وزير الخارجية السوداني: واشنطن مقتنعة أننا لا نرعى الإرهاب وعلاقاتنا معها تتلمس الطريق الصحيح

غندور لـ «الشرق الأوسط» : نطالب حكومة سلفاكير الالتزام بتعهداتها.. واتهامات «أمنيستي» هدفها ضرب الوحدة الوطنية

البروفسور إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني قبل بداية الحوار يتصفح صحيفة العرب الدولية «الشرق الأوسط» (تصوير: بشير صالح)
البروفسور إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني قبل بداية الحوار يتصفح صحيفة العرب الدولية «الشرق الأوسط» (تصوير: بشير صالح)
TT

وزير الخارجية السوداني: واشنطن مقتنعة أننا لا نرعى الإرهاب وعلاقاتنا معها تتلمس الطريق الصحيح

البروفسور إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني قبل بداية الحوار يتصفح صحيفة العرب الدولية «الشرق الأوسط» (تصوير: بشير صالح)
البروفسور إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني قبل بداية الحوار يتصفح صحيفة العرب الدولية «الشرق الأوسط» (تصوير: بشير صالح)

في مطار الملك خالد الدولي بالرياض الذي يبعد عن المدينة نحو 20 كلم، كان لقاء «الشرق الأوسط» بالبروفسور إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني، كان الوزير ينتظرنا في قاعة كبار الضيوف في المطار الخاص، ويحمل «الشرق الأوسط» بين يديه مبديا اهتماما بالصحيفة وما تنقله من أخبار وتقارير يومية، بادرناه بالسؤال عن العلاقات السودانية - الأميركية، ليأتي رده متفائلا بأن الإدارة الأميركية بدأت تخطو أولى خطواتها الصحيحة تجاه بلاده، مبينا أن واشنطن مقتنعة بأن الخرطوم لا ترعى الإرهاب، متطلعا لرفع العقوبات الأميركية عن بلاده قبل نهاية العام. حاورنا الوزير وتطرق لعدد من القضايا التي من أهمها توجيه دعوة عبر «الشرق الأوسط» للحركات المتمردة بضرورة الانخراط في الحوار الوطني، مطالبا حكومة جنوب السودان بضرورة الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات الأمنية والسياسية التي وقعتها مع الخرطوم. وشدد على ضرورة إيقاف حكومة سلفا كير، أي دعم لأي حركات متمردة سودانية في الجنوب، مؤكدا أن الحكومة السودانية جاهزة للتوجه اليوم إلى أديس أبابا متى ما جاءتها الدعوة، من آلية الاتحاد الأفريقي عالية المستوى، لاستئناف المفاوضات التي عطلتها الحركات المتمردة. فإلى تفاصيل الحوار.
* اتجاه أميركا لرفع العقوبات عن السودان.. هل يعني أن الخرطوم وواشنطن بدأتا مرحلة التطبيع؟ وهل بالفعل سترفع العقوبات قبل نهاية العام الحالي؟
- معروف أن السودان يتعرض إلى حصار منذ عام 1993، ولكن بدأنا حوارا ممتدا مع الحكومة الأميركية، على مستويات مختلفة، ولعل كانت بداياته في يناير (كانون الثاني) 2015، وتواصل هذا الحوار حتى الآن، حيث إنني زرت أميركا بدعوة من وزارة خارجيتها، عندما كنت مساعدا للرئيس البشير، وتواصل هذا الأمر، والآن نتباحث على كل المستويات ونناقش كل القضايا، ولكن لا نستطيع أن نقول إننا وصلنا إلى نهايتها، غير أن هناك رغبة أكيدة لدى الطرفين في علاقات طبيعية، باعتبار أهمية الولايات المتحدة في العالم، مقابل أهمية السودان في المنطقة، وفي أمنها ودوره في منطقة تعجّ بالحركات الإرهابية، وتموج بتحركات داخلية، إذ إن القارة الأفريقية فيها أكثر من 27 بلدا، فإما هناك صراع داخلي أو صراع مع الجيران، فالسودان يتوسط هذه المنطقة ويربط شرقها بغربها وشمالها بجنوبها، وبالتالي فإن السودان بوضعه الجغرافي وتاريخه الحضاري وقدراته الموجودة في هذا العالم المتحرك، أيضا دولة مهمة، وبالتالي نتحاور مع أميركا لتبادل المنافع والوصول إلى ما يفيد أمن وسلامة المنطقة، أما فيما يتعلق برفع العقوبات الأميركية، فنأمل أن ترفع قبل نهاية هذا العام، وفي هذا الإطار نتحاور ولأول مرة نستطيع القول بأننا متفائلون، ولكن لا نستطيع أن نحدد تاريخا لأن، القضية بيد طرف آخر، ولكن نقول إن المعطيات والواقع يشيران إلى أننا نمضي في الطريق الصحيح.
* هل وصلت واشنطن إلى قناعة بأن السودان ليس راعيا للإرهاب وستسقطه من لائحتها نهائيا؟
- لا أستطيع القول بأن الأميركان وصلوا إلى قناعة بذلك، بل هم مقتنعون بذلك، غير أن القضية برمتها كانت قضية سياسية بالمقام الأول، ولعل ما يشير إلى أن السودان لا يدعم الإرهاب، ما تفضل به مدير الـسي آي إيه «C.I.A»، في شهر يونيو (حزيران) الماضي، حيث أشار إلى أن السودان لا يدعم الإرهاب، تلا ذلك بيان صدر في شهر سبتمبر (أيلول)، من الحكومة الأميركية بأن السودان يتعاون في مكافحة الإرهاب، وبالتالي هذا يشير بجلاء إلى أن أبعاد هذه القضية أبعاد سياسية، أكثر منها من يدعم الإرهاب أو يرعاه أو يسانده، أو من يكافحه.
* المحكمة الجنائية الدولية الآن تتعرض إلى هزة عنيفة في نزاهتها وسمعتها بعد تفشي خبر الاتهام بقبض مسؤوليها ورئيسها رشى لتزوير شهادات في حق الرئيس البشير وزعم أن دار فور تعرضت لإبادة جماعية.. ما تعليقك؟
- أولا قضية السودان أحيلت من مجلس الأمن الدولي والسودان ليس طرفا في اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية، ومعلوم أن الاتفاقيات الدولية تحاسب عليها الجهات الموقعة عليها، وفق ما جاءت به اتفاقية فيينا المنظمة لكل العلاقات الدبلوماسية والدولية، الأمر فإن الأسانيد التي قدمت كلها قدمت من حركات تحمل السلاح ضد الحكومة السودانية، الأمر الثالث، هناك بعض الشهود الذين أدلوا بشهاداتهم، جاءوا في مقر الاتحاد الأفريقي منذ نحو عام، وأشاروا إلى أنهم هم الذين زوّروا شهادات الشهود وأنهم كانوا يتحدثون عن أرقام غير حقيقية، وضربوا أمثلة على ذلك واعترفوا بذلك، وهذا مسجّل، بالإضافة إلى فضيحة الرشى الأخيرة، حيث تواجه رئيس المحكمة الجنائية الدولية (ICC) دعوات للاستقالة بعد أن تبين أنها قد تلقت رشى مالية تبلغ ملايين الدولارات لتوجيه الاتهام إلى الرئيس السوداني عمر البشير، وطالب دكتور ديفيد ماتسانغا رئيس المنتدى الأفريقي القاضية دي غورميندي بالاستقالة من منصبها، وقال إن لائحة الاتهام ضد الرئيس البشير يبدو أنها وضعت لفساد كبار مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، وتحدث عن تقديم أدلة تظهر تورط المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية السابق لويس أوكامبو في قضية الرئيس البشير، منوها بأن بحوزته تسجيلات فيديو وصوتية، فضلا عن بيانات مصرفية في حسابات أوكامبو وغيره من الجهات التي عملت معه لشراء شهود، تلا ذلك استهداف القادة الأفارقة دون غيرهم، ما جعل القارة الأفريقية تقرر أن هذه المحكمة أقيمت، كما قال أحد الزعماء الغربيين، هذه ليست لكم إنما للأفارقة، ولذلك فإن انسحاب الكثير من الدول الأفريقية أخيرا من المحكمة يؤكد ما ذهب إليه السودان بأن هذه المحكمة محكمة مسيسة وعلينا الاحتكام إلى عدالتنا القطرية، التي يحتم علينا إقامتها بما يشبه واقعنا، ولذلك فإن هذه المواقف بدءا من انسحاب بوروندي إلى بدء الانسحاب بواسطة جنوب أفريقيا، إلى آخرين في الطريق، يؤكد صحة موقف السودان السابق من هذه المحكمة.
