قصة تغيير الإدارة في مجموعة «تاتا»

التكتل الهندي العملاق تبلغ قيمته 104 مليارات دولار

قصة تغيير الإدارة في مجموعة «تاتا»
TT

قصة تغيير الإدارة في مجموعة «تاتا»

قصة تغيير الإدارة في مجموعة «تاتا»

في خطوة سلبية لشركة كبرى، تمت إقالة الرئيس التنفيذي وفق أقصر إشعار ممكن، أعلن التكتل الهندي العملاق، الذي تبلغ قيمته السوقية 103.51 مليار دولار، الإطاحة المفاجئة برئيس مجلس الإدارة سايروس ميستري.
وفي الأثناء ذاتها، تسلم راتان تاتا، الحفيد الأكبر لصاحب التكتل الهندي العملاق الذي يبلغ عمره 150 عاما ويتألف من 100 شركة موزعة على القارات الست، المنصب المؤقت لرئيس مجلس إدارة المجموعة.
يبلغ عمر راتان تاتا 78 عاما من عمره، وهو الحفيد الأكبر لجامستجي تاتا المؤسس الأول للشركة، ويترأس في الوقت نفسه الصناديق المالية التي تشكل ثلثي رأسمال المجموعة، وفي عهد راتان تاتا استطاعت المجموعة تحقيق أكبر استحواذ استثماري في تاريخها بالتوقيع على صفقة شراء شركة كورس الأوروبية العملاقة لصناعات الحديد والصلب بمبلغ 12.9 مليار دولار في عام 2007، ثم الاستحواذ الثاني والأهم في تاريخها على شركة جاجوار لاند روفر البريطانية في صفقة بلغت قيمتها 2.3 مليار دولار في عام 2008.
وبين عامي 2005 و2008 تمكنت المجموعة من الاستحواذ على أكثر من 40 شركة تعمل في مختلف المجالات والأعمال مثل الحديد والصلب، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والفنادق، والمشروبات؛ وذلك وفقا للبيانات التي نشرتها مجموعة «تاتا» الهندية العملاقة على موقعها الرسمي.
ولا تزال أسباب استبعاد ثم استبدال ميستري غير معروفة، حيث أثار خبر الإطاحة به، السريع والمفاجئ للغاية، الكثير من التكهنات والنظريات، غير أن الكلمة المشتركة التي يتداولها الجميع الآن تفيد بأن ميستري لم يكن مديرا تنفيذيا ناجحا.
وفي حين أن مختلف غرف الأخبار وصفحات «تويتر» باتت تناقش الأسباب المحتملة لمثل هذا القرار المفاجئ، وتعول على الأداء والكفاءة، والالتزام الشديد بالقيم العليا التي تمثلها مجموعة «تاتا» الهندية، حيث اندلعت معركة في قاعة الاجتماعات الكبرى بالمجموعة بين اثنين من كبار المساهمين، أو مجموعة متنوعة ومعقدة من المساهمين وأصحاب المصالح في المجموعة، ومن غير المتوقع الوقوف على الحقيقة الواضحة بشأن هكذا قضية في المستقبل القريب.
كان ميستري البالغ من العمر 48 عاما لا ينتمي بصلة القرابة إلى العائلة المؤسسة لشركة «تاتا»، ولقد انضم إلى مجلس إدارة المجموعة في عام 2006، ووقع الاختيار عليه من جانب راتان تاتا ليخلفه على رئاسة مجلس إدارة المجموعة عند تقاعده في عام 2012. ويمتلك بالونجي شابورجي ميستري، والد سايروس ميستري، ما نسبته 18.5 في المائة من أسهم مجموعة «تاتا»؛ مما يجعله أكبر المساهمين المفردين في المجموعة وتمتلك عائلته الأسهم المشار إليها في صورة صناديق التمويل العائلية، وشقيقته الوو متزوجة من الأخ غير الشقيق لراتان تاتا ويدعى نويل.
كانت إقالة سايروس ميستري خطوة غير معتادة من قبل مجموعة «تاتا» غير المعروفة بنشوب المعارك داخل غرف الاجتماعات، تلك التي تردد صداها خارج مبنى بومباي هاوس المقر الرئيسي للتكتل الهندي العملاق، ومن المثير للاهتمام، أن أسهم الكثير من الشركات المملوكة لمجموعة «تاتا» قد ارتفعت بصورة كبيرة منذ 28 ديسمبر (كانون الأول) 2012، وهو تاريخ تولي ميستري مهام منصبه الجديد، وحققت شركة «تاتا للخدمات الاستشارية»، وشركة «تاتا موتورز» أرباحا بنسبة 91 في المائة و81 في المائة على التوالي، وارتفعت أسهم شركة «تاتا للاتصالات» بنسبة 183 في المائة، ومع ذلك، انخفضت أسهم شركة «تاتا باور» بنسبة 23 في المائة، وأسهم شركة «تاتا العالمية للمشروبات» بنسبة 4 في المائة، وهبطت أسهم شركة «تاتا للصلب» أيضا بنسبة 0.50 في المائة خلال الفترة نفسها. وتضاعفت القيمة السوقية الإجمالية لمجموع أسهم الشركات المدرجة على قوائم مجموعة «تاتا» تقريبا خلال السنوات الأربع التالية على تولي ميستري مهام منصبه رئيسا لمجلس إدارة المجموعة، محققة رقما إجماليا يبلغ 125 مليار دولار الآن.
كان ميستري يتصف بالحزم الشديد في أداء الأعمال، وربما أنه دخل في حالة من التحدي الصريح في مواجهة الإرث التاريخي لشركات «تاتا» في أسلوب إدارة الأعمال، حيث إنهم لا يتمتعون بالكثير من الحس التجاري.
وكانت إحدى الاستراتيجيات التي يعتمدها ميستري تقوم على خفض الديون عن طريق بيع الأصول، وهي في غالب الأحيان من استراتيجيات الملاذ الأخير لدى الشركات كافة.
كانت الكثير من القرارات التي اتخذها ميستري، ومن بينها التخلص من بعض الممتلكات العقارية الفندقية المملوكة للمجموعة الهندية في الخارج، وعلى وجه الخصوص الخطوة التي اتخذها لإغلاق عمليات الصلب في المملكة المتحدة، والتي تعرضت لانتقادات شديدة بين صناديق «تاتا» وبريطانيا.
قالت إحدى الشخصيات القريبة من مجموعة «تاتا»: «كانت هناك أيضا حالة من القلق المستمر داخل أروقة المجموعة بأن ميستري يتعمد بيع (مجوهرات العائلة)، و(يفكك كل ما شيدته الشركة) عن طريق قراراته ببيع مقتنياتها الراقية، لقد أراد للمجموعة أن تبدو وأنها تخسر في مجال الأعمال بدلا من بيعها بصورة مباشرة».
ولقد واجه ميستري كذلك الاتهامات بالفشل في تنمية «جاجوار لاند روفر» وهي العلامة التجارية المرموقة، التي تمكنت مجموعة «تاتا» من الاستحواذ عليها في عام 2008.
على نحو مماثل، جاء قرار التورط في المعركة القانونية الشهيرة والكبيرة ضد شركة «إن تي تي دوكومو» اليابانية، وهي من أكبر شركات الهواتف في اليابان، بمثابة المسمار الأخير في نعش ميستري، حيث لم يوافق راتان تاتا شخصيا على هذه القضية، وذلك وفقا لبعض التقارير الإخبارية التي أفادت بذلك.
وكانت هناك شراكة قد انعقدت بين شركة «إن تي تي دوكومو» وبين مجموعة «تاتا» في عام 2009 لإنشاء شركة للاتصالات، التي فشلت بسبب اللوائح الصارمة للشركات الأجنبية والمنافسة الشديدة من شركات أخرى. وسعت الشركة اليابانية لرفع الأمر إلى التحكيم الدولي وحصلت على تسوية بمقدار 1.2 مليار دولار. وتشير بعض التقارير الإخبارية إلى أن مجموعة «تاتا» كانت ملتزمة بحماية استثمارات شركة «إن تي تي دوكومو» اليابانية، وعندما اتخذ ميستري قراره بإنهاء علاقة الشراكة بين الشركتين، لم يتمكن راتان تاتا من إصلاح الأمر في حينه.
وظهرت مقالة على صفحات مجلة «الإيكونيميست» مؤخرا تشير إلى فشل ميستري في إعادة تنظيم الإمبراطورية مترامية الأطراف للمجموعة العملاقة، التي تضم شركات تعمل في مختلف المجالات من صناعة الساعات وحتى استشارات تكنولوجيا المعلومات، التي نادرا ما تتواصل مع بعضها بعضا. وعلى الرغم من أنه أظهر بعض المؤشرات الواعدة، كما قالت مجلة «الإيكونيميست» الشهر الماضي: «يبدو أنه لديه قناعة لدرجة خطيرة بالبقاء على رأس الشركة التي تحولت إلى فيل ضخم ومثير للإعجاب، ولكنه يتحرك بخطى متثاقلة جدا».
اتخذ مجلس إدارة مجموعة «تاتا» قراره بإبعاد ميستري عقب اجتماع مطول، مع ستة من أصل تسعة أعضاء صوتوا لصالح إقالته، وامتنع عضوان عن التصويت. ولا يزال ميستري، الذي لم يتمكن من التصويت، رئيسا للمجلس خلال تلك الجلسة المطولة.
وفقا لبعض المصادر المطلعة على تلك التطورات، يبدو أن اهتمامات ميستري بالمشروعات العقارية صب في صالح شركة شابورجي بالونجي وشركاه «مجموعة إس بي»، التي يديرها والده بالونجي ميستري وشقيقه الأكبر شابر ميستري، وهو السبب الرئيسي وراء استبعاده من مجموعة «تاتا».
قال تي. في. موهانداس باي، العضو الأسبق في مجلس إدارة شركة «إنفوسيس»، لشبكة «إي تي ناو» الإخبارية، إن عودة راتان تاتا إلى مجلس إدارة المجموعة تعكس أن هناك أمرا خاطئا يجري داخل مجموعة «تاتا».
إن محاولة تغيير الثقافة الاستراتيجية داخل مجموعة عملاقة مثل مجموعة «تاتا» الهندية يعد من التحديات الكبرى. ولقد تولى ميستري منصبه بهدف لم شمل المجموعة وتوحيد صفوفها وقيادة التحول فيها، ولكننا لم نر أي شيء يحدث من ذلك على الإطلاق وبدا الرجل وأنه يصنع ما كان يصنعه من قبل من دون أي تغيير يُذكر. وقال المؤلف غوروتشاران داس، إن المساهمين في المجموعة كانوا في حالة عصبية شديدة عندما باغتتهم مفاجأة كهذه. وليس من الجيد وقوع مفاجآت كهذه في مجموعة استثمارية كبيرة مثل «تاتا»، حيث يصاب المساهمون بعصبية متزايدة. ولكنني أعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك نوع من التوضيح من قبل المجموعة حول اتخاذ هذه الخطوة.
وقال إيه. كيه. برابهاكار، الذي يترأس مؤسسة «آي دي بي آي كابيتال» الاستثمارية: «كان لسايروس منهج مختلف في التعامل مع الأشياء. حيث كان يعزز من أعمال مجموعة (تاتا) عن طريق التخلص من الشركات غير الأساسية، وكان يركز على الشركات ذات هوامش الربح الكبيرة. والناس في مجموعة (تاتا) يتمتعون بخصال طيبة كالبشر، ولكن من ناحية المال والأعمال، أراهم مسرفين بعض الشيء».
انتقد الكثيرون الطريقة التي أقيل بها ميستري من منصبه. حيث يقول المهندس باي رئيس مجلس إدارة مؤسسة «مانيبال العالمية للتعليم»، إن مجلس إدارة مجموعة «تاتا» تعامل مع الموقف برمته بطريقة سيئة. وإن إقالة ميستري تعتبر إدانة من جانب المجموعة حياله وليس هناك من وسيلة يدافع بها الرجل عن نفسه، وكان يمكن تجنب الموقف المحتمل من خلال بعض المعاملات الإدارية التي تليق بمنصب رئيس مجلس الإدارة. وأضاف باي يقول في تعليقه: «تصرف مجلس إدارة المجموعة بطريقة تعسفية، لكنه عصف أيضا بشخصية تترأس المجلس نفسه. ولقد قرر ستة من الأعضاء التصويت وامتنع اثنان. ومن المثير للفضول أن نعرف من امتنع عن التصويت. وأشعر بأنهم من كبار الأعضاء سنا الذين لم يرغبوا في التصويت ضد ميستري».
وحقيقة أن المجلس اعتبر أن إعادة راتان تاتا من التقاعد لإدارة المجموعة على نحو مؤقت في هذه الظروف ينم عن أمور غير جيدة بالنسبة للمجموعة.
حيث يقول شريرام سوبرأمانيان، وهو مستشار الوكلاء في شركة «إن - جوفرن»: «يدل ذلك على عدم وجود خطة للخلافة في المجموعة.



