جاء قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما والذي صدر قبل أيام لتخفيف الحصار على الجزيرة الكوبية بآثار لاقتها وجهات نظر مختلفة، بين المؤيد لها والمشكك في النوايا الأميركية.
الرئيس الأميركي باراك أوباما أراد أن يصدر تشريعا رئاسيا قبيل رحيله من مكتبه في البيت الأبيض ليضمن أن الاتفاق المبرم مع كوبا سيبقى قيد التنفيذ وتستمر الإدارات القادمة للعمل مع الحكومة الكوبية على تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين.
أوباما أصدر قرارا مكونا من عدة نقاط وعدد كبير من الصفحات والذي يحدد فيه شكل العلاقة المستقبلية في إطار التفاوض الثنائي بين البلدين في إطار حماية الاتفاق التاريخي بين هافانا وواشنطن ويرى البعض أن أوباما أراد «تحصين الاتفاق» وهو ما يعني عدم الرجوع في تنفيذه.
مرشح الرئاسة الأميركي دونالد ترامب عبر عن عزمه في تغيير وإلغاء هذا الاتفاق في حال وصوله إلى السلطة أما هيلاري كلينتون فقد قالت: إنها ستعمل مع الإدارة الكوبية في حال وصولها إلى الرئاسة مما دفع أوباما إلى اتخاذ هذه الخطوات الأخيرة. تباين المواقف الأميركية هذا دفع مصادر رسمية كوبية لإصدار تصريحات قد يراها البعض إبرازا للخلافات الحادة في وجهات النظر بين البلدين.
كوبا رأت في التصريحات الأميركية الأخيرة على لسان المفاوضين الأميركيين في الملف الكوبي وحتى في تقرير أوباما الذي يحصن الاتفاق معها بأن هذه التصرفات تعتبر تدخلا في شؤون البلاد وذلك لأن حتى الآن العقوبات لم ترفع بشكل كامل عن الجزيرة ورهنت الإدارة الأميركية ذلك بتحسن الأوضاع الإنسانية والسياسية في هافانا وهو الشيء الذي تعتبره كوبا تدخلا سافر في الشؤون الداخلية.
أوباما في تقريره والذي تم تسريب عدد من صفحاته للصحافة تحدث صراحا عن أن كوبا يجب أن تعمل على تحسين الأوضاع الإنسانية للكوبيين كما أن هافانا يجب أن تدعم حرية الرأي وتتوقف عن ملاحقة النشطاء السياسيين وذلك شرط أساسي من أجل رفع الحصار بشكل كامل... ودعت واشنطن إلى خلق كيانات للمجتمع المدني في كوبا تعمل مع الإدارة الأميركية وذلك حتى يتسنى تحقيق الانفتاح التدريجي في الجزيرة الشيوعية.
الولايات المتحدة لم تخفِ نواياها أيضا في وثيقة أوباما «المحصنة» للاتفاق الكوبي عن تخوف واشنطن من التجارة مع الجزيرة وذلك لأن الجزيرة لا تملك العملة الأجنبية الكافية لإقامة التجارة وخاصة أنها منعزلة تماما عن النظام التجاري العالمي وذلك على حد قول صحيفة «مارتي» وهي الصحيفة المعارضة والموجهة من الإدارة الأميركية، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد بأن هافانا قد لا توفي بتعهداتها التجارية إذا فتحت أبواب التجارة بين البلدين.
واشنطن بالفعل وفي إطار تحركات أوباما الأخيرة دفعت إلى تحرير عدد من القيود المفروضة مثل تسهيل حركة الأفراد للسفر إلى الجزيرة واستئناف الطيران بغزارة خاصة من وإلى ولاية فلوريدا القريبة من الجزيرة إلا أنها انتقدت السلطات الكوبية من عدم السماح للأفراد التنقل بحرية وخاصة أن المواطنين الكوبيين دائما ما يحتاجون لتأشيرة خروج من بلادهم تصدرها الحكومة الكوبية.
المسؤولون الكوبيون قالوا: إن ما يريدونه من الحكومة الأميركية ليس النوايا ولكن الأفعال الحقيقية وأن هناك بالفعل عددا من نقاط الخلاف بين البلدين حول عدد من القضايا وخاصة أن كوبا تقول: إن سجل حقوق الإنسان في الولايات المتحدة لديه الكثير من المشاكل وخاصة بعد أحداث الصدامات بين الشرطة والمواطنين ذوي البشرة السوداء في أميركا بالإضافة إلى مشكلة قاعدة غوانتانامو البحرية الأميركية والتي تمتلكها الولايات المتحدة داخل كوبا وترفض تسليمها إلى هافانا وبالتالي أرادت هافانا إرسال رسائل إلى الولايات المتحدة مفادها أنه يجب على الطرفين غض النظر عن التجاوزات إذا كانت واشنطن تريد تطبيعا كاملا مع هافانا.
نقاط الخلاف كبيرة للغاية بين الطرفين إلا أن واشنطن عبرت صراحا في توصيات أوباما لتحصين الاتفاق أن الولايات المتحدة استفادت كثيرا من التطبيع مع كوبا وذلك لتسهيل حرية نقل الأفراد بالإضافة إلى فتح سفارة لها في هافانا وزيارة أوباما التاريخية التي لم يسبق لرئيس أميركي قبل 90 عاما القيام بها، كما سيكون للشركات الأميركية موطئ قدم هناك.
هافانا قالت سابقا في عدة مناسبات بأن تخفيف الحصار الأميركي حتى الآن ليس واضحا على الشعب الكوبي ولم تتغير الحياة في الجزيرة بالشكل المطلوب وهو الناتج عن عدم موافقة الكونغرس الأميركي على الرفع الكامل للعقوبات.. كما أن عددا من الباحثين الاستراتيجيين يرى أنه في حالة اختيار رئيس جديد لقيادة الولايات المتحدة قد يكون لديه القدرة على إلغاء هذا التحصين الذي قام به أوباما ويوجه لتغيير جذري في العلاقات مما يدفع للتساؤل هل ستبقى العلاقات الأميركية الكوبية في أفضل حالاتها أم سترتمي كوبا في أحضان عدو تقليدي للولايات المتحدة؟
الكوبيون يشككون في نوايا أميركا تجاه بلادهم
نقاط الخلاف بين هافانا وواشنطن كثيرة وخاصة جوانب حقوق الإنسان وقاعدة غوانتانامو

الكوبيون يشككون في نوايا أميركا تجاه بلادهم

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة