«حماة الصداقة» العسكرية تختتم فاعليتها مصحوبة بأوسع تغطية إعلامية في مصر وروسيا

عززت وجود موسكو في الشرق الأوسط.. وأطفأت وهج «النجم الساطع» الأميركية

«حماة الصداقة» العسكرية تختتم فاعليتها مصحوبة بأوسع تغطية إعلامية في مصر وروسيا
TT

«حماة الصداقة» العسكرية تختتم فاعليتها مصحوبة بأوسع تغطية إعلامية في مصر وروسيا

«حماة الصداقة» العسكرية تختتم فاعليتها مصحوبة بأوسع تغطية إعلامية في مصر وروسيا

تختتم غدا (الأربعاء) المناورات العسكرية المصرية - الروسية المشتركة، والتي انطلقت قبل أيام في صحراء مصر الغربية، تحت شعار (حماة الصداقة 2016). وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن المناورات التي واكبتها حملة ترويجية ضخمة في إعلام البلدين، تبعث برسائل سياسية متنوعة، على رأسها «رغبة موسكو في تأكيد تواجدها كلاعب أساسي ومهم في منطقة الشرق الأوسط من خلال تعاونها الوثيق مع القاهرة»، بالإضافة إلى سعي مصر لتعزيز قدرات جيشها وتنويع مصادر تسليحه، في ظل تراجع التعاون العسكري مع الولايات المتحدة وما ترتب عليه من تجميد لمناورات «النجم الساطع» منذ نحو 7 سنوات.
وانطلقت فاعليات التدريب المصري الروسي المشترك، يوم 15 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، في المدينة العسكرية بالحمام بنطاق المنطقة الشمالية العسكرية غرب البلاد. وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويجو إن التدريب، الذي يعد الأول من نوعه مع مصر، هدفه التمرن على كيفية «تدمير الجماعات المسلحة في الصحراء»، وفقا لأحدث الطرق والأسلحة المستخدمة.
ويخوض الجيش المصري معركة حامية منذ أكثر من عامين ضد جماعات متشددة في شمال سيناء، وضمن المناورة الجارية، جرى تدريب متبادل على مهارات القتال داخل المدن واقتحام المنشآت وتحرير الرهائن المحتجزين.
ووفقا لما تم إعلانه، فقد قام بالتدريبات عناصر من وحدات المظلات المصرية وقوات الإنزال الجوي الروسية، بمشاركة أكثر من 700 مقاتل و20 معدة متوسطة وثقيلة من البلدين يتم إسقاطها خلال 60 طلعة جوية مخططة باستخدام 30 طائرة مصرية وروسية من مختلف الطرازات. كما شمل التدريب تنظيم الكثير من المحاضرات للتعرف على الخواص الفنية والتكتيكية للأسلحة والمعدات وآليات القيادة والسيطرة، واكتساب المهارات الميدانية والتكتيكات الخاصة التي يستخدمها الجانبان في تنفيذ مختلف المهام، لصقل مهارات العناصر المشاركة.
ومنذ انطلاق المناورات حرص مسؤولو الإعلام في الجيشين (المصري والروسي) على نشر رسائل شبه يومية مدعومة بالفيديوهات عن سير التدريبات وأبرز ما يتم فيها، تناقلتها معظم وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، في تغطية ربما تكون الأوسع لتدريبات عسكرية بين البلدين.
وجاء في تلك البيانات الإعلامية تفاصيل لبعض ما جرى في التدريبات، ومنها تبادل العناصر المشاركة من الجانبين تنفيذ عملية إنزال مظلي مشتركة بتبادل معدات ومهمات القفز أطلق عليها «قفزة الصداقة». حيث قفزت القوات الروسية بأنظمة المظلات المصرية (T - 10B)، فيما قفزت القوات الخاصة المصرية بمظلات (D - 10) الروسية. وتم تنفيذ عملية الإنزال من ارتفاع 600 - 800 متر من طائرات C - 130 هرقل الخاصة بسلاح الجو المصري.
وأوضح العقيد أندريه بيلياكوف قائد الجنود الروس المشاركين في التدريب أنه «كان أول عمل من أعمال التنسيق القتالي الإنزال المظلي للجانبين المصري والروسي وهجوم الإرهابيين الافتراضيين الذين كانوا قد احتلوا إحدى البلدات». كما جرى تبادل للأسلحة بين المشاركين، فاستخدم الجنود الروس والمصريون أسلحة متطورة، وتدرب الجنود الروس والمصريون على قاذفات اللهب الروسية، وقاذفات الصواريخ، لاستهداف العدو بدقة في ساحة المعركة.
وضمن الحملة الإعلامية القوية، أظهرت صورة نشرتها وكالة «سبوتنيك» الروسية الرسمية، قيام مظليين روس يعتنقون الإسلام، بصلاة مشتركة مع جنود قوات المظلات المصرية. وقال الجندي الروسي هازراد شامشيتدينوف، الذي صلى مع الجنود المصريين، إن «المصريين لم يتوقعوا أن المظليين الروس يصلون، وقمنا بالصلاة عشية المرحلة الرئيسية من التدريبات.. الصلاة تعطي الجندي قوة معنوية وليس فقط جسدية للتغلب على مصاعب الحياة».
يقول المحلل السياسي عبد الله السناوي لـ«الشرق الأوسط» إن «التدريب العسكري بين مصر روسيا يحمل بين طياته رسائل سياسية متنوعة لكلا الطرفين، فروسيا تريد أن تقول للدول الغربية إنها قطعت مسافة كبيرة في علاقتها مع مصر، في إطار سعيها لأن تكون لاعبا رئيسيا في منطقة الشرق الأوسط».
وروسيا هي شريك رئيسي في الحرب الدائرة في سوريا حاليا. فيما اكتسبت علاقاتها مع مصر، زخما كبيرا، مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم في مصر عام 2014. حيث عقدت الدولتان الكثير من اتفاقيات التعاون.
وسبق أن ذكرت تقارير إعلامية أن موسكو طلبت من القاهرة، بناء قاعدة عسكرية روسية على أراضيها، أو استئجار منشآت عسكرية، من ضمنها قاعدة جوية في مدينة سيدي براني غرب الإسكندرية، قرب ساحل البحر المتوسط، وهو الأمر الذي واجهته مصر بالرفض، وفقا لما أعلنته السلطات الرسمية.
وتابع السناوي «من جانبها ترغب مصر في أن تقول: إنها ماضية في الانفتاح مع موسكو دون قطيعة مع الغرب، وتأمل أن يكون من وراء هذا التعاون، عودة لحركة السياحة والطيران الروسية المتوقفة إلى مصر، منذ سقوط الطائرة الروسية في سيناء قبل عام واحد». حيث كان يمثل السياح الروس قبل توقف الطيران نحو 30 في المائة من نسبة الوافدين لمصر، ويشكل عودتهم دعما قويا للاقتصاد المصري.
ويضيف «بطبيعة الحال لا يمكن تجاهل وجود اتصال خفي أو علاقة غير مباشرة لتلك التدريبات بما يحدث في منطقة الشرق الأوسط ومجمل القضايا الإقليمية، رغم سعي البلدين لاختيار الصحراء الغربية كموقع للتدريبات، لتجب أي تفسيرات متعلقة بقضايا إقليمية كنزاع سوريا مثلا».
من جهة أخرى، يقول اللواء يحيى الكدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري (البرلمان)، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه المناورة، تعد تطبيقا للسياسة المصرية العسكرية الجديدة، والتي باتت تهتم بتنويع مصادر التسليح، ورفع قدرات الجيش والتمرين على التقنيات الحديثة.. فبجانب التسليح الأميركي المعتاد، نجد صفقات تسليح روسية وفرنسية تمت مؤخرا، وكلها تصب في صالح بناء قوات عسكرية، تكون قادرة على مواجهة الاضطرابات المتنامية في منطقة الشرق الأوسط».
واستبعد الكدواني أن «يكون لتلك المناورات علاقة مباشرة بالصراعات الجارية حاليا في المنطقة، خاصة سوريا، مؤكدا أن مصر لا تشارك في أي نزاع خارجي، لكنها بطبيعة الحال تستعد لمواجهة أي مخاطر».
وسبق أن أجرت مصر وروسيا تدريبات عسكرية مشتركة كان آخرها تدريب بحري في يوليو (تموز) من العام الماضي، غير أنها المرة الأول التي تتعلق فيها التدريبات بقوات المظلات.
ويشير عضو مجلس النواب المصري محمود بدر، إلى أن مصر كانت تجري في السابق تدريبات مشتركة مع القوات الأميركية، وكانت تحمل اسم «مناورات النجم الساطع»، لكن مع قيام ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 في مصر، توقفت هذه المناورات تمامًا، لأن الولايات المتحدة خافت على قواتها.
ومناورات النجم الساطع هي من أكبر التدريبات العسكرية الأميركية، وتقام في مصر بصفة دورية كل عامين. حيث بدأت لأول مرة في أكتوبر 1980 بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، واستمرت بشكل شبه دوري حتى عام 2009. حيث أعلن عن إلغاء تدريبات 2011 في ضوء الوضع الانتقالي بمصر. كما ألغيت المناورة التي كان المقرر أن تجري في سبتمبر (أيلول) 2013 في أعقاب التوتر الذي نشب بين القاهرة وواشنطن بسبب الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين.
ويضيف بدر لـ«سبوتنيك» إن المناورات المصرية الروسية عادت بنفع كبير على كلا البلدين، فمصر حريصة دائمًا على إجراء مناورات مشتركة مع الدول الكبرى، لدعم جيشها وإكسابه خبرات جديدة، وبالتالي فإن اللقاء بين الطرفين ستنتج عنه مساحة كبيرة من التعاون والتفاهم، الضرورية في المرحلة الراهنة، التي يواجه فيها العالم كله شبح الإرهاب، الممول من جانب دول كبرى.
في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي، ردا على المناورات العسكرية الروسية المصرية، إن الدول ذات السيادة لها الحق في إجراء مناورات عسكرية مشتركة في أشكال ثنائية أو متعددة الأطراف، مشيرا إلى أن ما بين واشنطن والقاهرة علاقات ثنائية جيدة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.