في انتصار لدونالد ترمب... بيع ميناءين بقناة بنما لـ«بلاك روك»

شعار «بلاك روك» على مقرها الرئيسي في حي مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)
شعار «بلاك روك» على مقرها الرئيسي في حي مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)
TT

في انتصار لدونالد ترمب... بيع ميناءين بقناة بنما لـ«بلاك روك»

شعار «بلاك روك» على مقرها الرئيسي في حي مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)
شعار «بلاك روك» على مقرها الرئيسي في حي مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)

وافقت شركة «بلاك روك» الأميركية؛ كبرى شركات إدارة الأصول في العالم، على شراء ميناءين رئيسيين في قناة بنما من مالكهما الذي يتخذ من هونغ كونغ مقراً له، وذلك بعد ضغوط من دونالد ترمب بسبب النفوذ الصيني المزعوم في الممر المائي الحيوي.

وفي إشارة واضحة إلى الموانئ، زعم الرئيس الأميركي مراراً وتكراراً أن «الصين تدير قناة بنما»، مضيفاً الشهر الماضي: «سنستعيدها، أو سيحدث شيء قوي للغاية».

وستبيع شركة «سي كي هاتشيسون» المالكة الموانئ، ومقرها هونغ كونغ، الأعمال إلى كونسورتيوم يضم شركات: «بلاك روك» و«غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز» و«تيرمينال إنفستمنت»، وفقاً لبيان صادر عن الشركة يوم الثلاثاء.

وفي استثمار واسع النطاق بهذا القطاع، سيستحوذ الكونسورتيوم على حصة 90 في المائة بشركة «سي كيه هاتشيسون» التي تدير الميناءين في بنما.

وتشمل الصفقة أيضاً حصة 80 في المائة من الشركات التابعة لـ«سي كيه هاتشيسون» في الموانئ، والتي تدير 43 ميناء في 23 دولة؛ بما فيها المملكة المتحدة وألمانيا.