بعد نزاع طويل وشدٍ وجذب في أروقة الكونغرس الأميركي، وجد قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب المعروف اختصارًا بـ«جاستا» نفسه تحت أضواء المسرح الدولي، بلا ترحيب أو تصفيق لحضوره؛ ما حدا ببعض النقاد تسميته بالقانون الذي ولد «ميتًا».
«جاستا» الذي ظل خلال ما يقارب ثمانية أعوام يراوح أدارج التعديل تارة والتعطيل تارة أخرى في مجلسي النواب والشيوخ، خرج إلى الساحة الدولية أخيرًا في سبتمبر (أيلول) الماضي يكتنفه الكثير من الغموض واللغط عن كيفية النشأة وآلية التطبيق في المستقبل، كما تساءل البعض ماذا قدمت السعودية خلال هذه الفترة لمواجهة هذا القانون؟
وتتدحرج تساؤلات واسعة حول موجة القرار والعاصفة التي هبت بعد تشريعه، وبعد أن تم التواصل مع الكثير من المصادر ومراجعة القانون تاريخيًا، قانونيًا، واقتصاديا تستعرض «الشرق الأوسط» تفاصيل بداية مشروع القانون ومنعطفات تمريره رغما عن الفيتو الرئاسي.
تاريخًا، يعود نشأة قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب «جاستا» إلى مقترح تقدم به السيناتور الديمقراطي آرلين سبيكتر من ولاية بنسلفانيا (خدم فترة من عمره عضوا في الحزب الجمهوري أيضًا) بالتعاون مع إحدى شركات التأمين الأميركية في الولاية نفسها (تحتفظ «الشرق الأوسط» باسمها) إلى قبة الكونغرس في أواخر عام 2008 وبداية 2009، وفقًا لسجلات المقترحات والقوانين في الكونغرس الأميركي؛ وذلك بهدف تعويض الخسارة التي تكبدتها الشركات جراء دفعها مبالغ طائلة إلى أهالي ضحايا أحداث 11 سبتمبر 2001، إلا أنه لم يحالفه الحظ بعد ذلك، ولم يحصل مقترحه على التأييد.
في عام 2010 تمت إعادة صياغة المشروع مرة أخرى من قبل السيناتور الديمقراطي تشاك شومر، نائب زعيم الأقلية الديمقراطية عن مدينة نيويورك، بمساعدة لوبي من المحامين للدفع بالقانون إلى التطبيق في المحاكم الأميركية؛ إذ يسمح للوبي المحامين وشركات التأمين بالحصول على ثلث التعويضات التي قد يحصل عليها أهالي ضحايا أحداث 11 سبتمبر من أي دولة خارجية عند الحكم عليها؛ لينضم إلى هذا الفريق أيضًا السيناتور الجمهوري جون كورنين مؤخرًا.
ناضل شومر في البداية، ثم تبعه كورنين بدعم من لوبي المحامين من أجل صياغة القانون والدفع به إلى تصويت الأعضاء في الكونغرس خلال ثلاث دورات تشريعية من عمر الكونغرس، وهي 111ـ 112 – 113، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل. وفي عام 2015، وفي الدورة التشريعية الـ114 حصل القانون على فرصته الذهبية للتصويت والتواجد داخل الكونغرس أخيرًا، وحدث ما لم يكن يتوقع أصحاب المشروع أن يحدث.
استغلال قانون «حصانة السيادة الأجنبية»
في بداية الأمر، فشل لوبي المحامين وشركات التأمين فشلاً ذريعًا من مقاضاة المملكة العربية السعودية، وتحميلها اللوم عن تفجيرات 11 سبتمبر وتعويض أهالي الضحايا؛ إذ تم رفع الكثير من القضايا في المحاكم الأميركية، خصوصًا في ولاية بنسلفانيا بمدينة فيلادلفيا، وبحسب صحيفة «فيلادلفيا انكوايرير» اليومية، فإن تلك القضايا خسرت بسبب قانون الحصانات السيادية للدول الأجنبية؛ إذ لم تقبل المحاكم تلك الادعاءات، وتم رفض دعواهم.
ليضطر لوبي المحامين إلى ابتكار قانون «جاستا» والعمل على تمريره في الكونغرس الأميركي حتى يتم تشريعه، رغم وجود الاتفاقية الدولية التي تحمي البعثات الدبلوماسية من المقاضاة ومصادرة الممتلكات، فإنها تسمح بمقاضاة الدول التي يثبت تورطها بالإرهاب وتكون مدرجة على قائمة الإرهاب في الدول التي تضررت منها، مثل لائحة الدول التي ترعى الإرهاب في أميركا وتضم على سبيل المثال إيران، سوريا، وكوبا سابقًا.
في هذا الصدد، عمل اللوبي على إقحام اسم المملكة العربية السعودية في دعم الإرهاب رغم عدم وجود أي صلة لها في ذلك، مستغلين الاتفاقية الدولية التي تنص على عدم استهداف البعثات الدبلوماسية أو الدبلوماسيين والأفراد، ولكنها لم تتطرق إلى الاستثمارات التي تتبع الدول، أو الأموال التي تملكها الدول في أي دولة أخرى، التي تعتبر تلك الدولة أنها متضررة من الإرهاب.
وبالإشارة إلى القانون الأميركي الصادر عام 1976 قانون «حصانات السيادة الأجنبية»، الذي أراد من خلاله الكونغرس تنظيم كل ما يتعلق بمقاضاة الدول الأجنبية في الأراضي الأميركية؛ إذ إن القانون جعل الدول الأجنبية محصّنة سياديا من أن تُقاضى، كما وضع استثناءات تسمح للمواطنين الأميركيين بمقاضاة الدول الأجنبية.
بذلك استطاع لوبي المحامين من السيطرة على شومر وكورنين، والدفع بالقانون إلى التصويت، وإذ تمت الموافقة عليه من قبل مجلس الشيوخ في عام 2014، وأحيل بعدها للتعديل في عام 2015. وبعد 31 جلسة من التعديلات والمفاوضات في الكونغرس الأميركي، تم إقرار القانون بأغلبية أعضاء مجلس الشيوخ والنواب؛ ليذهب بعد ذلك إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما بصفته إجراء تشريعيا للموافقة عليه وإقراره، إلا أن أوباما استخدم حق النقض «الفيتو» لإبطال القانون، وتمت إعادته مرة أخرى للكونغرس.
ومن خلال جلسات الاستماع والمناقشات في الكونغرس الأميركي لقانون «جاستا» (حضر أهالي الضحايا الكثير منها) التي تمت في 2014 و2015 و2016، تم الالتقاء بعدد كبير من أعضاء الإدارة الأميركية التي رفضت تطبيق القرار جملة وتفصيلاً، وتم السؤال الكثير منهم على دور المملكة العربية السعودية في تلك الأحداث، إلا أن الإدارة الأميركية أوضحت وبكل شفافية عدم ضلوع السعودية في تلك الأحداث، إضافة إلى إظهار العلاقات المهمة بين البلدين، والدور السعودي في محاربة الإرهاب.
وكانت آن باترسون، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، دافعت في وقت لاحق خلال جلسة استماع (حضرتها «الشرق الأوسط») أمام مجلس الشيوخ في يوليو (تموز) الماضي، عن العلاقات السعودية – الأميركية حول إقرار قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب؛ إذ قالت: إن المملكة العربية السعودية الحليف القوي للولايات المتحدة الأميركية في الحرب ضد الإرهاب.
واعتبرت باترسون، أنه من الظلم تصنيف السعودية على أنها دولة راعية للإرهاب في حين هي تحاربه من خلال تحالفها مع الولايات المتحدة الأميركية، وليس هناك ما يثبت تورطها، مؤكدة أن قانون «جاستا» من شأنه أن يؤثر في علاقة الولايات المتحدة الأميركية بالدول، إضافة إلى أنه سيكون مدعاة لمقاضاة أميركا حول مشاركاتها الخارجية في حربها على الإرهاب.
وأضافت «إن نظام (جاستا) يعتبر تهديدا للاستثمار الأجنبي المباشر في الولايات المتحدة، وتهديدًا للأمن الأميركي والقيود المفروضة على مرونة الولايات المتحدة في سياسة مكافحة الإرهاب، كما أن له أضرارًا ستلحق بعلاقات أميركا مع شركائها المهمين، كما أن الانتصار في الحرب ضد (داعش) سيكون مستحيلا من دون التعاون الكامل من الشرق الأوسط والشركاء الأوروبيين».
واستطردت باترسون بالقول «إن (جاستا) سيضع الولايات المتحدة في موقف التقاضي خارجيًا حول هجمات الطائرات من دون طيار لمكافحة الإرهاب، ويمكن أن يؤدي إلى زيادة الضغط العام المكثف على الحكومات الأجنبية برفع دعاوى قضائية ضد الولايات المتحدة».
الضغط لتمرير القانون
بعد أن استخدم الرئيس الأميركي باراك أوباما نقض قانون «جاستا» وعاد مرة أخرى إلى الكونغرس، حرص عدد كبير من أعضاء الكونغرس في مجلسي النواب والشيوخ على تعطيل التصويت على الفيتو الرئاسي؛ حتى لا تتضارب المصالح الأميركية بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، إلا أن لوبي المحامين كان أقوى من ذلك.
حاول بول رايان، رئيس مجلس النواب، إدراج حق نقض الفيتو للتعطيل إلى ما بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2017؛ حتى يأخذ المشروع أيضًا منحى آخر، إلا أن لوبي المحامين دفعوا بأهالي ضحايا 11 سبتمبر للضغط على بول رايان؛ إذ التقوا به في إحدى المناسبات الخاصة بنيويورك، ومارسوا عليه عملية الضغط بإدراج جلسة التصويت على الفيتو الرئاسي لـ«جاستا»؛ كونه حالة عاجلة خلال الفترة المتبقية من عمر المجلس في دورته التشريعية الحالية 114، التي تسمى عادة قبل الانتخابات بـ«البطة العرجاء».
وبهذا تم إدراج جلسة تصويت استثنائية لنقض الفيتو الرئاسي في الـ28 من سبتمبر 2016؛ ليتم تمرير القانون من مجلس الشيوخ بـ97 صوتا، وفي مجلس النواب بـ344 صوتا، ويعلن السيناتور تشاك شومر وجون كورنين ولوبي المحامين نجاحهم في مخالفة الأعراف الدولية وكسر الحصانة الدبلوماسية بالسماح للأفراد المتضررين من الإرهاب منذ أحداث 11 سبتمبر بالترافع ضد الدول الراعية للإرهاب في المحاكم العامة الأميركية.
إلا أن التناقض بين أعضاء الكونغرس كان عنوان الموقف، فبعد أن تم إقرار القانون وكسر النقض الرئاسي، أعلن بعدها 28 عضوا من مجلس الشيوخ في بيان مشترك (حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه) قلقهم من الآثار التي قد تنتج من القانون وتضر المصالح الأميركية مع الدول الخارجية، إضافة إلى تعريض العاملين الأميركيين في الخارج من دبلوماسيين أو عسكريين إلى الخطر.
وطالب الأعضاء من كلا الحزبين في البيان المشترك مثل ليندسي غراهام، جون ماكين، بين كاردين وغيرهم، بضرورة مراجعة قانون «جاستا» بما يتوافق مع المصالح الأميركية وعدم الإضرار بها، والتأكيد على العلاقات الخارجية لأميركا، إضافة إلى تصريحات لتشاك شومر يعلن فيها استعداده بمراجعة القانون.
تحركات سعودية؟
دأبت المملكة العربية السعودية خلال الأعوام الماضية إلى محاولة احترام الأنظمة الدولية، والعمل بها من خلال المصالح المشتركة بين الدول؛ إذ حرصت على تعزيز علاقتها بالولايات المتحدة الأميركية الممتدة لأكثر من 60 عامًا على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك في عدة مجالات منها الأمني، الاقتصادي، التعليمي، وكذلك الصحي.
وسعت من خلال بعثاتها الدبلوماسية إلى تعزيز تلك العلاقات، والتأكيد على التعاون المشترك فيما بينهم، وفيما يختص بالأحداث الإرهابية التي تعرضت لها نيويورك 11 سبتمبر 2001، عملت المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة الأميركية على مكافحة الإرهاب، والتعاون الأمني فيما بينهم.
