نشاط مكثف في الأمم المتحدة للتغلب على الفيتو الروسي.. وإنقاذ حلب

نيوزيلندا تسعى لتمرير قرار جديد يتوج دبلوماسيتها قبل انتهاء عضويتها بمجلس الأمن

نشاط مكثف في الأمم المتحدة للتغلب على الفيتو الروسي.. وإنقاذ حلب
TT

نشاط مكثف في الأمم المتحدة للتغلب على الفيتو الروسي.. وإنقاذ حلب

نشاط مكثف في الأمم المتحدة للتغلب على الفيتو الروسي.. وإنقاذ حلب

كثفت بعض الدول الغربية في مجلس الأمن من نشاطها باتجاه استصدار قرار دولي من مجلس الأمن بخصوص حلب، وهددت إن فشلت، أن تطلب جلسة طارئة للجمعية العامة المؤلفة من 193 عضوا، يخفف من آثار الفيتو الروسي ويدعو لوقف الغارات الجوية برمتها هناك.
ووزعت نيوزيلندا، الجمعة الماضي، مشروع قرار منقحا يهدف إلى وضع حد لجميع الهجمات التي قد تؤدي إلى قتل المدنيين في سوريا، وتحديدا عن طريق الجو على حلب. واليوم الأربعاء، يتسلم مجلس الأمن، التقرير الشهري حول الوضع الإنساني في سوريا كما يناقش يوم غد الخميس، ملف الأسلحة الكيماوية، ولا سيما التقرير النهائي للأمم المتحدة المشترك مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية المسماة (جيم)، التي وجدت أن النظام السوري مسؤول عن هجوم ثالث بالأسلحة الكيميائية في سوريا عام 2015.
وينص المشروع النيوزيلندي الذي تشترك به إسبانيا ومصر، على وقف الأعمال العدائية في كافة أنحاء سوريا، ويشير إلى ضرورة توفير بيئة مناسبة لاستئناف المباحثات السلمية. وحسب وزير خارجية مصر، سامح شكري، فإن الهدف النهائي يتمثل في تخفيف معاناة الشعب السوري وتزويده بإمدادات الإغاثة، ووقف الأعمال العدائية بين الأطراف المتنازعة من أجل إنهاء الأزمة سياسيا.
وكان المندوب الروسي، فيتالي تشوركين، الذي نقض مشروع قرار فرنسي في مجلس الأمن في الثامن من الشهر الحالي، أكد في الجلسة نفسها على ترحيبه بالأفكار النيوزلندية ووعد بدراستها جيدا. وعليه فإن وزير الخارجية، سيرغي لافروف بحث هاتفيا مع نظيره النيوزيلندي ماراي ماكالي المشروع المطروح.
وأفشلت روسيا مشروع القرار الفرنسي الذي ينص على وقف القصف الجوي وتحليق الطيران العسكري فوق مدينة حلب، كما أفشلت بالمقابل الدول الغربية مشروع القرار الروسي الذي لا يطالب بوقف التحليق.
المشروعان فشلا، إلا أن نيوزيلندا بدأت تتفاوض على تمرير قرار جديد قد يتوج دبلوماسيتها، أن صدر، بإنجاز عظيم، خاصة قبل أن تنتهي عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن بنهاية العام. وقد يلاقى مشروعها استحسانا، كونه يكرر ويجمع ما جاء بمشروعي القرارين الفرنسي والروسي. وعلى نيوزيلندا أن تختار اللغة المناسبة كي يتم التصويت على القرار دون فيتو.
وتنص المسودة الحالية على أن مجلس الأمن يطالب بـ«وضع حد لجميع الهجمات التي قد تؤدي إلى وفاة أو إصابة المدنيين، أو الإضرار بالأهداف المدنية في سوريا، وعلى وجه الخصوص، تلك التي يتم تنفيذها جوا على حلب».
وإن تم الموافقة على العبارة المتعلقة بحلب، من جميع الدول دائمة العضوية فهذا يعني أن هناك منطقة حظر جوي فوق حلب. ويحتاج أي مشروع كي يصبح قرارا إلى 9 أصوات مؤيدة شريطة عدم تصويت أي عضو دائم بالرفض كون الرفض يعني الفيتو أو حق النقض.
وبما أن النص الفرنسي، قد حصل على أكثر من 9 أصوات إيجابية، فإن موافقة روسيا على النص النيوزيلندي يعني نجاح المشروع. وعمدت نيوزيلندا، أن تضع مقترحات المبعوث الأممي الخاص لسوريا، ستيفان دي ميستورا داخل مشروعها، لتكسبه شرعية أكبر وخاصة أن المقترح كان ضمن المشروع الروسي الفاشل، وهو ما يتعلق «بخروج مسلحي النصرة من أحياء حلب الشرقية».
وتبدو باريس عازمة على تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن، تريده تحت الفصل السابع، لا يكتفي بإدانة المسؤولين عن اللجوء إلى «الكيماوي»، بل يفرض عقوبات دولية عليهم. وتريد باريس من كل «الشركاء» التعاون وتحمل مسؤولياتهم، فيما يبدو أنه تحذير لروسيا من العودة مجددا إلى «الفيتو».
وان فشلت الجهود الحالية، فالجمعية العامة ستقصد الخطة البديلة.
وتقوم دول مثل كندا والسعودية، بتكثيف حملاتها من أجل دعوة الجمعية العامة لعقدة دورة طارئة لمناقشة الوضع في حلب. ومع العلم أن الدورة العادية ورقمها 71 معقودة لغاية سبتمبر (أيلول) 2017، إلا أن مناقشة ملف غير مدرج على جدول الأعمال الحالي، بحاجة لعقد دورة استثنائية أو طارئة وخاصة، عندما يتطلب الأمر التصويت على مشروع قرار، وهو الأمر الذي تسعى إليه الدول التي نجحت قبل أسبوع في عقد جلسة للجمعية «لكنها غير رسمية».
ويوم الخميس الماضي، عقدت الجمعية العامة جلسة (غير رسمية) بطلب من 70 دولة لدعم حلب، حيث أيد المندوب السعودي عبد الله المعلمي، خلالها، اقتراح (الهيئة العليا للمفاوضات)، الداعي إلى تلبية طموحات الشعب السوري والذي يطالب بعقد دورة طارئة للجمعية العامة، وقال إن «معاناة السوريين قد طالت وحان الوقت لإنهاء معاناة الشعب بشكل فوري واتخاذ خطوات شجاعة، وأن تتضافر الجهود بالإضافة إلى معاقبة المتسببين في المعاناة الإنسانية ومحاسبتهم وعدم إفلاتهم من العقاب».
وبعدها بيوم واحد، أدان المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد، الجرائم التي قال إنها «ذات الإبعاد التاريخية» التي تحصل في حلب والتي تحولت، حسب وصفه، إلى «مسلخ». وفي اليوم نفسه، اعتمد مجلس حقوق الإنسان في جنيف قرارا بشأن «تدهور حالة حقوق الإنسان في سوريا، والحالة الأخيرة في حلب».
على صعيد التحقيق باستخدام السلاح الكيماوي، تبدو الخطوات المقبلة غير واضحة، فرغم الجهد الفرنسي المطالب بقرار دولي يفرض عقوبات على المسؤولين عن هجمات، إلا أن هناك تصريحات، تطالب بـ«تجديد ولاية آلية جيم قبل انتهائها في نهاية الشهر الحالي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».