وزير يمني لـ «الشرق الأوسط»: أي حل لا ينهي الانقلاب «قنبلة موقوتة»

ياسر الرعيني حذَّر من تجدد وإنتاج أزمات مستقبلية

وزير يمني لـ «الشرق الأوسط»: أي حل لا ينهي الانقلاب «قنبلة موقوتة»
TT

وزير يمني لـ «الشرق الأوسط»: أي حل لا ينهي الانقلاب «قنبلة موقوتة»

وزير يمني لـ «الشرق الأوسط»: أي حل لا ينهي الانقلاب «قنبلة موقوتة»

قال وزير الدولة لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني اليمني ياسر الرعيني، إن الحكومة ملتزمة بمرجعيات الحل السياسي المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والقرار الأممي 2216، «وكل ما يتعارض مع ذلك لا يعنينا من قريب أو بعيد»، معللا ذلك: «انطلاقًا من حرصنا في الحكومة على إحلال السلام الدائم والشامل، واستجابة لتطلعات اليمنيين في إنهاء الانقلاب وما ترتب عليه، وتثبيت السلام الذي يحول دون إعادة تجدد وإنتاج أزمات مستقبلية».
الرعيني يرى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الحل الجذري هو إنهاء الانقلاب، وما ترتب عليه»، وأي حلول أخرى تنطلق خارج إطار هذا الجانب يصفها بـ«القنابل الموقوتة» للمستقبل، ومن شأنها «تفجير الأوضاع بضراوة أشد مما هي عليه الآن».
ويقول الوزير: «إن التعامل المسؤول من الحكومة وحرصها على إحلال السلام، دفعها للتعاطي مع المبادرات الإيجابية، بما فيها توقيع وفد الحكومة المفاوض على مشروع التسوية في مشاورات الكويت، والذي قوبل برفض وفد الانقلابيين التوقيع عليه، الأمر الذي يؤكد أن هذه الميليشيات إنما تهدف من خلال هذه المماطلة تطويل الأزمة لإنهاك الوطن، والسعي لانتزاع شرعية لانقلابهم وهو ما لم ولن يتم مطلقًا».
ولفت إلى أن إقدام الميليشيات على خرق الهدنة الأخيرة في دقائقها الأولى، يكشف حجم الاستهتار بالجهود الرامية إلى إيقاف الحرب والتخفيف من معاناة المواطنين.
ويشدد الرعيني بالقول إن «الانقلابيين مستمرون في التعبئة والتحشيد للزج بالمقاتلين في جبهاتهم القتالية دون اكتراث لمآلات ذلك وعواقبه المؤلمة في إزهاق الأرواح وتدمير الوطن أمنيا واقتصاديا واجتماعيا وغير ذلك، وعدم الاهتمام مطلقا بالوضع الذي وصل إليه المجتمع ومعاناة أبنائه وانقطاع المرتبات وانتشار الأوبئة وغير ذلك من الكوارث والمصائب، الشاهدة على سوء الانقلابيين ومشروعهم الرجعي التدميري».
وأوضح أن الانقلاب قائم في الأساس «على القتل والدمار والعمل الميليشياوي والحرب والتنكيل والتدمير، وقوى الانقلاب لم ولن تلتزم بالاتفاقيات والمواثيق، فقد انقلبت على مخرجات الحوار الوطني التي أجمع عليها كل الوطن بفئاته وتياراته، كما استمرت في تماديها ونكوصها عن كل المبادرات والجهود المبذولة لإحلال السلام منذ بدء انقلابها حتى اليوم».
وفيما يتعلق بالخطوات التصعيدية للانقلابيين سياسيا وعسكريا، أشار الرعيني إلى أن ذلك يندرج في إطار استمرار عرقلة طريق الحلول السلمية، والابتزاز للمواقف الدولية الحريصة على السلام، وهذه الخطوات تعزز قناعة المجتمع الدولي بأن هذه الميليشيات لا تؤمن بالحل السلمي ولا يمكن أن تستجيب للغة الحوار والوصول إلى حلول سلمية.
وجدد تأكيده حرص الحكومة على الأمن والاستقرار والسلام في كل ربوع الوطن، وتعاملها بمسؤولية عالية، ودعمها لجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ، وأي جهود من شأنها إنهاء الانقلاب واستئناف العملية السياسية بطرق سلمية، وفقًا للمرجعيات المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني والقرار الأممي 2216.
ويؤكد الرعيني ضرورة مساندة الحكومة الشرعية لاستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب كليًا، وإزالة كل ما ترتب عليه من آثار، إما بالتزام الانقلاب بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وتنفيذ القرار 2216، أو فرض ذلك عليهم لإنهاء هذا الانقلاب المشؤوم، ومن ثم استكمال استحقاقات المرحلة من خلال استئناف العملية السياسية.
وشدد الوزير «على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بدور فاعل في الضغوط على الانقلابيين للالتزام بتنفيذ القرار الأممي 2216 والتعهدات السابقة، وإدانة أي محاولات للتنصل عن ذلك وكشفه للعالم، والوقوف مع الحكومة لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإنهاء الانقلاب».
وحول أداء الحكومة الشرعية، قال وزير الدولة لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، إن الحكومة تعمل على تنفيذ خططها وبرامجها، سواء فيما يتعلق بالمجال العسكري أو الخدمي والتنموي، وهذه الخطط يتم تنفيذها وفقًا للآليات التي تحقق استكمال تحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين، وكذا تطبيع الأوضاع في المحافظات المحررة وتحقيق الأمن والاستقرار. كما تعمل الحكومة على تعزيز أداء السلطات المحلية في تحقيق الأمن والاستقرار، وتلبية الاحتياجات الخدمية، وخصوصًا العاجلة منها التي تلامس حياة المواطن اليومية، وإعادة إنعاش الاقتصاد اليمني وتوفير الموارد اللازمة لعمل مؤسسات الدولة، وفقًا للإمكانات المتاحة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.