وأظهرت الـ28 صفحة من تحقيقات المكتب الفيدرالي لأحداث 11 سبتمبر، التي تم الإفصاح عنها أخيرًا إلى التأكيد على عدم وجود أي صلة للمملكة العربية السعودية بتلك الأحداث، وإسدال الستار على القصة التي طالما تناولتها وسائل الإعلام العالمية في التأثير على علاقة البلدين.
وفيما يختص بقانون «جاستا»، فإن النص الرسمي للقانون لم يسمي السعودية تحديدًا في القانون، إلا أن حملات الضغط المتنوعة من القانونيين وأهالي الضحايا والوسائل الإعلامية صرحت علنًا باسم المملكة في القانون؛ وذلك من أجل الحصول على التعويضات المالية، وإرسال رسالة غير مباشرة بأن المملكة الراعي الخفي لأحداث 11 سبتمبر، كما يزعمون.
وواجهت السعودية تلك الدعوات بلقاء أعضاء الكونغرس مرات عدة، وكذلك مراكز الدراسات والأبحاث، بتبيان خطورة مثل هذا القرار على علاقة البلدين، والإضرار بالأنظمة والأعراف الدولية.
إضافة إلى زيارات الجهات السعودية الرسمية الأخرى للكونغرس؛ إذ كان آخرها زيارة وفد من أعضاء مجلس الشورى السعودي في مايو (أيار) الماضي 2016، والتأكيد على خطورة القانون حسب العرف الدولي.
وقبل التصويت على القرار ونقضه في سبتمبر الماضي، جرت لقاءات رفيعة المستوى من وفدين سعودي وأميركي، للتأكيد على سلبية تشريع «جاستا» في أميركا، وتم لقاء أعضاء من مجلسي الشيوخ والنواب في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إضافة إلى لقائهم عددا من منسوبي الإدارة الأميركية، وتقديم عدد من التقارير والدراسات والاستطلاعات التي أجرتها مراكز الأبحاث والدراسات الأميركية حول «جاستا».
وأخيرًا، بعد أن صدر القرار أعربت المملكة العربية السعودية من خلال بيان وزارة الخارجية، وجلسة مجلس الوزراء في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول)، عن قلقها من اعتماد قانون «جاستا» في الولايات المتحدة؛ إذ يشكل مصدر قلق كبيرا للمجتمع الدولي الذي تقوم العلاقات الدولية فيه على مبدأ المساواة والحصانة السيادية، وهو المبدأ الذي يحكم العلاقات الدولية منذ مئات السنين.
وأضاف البيان «من شأن هذا القانون (جاستا) إضعاف الحصانة السيادية والتأثير سلبًا في جميع الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة».
وأعرب المجلس عن الأمل بأن تسود الحكمة وأن يتخذ الكونغرس الأميركي الخطوات اللازمة من أجل تجنب العواقب الوخيمة والخطيرة التي قد تترتب على سن قانون «جاستا».
مستقبل العلاقات الاقتصادية
من خلال التصريحات الرسمية بين البلدين، وكذلك الصيغة الحالية للقانون فإن العلاقات التجارية والتبادلات الاقتصادية السعودية الأميركية في مأمن ومنأى عن أزمة القانون بصيغته الحالية؛ إذ لا يوجد ما يعكر صفو الاستثمار بين البلدين أو يدعو إلى القلق.
وبحسب الأرقام الصادرة من الهيئة العامة للإحصاء السعودية ووزارة التجارة الأميركية (حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها) فإن قيمة الصادرات السعودية إلى أميركا خلال عام 2015 بلغت 21.473 مليون دولار، فيما بلغت قيمة الواردات في عام نفسه 23.914 مليون دولار، وحجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 45.387 مليون دولار؛ إذ تعتبر هذه الأرقام الأكثر انخفاضا في التاريخ التجاري خلال الأعوام العشرة الأخيرة بين البلدين بنسبة قدرها - 9.153
وكانت أهم السلع المصدرة من السعودية إلى أميركا هي زيوت نفط خام ومنتجاتها، أسمدة (يوريا)، خلائط ألمونيوم خام، وعدد من المواد الكيماوية، فيما كانت أهم السلع المستوردة من أميركا إلى السعودية هي قطع غيار الطائرات، سيارات أميركية الصنع، ومحركات الطائرات.
وتبلغ عدد الشركات السعودية التي تمارس نشاطها التجاري والاقتصادي في الأراضي الأميركية نحو 170 شركة سعودية، متنوعة الأنشطة من صناعية، تجارية، واستثمارية، فيما تبلغ عدد الشركات الأميركية التي تمارس نشاطها في المملكة العربية السعودية نحو 126 شركة أميركية، تختلف في أنشطتها من صناعية، تقنية، وكذلك استثمارية، وتعمل ضمن شراكة بين البلدين أو من خلال وكلاء سعوديين.
ماذا يدور في الكونغرس حاليًا؟
بعد أن انهالت بيانات الرفض والاعتراض على الكونغرس الأميركي من أكثر من 15 دولة وثلاثة منظمات دولية (الاتحاد الأوروبي، منظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي)، وذلك بعد تشريعه قانون العدالة ضد الإرهاب «جاستا»، معربين عن استنكارهم تلك الخطوة التي تخالف النظام الدولي، وتسمح برفع الحصانة الدبلوماسية عن الدول أمام القضاء الأميركي.
خرجت أصوات وتحركات من بعض النواب وأعضاء الكونغرس، تنادي وتطالب بضرورة تغيير الصياغة القانونية والبنود الذي يحتويها القانون حاليًا؛ وذلك لتفادي الأضرار التي قد تنتج منه مستقبلاً، وذلك في خطوة منهم لتلافي الأضرار وحماية المصالح الأميركية مع الدول.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر موثوقة في الكونغرس الأميركي بوجود تحركات لمناقشة تعديل قانون «جاستا» حاليًا؛ ما يسمح لهم بتدارك تبعات الموضوع قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، كذلك سهولة التصويت أو التعديل بعد ذلك في الدورة التشريعية المقبلة.
وتأتي تلك التحركات من النواب في الكونغرس لعلمهم بضرورة الحفاظ على المصالح الأميركية والعلاقات الخارجية التي قد تنتج من القانون، والكثير من أولئك النواب عبّروا في وقت سابق عن قلقهم من إقرار المشروع ولَم يصوتوا ضد الفيتو الرئاسي في جلسة التصويت على «جاستا» بمجلس النواب.
يقول الباحث والكاتب السياسي في واشنطن فيصل الشمري لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يمكن التشكيك في شرعية المطالب الرامية إلى نيل ضحايا الإرهاب للعدالة في كل بقاع الأرض، إلا أن أثر رفع الولايات المتحدة الحصانة السيادية عن الدول سيعرض المسؤولين والضباط العسكريين الأميركيين العاملين حول العالم إلى الخطورة، قد يكون خطوة متشددة جدا.
وأضاف: «ففيما ستتعامل المحاكم الأميركية بجدية مع الدعاوى التي رفعتها عائلات ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر ضد الحكومات الأجنبية ومسؤوليها نظرًا للاعتداءات الإرهابية التي طالت المواطنين الأميركيين على الأراضي الأميركية؛ ستنفتح أيضًا الأبواب على مصاريعها حول العالم ضد الممثلين الأميركيين أنفسهم».
وأوضح الشمري، أنه على ضوء أي هجوم كبير لطائرات من دون طيار أو عملية سرية كبيرة أو عملية عسكرية تحصد حياة البعض، وإن اقتصر الأمر على ضربات مشروعة ضد مقاتلين وأهداف عسكرية مشروعة أخرى، قد يخضع بعض المسؤولين الأميركيين الذين يعتبرون مسؤولين عن هذه العمليات إلى ملاحقات ودعاوى قضائية لا تعد ولا تحصى.
وأضاف: «نواب الكونغرس اختاروا أن يغامروا بهذه الخطوة لضمان مقاعدهم في المرحلة الانتخابية المقبلة، والحصول على أكبر عدد من الأصوات، وتم اختيار هذا التوقيت؛ لأنه يأتي قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية، ولكن من المحتمل أن يتم إبطال القرار في الإدارة الأميركية المقبلة أو بعد الانتخابات التشريعية».