هل تغير مفهوم الأدب في عصر الإنترنت؟

ولادة أجناس جديدة قد لا يدركها الكتاب

عبد الرحيم العلام  -  ابراهيم الحجري
عبد الرحيم العلام - ابراهيم الحجري
TT

هل تغير مفهوم الأدب في عصر الإنترنت؟

عبد الرحيم العلام  -  ابراهيم الحجري
عبد الرحيم العلام - ابراهيم الحجري

جوابًا عن سؤال يتعلق بدلالات فوز الصحافية البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفيتش بجائزة نوبل للآداب العام الماضي، وفوز المغني وكاتب الأغاني الأميركي بوب ديلان بها هذا العام، وما إن كان هذا الفوز محاولة من الأكاديمية السويدية لتوسيع مفهوم الأدب المعاصر، بحيث لا يقتصر على القصيدة والرواية والكتابة المسرحية، قال عبد الرحيم العلام، الناقد الباحث رئيس اتحاد كتاب المغرب، لـ«الشرق الأوسط»: «في اعتقادي، إن الأكاديمية السويدية أدرى، أكثر من غيرها، بطبيعة التحول الذي طال جائزة نوبل للآداب في الدورتين السابقة والحالية، بمنحها الجائزة لصحافية ولمغن، خلافا لما تعودنا عليه نحن في الدورات السابقة، حيث منحت الجائزة لكتاب وأدباء مرموقين، ومعروفين بحضورهم الإبداعي الوازن، وبمؤلفاتهم الأدبية المؤثرة. ولائحة الفائزات والفائزين في السابق تشهد على مدى ارتباط جائزة نوبل للآداب بالأجناس الأدبية والتعبيرية المعروفة والمتداولة».
وبدا العلام أقل اندفاعًا وتسرعًا في إصدار الأحكام، وأكثر إنصاتًا إلى التحولات التي يعرفها عالم اليوم، حيث تساءل: «ألا يحق لنا أن نزعم نحن أيضًا، وهو تساؤل مشروع في جميع الأحوال، ولربما هو رأي الأكاديمية السويدية نفسها، بعد فوز الصحافية البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفيتش والمغني الأميركي بوب ديلان على التوالي بجائزة نوبل للآداب، أن ثمة تحولاً ما قد طرأ على مفهوم الأدب اليوم، وهو ما يدركه الأدباء أنفسهم؟ ثم ألا يحق للأكاديمية السويدية، المشرفة على جائزة نوبل للآداب، أن تتفاعل مع التحولات التي يعرفها عالم اليوم، بما فيها تلك التي لحقت النظم الاجتماعية، وتلك التي ترتبط بالثورة التكنولوجية، وخصوصا بعد ظهور الإنترنت، بما أفرزه من أشكال جديدة للكتابة والتعبير تسير اليوم جنبًا إلى جنب مع الأشكال التقليدية؟».
واستحضر رئيس اتحاد كتاب المغرب مسار الفائزين بنوبل للآداب في النسختين الأخيرتين، باحثًا عما يفسر توجه المؤسسة السويدية، فقال: «أكاد أجزم بأن من فازا بالجائزة في الدورتين الأخيرتين يستحقانها حتمًا، نتيجة لما أسدياه للعالم من أعمال ودراسات ووثائق وشهادات صحافية وتاريخية، وأعمال فنية وغنائية وشعرية كبيرة وجيدة، ربما أدرجتها الأكاديمية في خانة (أجناس أدبية جديدة)، أو ضمن (تقاليد) ابتكرتها، أو وفق معايير ومفاهيم جديدة لمعنى الكتابة تنتصر لها الأكاديمية، وتبتغي عبرها تكسير القوالب الجاهزة، بعيدًا عن أية رؤية محافظة، لكن في المقابل ألا يمكن أن نقول إنه على جائزة نوبل للآداب أن تبقى وفية لتسميتها ولأدبياتها ولتقاليدها وللقيم التي تأسست عليها، لكن دائما في إطار التحول الذي طال مفهوم الأدب اليوم، خصوصا أننا نعيش اليوم فورة متجددة متواصلة في مجال الكتابة الأدبية في العالم، على مستوى التراكم في الأسماء الكبيرة وفي الأعمال الأدبية الراقية، وأيضًا على مستوى لغات الكتابة، وتجدد أشكال التعبير وقوالبه.. وكلها تقاليد ليست ضد أية دهشة أو صدمة تتوخى الأكاديمية خلقها، وهي تراهن على التجديد وتحرير المفاهيم والأذواق، ونزع الطابع السياسي عن هذه الجائزة الفريدة من نوعها».
ومن جهته، بدا الناقد والباحث المغربي إبراهيم الحجري أقل تفاؤلا بمستقبل «الفن الخالص، أو الأدب الرفيع الملتزم بقضايا الإنسان»، وأكثر انتقادًا للتوجه الذي سارت فيه المؤسسة السويدية في السنوات الأخيرة، فيما يخص قرارات منح جوائز نوبل، خصوصا في شق الآداب، حيث قال معلقًا على فوز بوب ديلان خلال نسخة هذه السنة، وسفيتلانا ألكسيفيتش خلال النسخة السابقة: «لقد استقر رأي لجنة تحكيم نوبل (فرع الآداب) هذا العام على بوب ديلان، ضد كل التكهنات، سيرًا على نهج الجائزة خلال السنوات القليلة الماضية في منح الجائزة لشخص خارج دائرة التكهنات، في زمن يعرف تدني الذوق العام، واندحار الفن الخالص أو الأدب الرفيع الملتزم بقضايا الإنسان. لقد عاد الفن الهجين إلى ريادته، واختلت الموازين، وصار الأدب مفتوح الباب على مصراعيه أمام رياح الدواخل الهجينة التي تصعد به أو تندحر به إلى قمة السفاهة، سيرًا على دأب الذوق الذي بات يتفسخ بالتدريج».
وزاد الحجري، الفائز قبل أيام إلى جانب حسن المودن وزهور كرام ومحمد بوعزة (المغرب) وحسام سفيان (سوريا) بجائزة «كتارا» في فئة الدراسات (البحث والتقييم والنقد الروائي)، من جرعة استهجانه للقرارين الأخيرين للأكاديمية السويدية بمنح الجائزة لصحافية ولمغن في الدورتين الأخيرتين، واصفًا هذا «الإبحار مع التيار، وتشجيع الرداءة لتتحول إلى قدوة وتيار عام مستحب»، بـ«الأمر الغريب من المؤسسة ولجنة تحكيمها» التي «كان حريًا بها أن تنتصر للأدب الراقي، ليصير نموذجًا يحتذى به، وتحفز أديبًا أريبًا للجائزة».



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.