* عدة اتفاقيات أمنية وسياسية واقتصادية عقدت بين الخرطوم وجوبا ولكنها لم تترجم على أرض الواقع.. أين تكمن المشكلة؟
- ظللنا نطالب بإرادة سياسية من أشقائنا في جنوب السودان، بتنفيذ ما اتفق عليه الرئيسان ووقعا عليه في سبتمبر 2012، إضافة إلى كل اللقاءات اللاحقة للجنة الأمنية السياسية، التي يمثل فيها وزارات الخارجية والداخلية وأجهزة الأمن وكل المعنيين بقضية الأمن والعلاقات الثنائية، وآخرها زيارة لجنة الأمن، برئاسة الاستخبارات وجهاز الأمن إلى جوبا في 27 من الشهر الماضي، وكلها التزامات، وسبق ذلك زيارة النائب الأول الحالي لحكومة جنوب السودان، والتزم الفريق تعبان دينق بإيقاف دعم الحركات المتمردة المسلحة وإيوائها في الجنوب، وجاء غيره وأنكر ثم جاء آخر فأكد، ثم أنكر آخر، ولعل الدليل الدامغ جاء من الحكومة الأميركية في بيانها الأخير بأن جنوب السودان يؤوي الحركات المتمردة على الحكومة السودانية، وما نطلبه هو إيقاف أي دعم لأي حركات متمردة سودانية، ونكرر لا سلام في جنوب السودان دون سلام في السودان، والعكس صحيح، وما بيننا يمكن أن يكون هو مصلحة الشعبين والبلدين، وما نجنيه من سلام وتعاون اقتصادي أضعاف ما يمكن أن يأتي من النفط في جنوب السودان، أو حتى في السودان، ولذلك نحرص على أمن جنوب السودان كجزء لا يتجزأ من أمن المنطقة، ونأمل أن يصل إخوتنا في جنوب السودان إلى هذه القناعات.
* ما كيفية تعاطي الحكومة السودانية في التعامل مع حكومة سلفا كير في وجود فصيل منشق يقود تمردا مسلحا ضدها؟
- الحكومة السودانية أحضرت الدكتور رياك مشار الفصيل المنشق من حكومة سلفا كير من أحراش غابات الكنغو الديمقراطية، وكما أكرر على الدوام، فإن مشار حيّا أفضل للجنوب من مشار ميّتا، لأنه حينها سيكون شهيدا ورمزا، وبالتالي الأفضل للأشقاء في جنوب السودان، أن يتحاوروا لأن الحوار هو الخيار الوحيد الأصلح، ومع أن ذلك يمثل شأنهم الداخلي، ولكننا كأشقاء لهم، ضمن منظومة الإيقاد نعمل على تعزيز وإكمال السلام في جنوب السودان، كذلك نشارك مع المجتمع الدولي في كل الجلسات آخرها التي عقدت في نيويورك والتي التأمت بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة، وبالتالي نعتبر السودان داعما أساسيا وأكرر أنه لا سلام في السودان بلا سلام في جنوب السودان.
* منظمة العفو الدولية تتهم الحكومة السودانية باستخدام سلاح كيماوي في دارفور.. ما تعليقكم؟
- هذه كذبة كبيرة، جاءت في وقت السودان يشهد فيه حوارا داخليا، ووحدة وطنية غير مسبوقة، كما جاءت في وقت يشهد فيه السودان انفتاحا خارجيا لم يشهد مثيله في الأعوام الماضية، وبالتالي هذه الفرية تبثّ سمومها لقتل الوحدة الداخلية والالتحام والتحول في العلاقات الخارجية، لكن غلطة الشاطر كما يقال بعشر، حيث إنه لم تكن هناك جريمة مكتملة، والعمل الفني الذي أجري على الصور التي عرضتها «منيستي إنترناشيونال»، أكد أن الصور مزورة، مشيرا إلى أنها التقطت في عام 2016، وصور الأقمار الصناعية التي روجعت والأجهزة التقنية التي استخدمت، أثبتت أن هذه الصور قديمة منذ عام 2015، وأجريت عليها تعديلات فنية بواسطة أجهزة أخرى، لتبدو كأنها صور حقيقية، بها حرائق وتدمير، كذلك صور الأفراد التقطت من أشرطة فيديو وتمت منتجتها أيضا عن طريق تقنية الفوتوشوب وتم التصرف فيها لتبدو وكأنها لأشخاص أصيبوا بسلاح كيماوي وما يشابه، ولكن أيضا التقنية أثبتت أن هذه ملفقة، أضف إلى ذلك فإن تقرير وزارة الصحة السودانية، مدعوما بمنظمة الصحة العالمية، أثبت أنه خلال الـ19 شهرا المدة التي تحدث عنها التقرير، تمت 971 ولادة جميعها طبيعية، ولم يرد إلى مستشفيات السودان في المنطقة، أو فرقها الطبية، أي مما يسمى سلاحا كيماويا أو شخص تبدو عليه آثار سلاح كيماوي، ولكن الضربة القاضية كانت من قوات اليومانيد (قوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المشتركة التي يبلغ قوامها 20 ألفا)، ذكروا أنهم ظلوا في المناطق المذكورة، طوال الفترة الماضية، لم يصب أي من أفرادهم بما يثبت أنه سلاح كيماوي، ولم يصل إلى مستشفياتهم من النازحين والمقيمين مصاب بكيماوي، وظلوا يلتقون بأفراد الحركات المتمردة ولم يشر أي من قادتهم إلى أنه هناك استخدام لسلاح كيماوي، هذه كلها أدلة، وفوق ذلك، في الشهر قبل الماضي زار المبعوث الأميركي المنطقة نفسها وبقي فيها قرابة الخمسة أيام، والتقى مع الأهالي ولم يتحدث أحد عن سلاح كيماوي، فضلا عن أنه لم يكن المبعوث ولا مرافقوه يرتدون قناعات ضد الأسلحة الكيماوية، ما يؤكد أن التقرير ملفق ومن أرادوا أن يدينوا به حكومة السودان، أدانوا أنفسهم وأثبتوا للعالم أنهم منظمة مسيسة غير محايدة، همها جمع المال فقط.
* محادثات أديس أبابا بين الحكومة السودانية والحركات المتمردة والحركة الشعبية قطاع الشمال في منطقتي النيل الأزرق وجنوب دارفور.. مكانك سرّ..
- مقاطعا.. أقولها بالفم المليان من منبر «الشرق الأوسط»، وهي صحيفة رائدة، إن الحكومة السودانية جاهزة للتوجه اليوم إلى أديس أبابا متى ما جاءتها الدعوة، من آلية الاتحاد الأفريقي عالية المستوى، برئاسة ثامبو أمبيكي الرئيس السابق لجنوب أفريقيا، والرئيس النيجيري عبد السلام أبو بكر، ولكن للأسف الطرف الآخر أصدر بيانا، ذكر فيه أنه لن يأتي إلى المفاوضات نتيجة لاستخدام الحكومة للسلاح الكيماوي وطالب بتحقيق دولي، حتى في المنطقتين، وبالتالي لن يأتوا ما لم ينجز هذا التحقيق، فهذا هروب من دفع ثمن السلام لبعض القيادات التي للأسف لا يهمها ماذا يجري للمواطنين.
* الحوار الوطني الذي خلص إلى نهايته وتعهدت الحكومة بالأخذ بتوصياته.. كيف يراه الخارجون على الحوار كالصادق المهدي؟
- الإمام الصادق المهدي كان جزءا من الحوار الوطني، وحضر حتى إجازة خريطة الطريق في 6 أبريل (نيسان) 2015، ولعله صاحب اقتراح إضافة العلاقات الخارجية كأحد المحاور الستة التي نوقشت في الحوار الوطني، خرج بعد أن ذكر أنه تم اعتقاله وأذكر أنني التقيت معه، عندما كنت مسؤولا في حزب المؤتمر الوطني نائبا للرئيس، وتحاورنا طويلا، وأشار إلى أنه خارج في مهمة قصيرة سيعود بعدها، وسينظر حينها في كيفية الانضمام للحوار، وبالتالي واضح أن هناك عددا من المؤثرات، ربما يكون بعضها داخل حزبه «حزب الأمة»، وخارجه، جعلت من قراءة الواقع قراءة جانبها الصواب، ولا أقول أكثر من ذلك، خاصة أن الصادق المهدي صاحب خبرة طويلة، لكنني أقول إن الحوار والوثيقة مفتوحان لمن يريد التوقيع عليهما.
* هناك حديث عن تعديل للدستور حتى يسمح بتضمين توصيات الحوار الوطني.. متى سينجز ذلك؟
- الآن الحكومة قدمت مقترحا بتعديل الدستور، ولعل آلية «7+7» التي اجتمعت قبل يومين، قد ناقشت هذه التفاصيل، وبعد ذلك ستقدمها الحكومة لإيداعها في البرلمان لتأخذ دورتها البرلمانية لمدة 60 يوما، ثم بعدها يتم تكوين الحكومة الجديدة، بناء على هذه التعديلات الدستورية، وأؤكد أن الحكومة ستقوم بتنفيذ ذلك 100 في المائة على مستوى الرئيس البشير شخصيا ضامن الحوار والمبادر به وعلى مستوى الحكومة وعلى مستوى حزب المؤتمر الوطني، ولعل جلسة مجلس شورى الحزب، التي انفضت قبل يومين، والتي يمثل فيها الحزب من كل السودان، تعهدت بالالتزام بمجريات وقرارات الحوار الوطني.
* هل من اتصالات مع الحركات المتمردة.. لتنخرط في الحوار الوطني؟
- التواصل مع الحركات المتمردة لم يتوقف، ولعل الرئيس التشادي إدريس ديبي، التقى معهم في برلين بعد التشاور مع الرئيس البشير، كذلك التقى الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني هو الآخر مع الحركات المتمردة في كمبالا، بالتشاور مع الرئيس البشير، فضلا عن أن الحكومة تلتقي بهم في منبر أديس أبابا بين، كلما دعت آلية الاتحاد الأفريقي عالية المستوى إلى ذلك.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.