». وختم بري «انتخابكم يجب أن يكون بداية وليس نهاية، وهذا المجلس على استعداد لمد اليد لإعلاء لبنان».
بعد ذلك اعتلى عون المنصة الرئيسية، وأدى اليمين الدستورية، ثم ألقى خطاب القسم، فقال: «أتيت من مسيرة نضالية طويلة مليئة بالتضحيات خصوصا في المؤسسة العسكرية والسلطة العامة». ويأمل في «تأمين استقرار يطمح إليه اللبنانيون كي لا تكون أول خطوة لكل لبناني السفر». وشدد على أن «أول خطوة نحو الاستقرار هي في الاستقرار السياسي ولا يمكن أن تطبق إلا باحترام الميثاق والدستور والقوانين ويجب تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني من دون استنسابية». وأضاف: «علينا أن نعيش روح الدستور من خلال المناصفة الفعلية وإقرار قانون انتخابي والوحدة الوطنية من مقومات الاستقرار الأمني».
ورأى عون أن «لبنان السائر بين الألغام لا يزال بمنأى عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة، وسنمنع وصول أي شرارة إليه»، مؤكدا «الالتزام بقرارات الجامعة العربية وسنتبع سياسة خارجية تنأى بنفسها عن نيران المنطقة وسنحمي وطننا من العدو الإسرائيلي»، و«التعامل مع الإرهاب باستباقية وردعية حتى القضاء عليه». مشددا على أن «لا حل في سوريا من دون عودة النازحين ويجب تثبيت حق العودة للفلسطينيين»، لافتا إلى معالجة «مشكلة النازحين من خلال التعاون مع الدول والسلطات المعنية والتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة».
وتابع الرئيس اللبناني «الأمن والقضاء مرتبطان بمهمات متكاملة، أما مشروع تعزيز الجيش وتطوير قدراته سيكون هاجسي وأولويتي ليصبح جيشنا قادرا على حماية أرضه». ودعا إلى «اعتماد خطة وطنية لمعالجة الوضع الاقتصادي»، مؤكدا «اعتماد اللامركزية الإدارية وإرساء منظومة قوانين تحمينا من الفساد والعمل على تفعيل أجهزة الرقابة»، مشددًا في شأن الصراع مع إسرائيل بالقول، «فإننا لن نألو جهدًا ولن نوفر مقاومة، في سبيل تحرير ما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلّة، وحماية وطننا من عدوٍّ لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية».
ولم يغفل خطاب القسم الوضع الاقتصادي، حيث شدد عون على أن «الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية والإنمائية والصحية والبيئية والتربوية تمر بأزمات متلاحقة، لا بل متواصلة، لأسباب عدة خارجية وداخلية، وإذا كانت الأسباب الخارجية عاصية علينا ولا نستطيع سوى الحدّ من آثارها، فإن الداخلية منها تفرض علينا نهجًا تغييريًا لمعالجتها، يبدأ بإصلاحٍ اقتصادي يقوم على التخطيط والتنسيق بين الوزارات، والتأليل في مختلف إدارات الدولة، إذ لا يمكن أن نستمر من دون خطة اقتصادية شاملة مبنية على خطط قطاعية؛ فالدولة من دون تخطيط لا يستقيم بناؤها، والدولة من دون مجتمع مدني لا يمكن بناؤها».
بعد ذلك تلقى عون وبري تهاني النواب والدبلوماسيين والسياسيين في مجلس النواب، ثم انتقل بري إلى القصر الجمهوري واستعرض الحرس الجمهوري ورفع العلم اللبناني على باب القصر ثم تسلم مهامه الرئاسية. بدوره هنأ رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الرئيس ميشال عون بانتخابه رئيسا للجمهورية، واعتبر «أن فوزه برئاسة الجمهورية هو فوز للخط السياسي وأن التصويت بالورقة البيضاء لم يطلبه أحد مني، لكني أخذت هذا القرار لكي أحفظ حلفائي وعدم إحراجهم كي لا يتم الانتقام منهم».
عون رئيسًا للجمهورية بغالبية 83 صوتًا والقوى السياسية تشدد على التعاون مع عهده
أكد الالتزام بقرارات الجامعة العربية وحماية لبنان من نيران المنطقة
عون رئيسًا للجمهورية بغالبية 83 صوتًا والقوى السياسية تشدد على التعاون مع عهده
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة