السلطة الفلسطينية تلجأ إلى إظهار قوتها بعد تكثيف حملات سياسية ضد الرئيس

الأجهزة الأمنية تلاحق الأنشطة السياسية المتصلة بالخارج لقطع الطريق على أي تدخلات

جانب من مظاهرة فلسطينية في غزة تطالب بالوحدة الوطنية أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة فلسطينية في غزة تطالب بالوحدة الوطنية أمس (أ.ف.ب)
TT

السلطة الفلسطينية تلجأ إلى إظهار قوتها بعد تكثيف حملات سياسية ضد الرئيس

جانب من مظاهرة فلسطينية في غزة تطالب بالوحدة الوطنية أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة فلسطينية في غزة تطالب بالوحدة الوطنية أمس (أ.ف.ب)

لجأت السلطة الفلسطينية إلى إظهار قوة أكثر من اللازم خلال شن حملات أمنية مختلفة في مناطق الضفة الغربية، وذلك بعدما أصبحت هيبتها على المحك إثر استهداف مسلحين لقواتها الأمنية من جهة، وتكثيف حملات سياسية ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بما في ذلك التركيز إسرائيليا وعربيا ومن طرف معارضيه على قرب انتهاء ولايته وحدوث فوضى محتملة.
وإضافة إلى ذلك، بدأت الأجهزة الأمنية تلاحق كل الأنشطة السياسية التي لها اتصالات مع الخارج في محاولة لقطع الطريق على أي تدخلات. وبعد يومين من اشتباكات تكاد تكون متكررة مع مسلحين في مخيم بلاطة في نابلس، شمال الضفة الغربية، أكد محافظ المدينة اللواء أكرم الرجوب أن الحملة ستستمر إلى حين اعتقال الخارجين عن القانون وتقديمهم للعدالة.
وكانت الاشتباكات الصعبة قد خلفت إصابات ناجمة عن الرصاص والغاز المسيل للدموع الذي استخدم في المواجهات بين الطرفين. واتهم الرجوب خارجين عن القانون باستهداف عناصر الأمن أثناء تنفيذ مهمة لهم.
وجاءت هذه الاشتباكات بعد سلسلة مماثلة مع مسلحين في بلاطة، ووسط البلدة القديمة في نابلس، قتل فيها خلال شهرين فقط 5 من قوات الأمن والمطلوبين.
وتنشر الأجهزة الأمنية الفلسطينية المزيد من القوات على مدار الساعة في نابلس، في رسالة تأكيد على فرض القانون، وراحت تعمم ذلك على المناطق الفلسطينية الأخرى.
كما أطلقت السلطة حملات أمنية مماثلة في مناطق أخرى في الضفة، وكادت تندلع اشتباكات مماثلة في مخيم جنين بعدما تعرضت قوات أمنية إلى إلقاء الحجارة فردت بإطلاق نار في الهواء.
وقال مصدر أمني فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إن الحملات الأمنية التي أقرت من المستوى السياسي تستهدف إلقاء القبض على مطلوبين للعدالة، ولا تحمل أي أبعاد سياسية مطلقا، مضيفا أنه «لا يمكن السماح لمسلحين بتهديد أمن الناس وفرض الفوضى، والسلطة لن تسمح بذلك».
ويخشى كثير من الفلسطينيين من انتشار الفوضى في ظل استمرار حالة الاشتباكات وتمددها في مناطق أخرى. ويعزز من تلك المخاوف الحملات الإعلامية المكثفة التي تركز على ضعف الرئيس الفلسطيني الحالي وقرب انتهاء ولايته، والتي تناقش كذلك فوضى محتملة من دون تعيين نائب لعباس الذي ناهز الثمانيين.
وعلى الرغم من أن عباس يتمتع بصحة جيدة. لكن فحوصات عادية أجراها في مشفى محلي في رام الله قبل أسبوعين، أثارت مثل هذه المخاوف من جديد.
وفشلت محاولات عربية سابقة لعقد صلح بين الرئيس عباس والقيادي المفصول في فتح محمد دحلان، الذي تعتقد السلطة أنه يقف خلف كثير من الحرب المعلنة على السلطة داخليا وخارجيا. وبالإضافة إلى أن عباس يرى أن دحلان متآمر على الحكم الفلسطيني، فإن ثمة اتهامات ضده بالتعاون مع حماس ضد الرئاسة الفلسطينية، ومثل هذه «المعلومات» جعلت أنصار دحلان كذلك هدفا للأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وبالإضافة إلى الاعتقالات واستهداف مسلحين تابعين له، ثمة استهداف سياسي لجماعة دحلان. وقد فضت الأجهزة الأمنية الفلسطينية أمس في رام الله اجتماعا تشاوريا لناشطين، يعتقد أنهم على علاقة مع دحلان.
وأوضح مصدر أمني أن «أجهزة الأمن الفلسطينية قامت أمس السبت، وبتعليمات سياسية، بفض اجتماع غير شرعي وغير قانوني كان من المقرر أن يعقد في رام الله».
وأفاد مصدر أمني بأن أسباب فض الاجتماع تكمن في أن من يقف خلفه هي جهات تحمل أجندات خارجية تهدف لخلق أزمات وصراعات، إضافة إلى أن الاجتماع لم يحصل على الترخيص اللازم من جهات الاختصاص، مضيفا أن الأجهزة الأمنية لن تسمح بأي شكل من الأشكال بالتطاول والخروج على الشرعية، وخرق سيادة القانون.
وقالت مصادر مطلعة إن الاجتماع الذي عقد في مخيم الأمعري في رام الله كان مخصصا لنقاش مستقبل حركة فتح والوحدة داخلها، خاصة مع اقتراب موعد المؤتمر السابع للحركة المتوقع الشهر القادم.
وبحسب المصادر فقد كان لدى السلطة معلومات حول تبعية الاجتماع لدحلان، وفي هذا السياق أوضحت المصادر أن «السلطة تريد قطع كل احتمال لتمكين دحلان مرة ثانية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».