دخل ناشطان سياسيان جزائريان في إضراب عن الطعام بسجنهما جنوب البلاد، واشترطا استدعاء القضاء مسؤولا بارزا في الرئاسة، ومدير المخابرات المعزول، وزعيم الأغلبية المستقيل حديثا، بهدف سماع شهادتهم في أحداث عرقية، مقابل توقيف الحركة الاحتجاجية.
وقال المحامي صالح دبوز، لصحافيين أمس، إن موكليه شيخ عمي إبراهيم فخار ودادي بابا أحمد، المعتقلين بسجن غرداية (600 كلم جنوب) منذ ثلاثة أشهر، يطالبان بسماع شهادة وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحي، بخصوص تصريحات سابقة له، جاء فيها بأن «أطرافا محلية وأجنبية ضالعة في الأحداث التي هزت منطقة الميزاب»، في إشارة إلى حرب شوارع حقيقية وقعت في السنوات الماضية بين طائفتي «الشعانبة» المالكية الناطقة بالعربية، و«الميزابية» الإباضية الناطقة بالأمازيغية.
أما أمين عام «جبهة التحرير الوطني»، عمار سعداني، المستقيل من منصبه السبت الماضي، فقد صرح بأن مدير المخابرات السابق الجنرال محمد مدين «هو من دبر أحداثا غربية»، وعلى هذا الأساس يطالب الناشطان المعتقلان الميزابيان بسماع شهادتهما بخصوص القضية، التي شكلت خطورة كبيرة على وحدة البلاد.
وتتهم النيابة فخار وهو طبيب، وبابا أحمد، بالتحريض على مواجهة رجال الأمن بالسلاح الأبيض أثناء الأحداث، التي خلفت قتلى وجرحى ودمارا في المرافق، ولا يعرف أسبابها الحقيقية بالضبط، ما عدا تفسيرات قدمتها الصحافة، مفادها بأن الطائفتين تجمع بينهما أحقاد دفينة.
وجاءت اتهامات سعداني لمسؤول المخابرات السابق في سياق معركة حادة داخل أجنحة النظام بين «جماعة الرئيس بوتفليقة»، التي ينتمي إليها سعداني، ومدير المخابرات الذي عزله الرئيس العام الماضي، بسبب خلافات حادة بينهما تخص شؤون الحكم. وظل مدين الشهير بـ«توفيق» يتلقى الاتهامات من سعداني لمدة عام، بعضها خطير للغاية، من دون أن يحرك ساكنا.
ومن المستبعد أن ينزل القضاء عند طلب الناشطين، بحكم أن الحكومة تتحاشى فتح الجرح من جديد بعد أن استقرت الأوضاع في غرداية. ويقول المحامي دبوز، وهو ناشط حقوقي، إن الشخصيات الثلاثة «أدلت بتصريحات مهمة تتعلق بالأحداث، واتهام رئيس الاستخبارات العسكرية بالتورط فيها، شيء بغاية الأهمية فكيف تغمض السلطة القضائية عينها عن ذلك، بينما تحتفظ بشخصين في السجن لمجرد أنهما شاركا في مظاهرات؟».
واعتقلت الشرطة فخار، بعد أن أصدر بيانا يتهم فيه الشرطة بـ«الانحياز إلى عصابات من الشباب بينما تغض الطرف عن أعمال التخريب التي قام بها هؤلاء، والتي طالت محلات وأملاكا تتبع لبني ميزاب»، واتهم الشرطة أيضا «بالتملص من مسؤوليتها في حماية مقبرة لوجهاء بني ميزاب، تعرضت للتخريب». وتحدث فخار في بيانه عن «حرب مفتوحة ضد الطائفة الميزابية، تقودها السلطة المركزية بالعاصمة من دون سبب معروف». يشار إلى أن الناشط الحقوقي ينتمي للحزب المعارض «جبهة القوى الاشتراكية». وأفاد فخار، الذي دخل السجن عدة مرات بسبب مواقفه السياسية من السلطة، بأن بني ميزاب «لن يلجأوا إلى قوات الأمن بعد اليوم، وإنما سيدافعون عن أنفسهم بإمكانياتهم الخاصة.. وسوف ننظم أنفسنا لحماية بيوتنا وأملاكنا». ودعا فخار «العالم أجمع إلى أن يكون له موقف من المذابح التي نتعرض لها قبل فوات الأوان».
وحاول عقلاء المنطقة من المجموعتين في 2013 إيجاد حل للنعرات الدينية، التي يحكمها خيط رفيع سرعان ما ينقطع عند أول خلاف بسيط. وأبرم الطرفان في منتصف العام نفسه اتفاقا مكتوبا، يتضمن تعهدا بالاحتكام لوجهاء المنطقة وأئمتها الإباضيين والمالكيين السنة، في حال نشوب خلاف ذي طابع عرقي. كما تعهدوا بعدم استعمال القوة ولا حتى رفع شكوى إلى شرطة أو قضاء. وتضمن الاتفاق إنشاء هيئة سميت «أهل الحل والربط»، تكفلت بـ«إخماد الفتنة». ولكن الاتفاق لم يصمد أبدا أمام الضغائن التي يكنها كل طرف نحو الآخر
الجزائر: ناشطان سياسيان يطالبان باستدعاء مسؤولين كبار شرطاً لوقف الإضراب بسجنهما
بعد اتهام مدير المخابرات المعزول بالتورط في أحداث طائفية بجنوب البلاد
الجزائر: ناشطان سياسيان يطالبان باستدعاء مسؤولين كبار شرطاً لوقف الإضراب بسجنهما
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة