روسيا ترجئ مناقشة استئناف رحلاتها الجوية إلى مصر حتى نهاية العام

إحباط هجوم إرهابي على كمين للجيش في سيناء

روسيا ترجئ مناقشة استئناف رحلاتها الجوية إلى مصر حتى نهاية العام
TT

روسيا ترجئ مناقشة استئناف رحلاتها الجوية إلى مصر حتى نهاية العام

روسيا ترجئ مناقشة استئناف رحلاتها الجوية إلى مصر حتى نهاية العام

في إشارة إلى عزم روسيا إرجاء مناقشة قرار عودة رحلات الطيران إلى مصر حتى نهاية العام الحالي، قال وزير النقل الروسي، ماكسيم سوكولوف، إن القاهرة ستدعو الخبراء الروس لمراجعة الإجراءات الأمنية بعد الانتهاء من جهود تعزيزها مع نهاية العام الحالي. تأتي هذه التطورات في وقت قالت فيه مصادر أمنية مصرية إن قوات الأمن نجحت في إحباط هجوم على كمين للجيش في شمال سيناء.
ورحلات الطيران بين مصر وروسيا متوقفة منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي إثر تحطم طائرة ركاب روسية فوق سيناء وعلى متنها 224 شخصا عقب إقلاعها من مطار شرم الشيخ.
وأوضح الوزير الروسي، في تصريحات نقلتها وكالة «تاس» الروسية للأنباء، أمس، أن القاهرة تخطط لإنهاء جهود تعزيز الإجراءات الأمنية في المطارات بحلول نهاية العام الحالي، لافتا إلى أن بلاده ستتلقى طلبا مصريا بمراجعة الإجراءات الأمنية والتحقق من الأمر حالما تنتهي جميع تلك الإجراءات التي تعتقد السلطات المصرية أنها ستكتمل بنهاية العام.
وكان الوزير الروسي قد بحث عودة حركة الطيران بين موسكو والقاهرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، وسط تكهنات سادت حينها بقرب استئناف الرحلات الجوية، لكن الإرجاء الجديد يفاقم الضغوط على قطاع السياحة الذي مثل أحد المصادر الرئيسية لتوفير العملات الأجنبية في مصر.
وأضاف المسؤول الروسي أنه في حالة انتهاء السلطات الأمنية في مصر من استكمال إجراءاتها الأمنية المقررة فإن «وصول الممثلين الروس لمصر سوف يستغرق أسبوعا». ومنذ تحطم الطائرة الروسية، دأبت موسكو على إرسال خبراء ووفود أمنية لتفقد إجراءات التأمين في المطارات المصرية. وقدمت موسكو لمصر توصيات تشمل ملاحظات ومقترحات لتشديد الإجراءات الأمنية المتعلقة بسلامة الطيران.
وأشار الوزير الروسي إلى أن استئناف الطيران بين البلدين يعتمد على الجدول الزمني الذي ستتبعه القاهرة في تركيب نظام الدخول البيوميتري للموظفين لتأمين مناطق في المطارات المصرية.
ورغم عدم انتهاء لجنة التحقيق الرسمية في حادث تحطم الطائرة الروسية من أعمالها، بات يعتقد على نطاق واسع أن الطائرة تحطمت بفعل قنبلة وضعت على متنها أثناء توقفها في مطار شرم الشيخ بجنوب سيناء.
وأعلن تنظيم أنصار بيت المقدس الذي يتخذ من شمال سيناء مرتكزا لتحركاته مسؤوليته عن تفجير الطائرة بعد ساعات من تحطمها. وقالت عدة دول أوروبية إن لديها معلومات استخباراتية عن تورط التنظيم الإرهابي في العملية.
واتفقت مصر وروسيا في سبتمبر الماضي، على وضع اتفاقية بين البلدين للتعاون في الإجراءات الأمنية التي سيتم اتباعها عند استئناف حركة الطيران. ومن المقرر أن يتم توقيع الاتفاقية قبل نهاية العام.
وكانت أربع شركات روسية قد تقدمت نهاية الأسبوع الماضي بطلبات إلى الوكالة الاتحادية الروسية المعنية بتنظيم الطيران، لتسيير رحلات جوية بين مصر وروسيا. وقالت الوكالة في بيان إن المعلومات عن مسار رحلات تلك الشركات سيتم مناقشتها في اجتماع لجنة مشتركة من الوزارات الروسية برئاسة وزارة النقل، مشيرة إلى أن اللجنة المشتركة ستقرر ما إذا كانت ستوافق على طلب الشركات أم لا.
وعلى صعيد المواجهة الميدانية لتنظيم أنصار بيت المقدس في شمال سيناء، قال مصدر أمني مصري، أمس، إن قوات الأمن نجحت في إحباط محاولات للهجوم على كمائن للجيش في محيط مدينة الشيخ زويد، لافتة إلى أن القوات الجوية المصرية واصلت قصف مواقع الجماعات الإرهابية أمس، ما أسفر عن مقتل عدد من العناصر وتدمير بعض السيارات والدراجات النارية.
وشهدت شبه جزيرة سيناء الأسبوع الماضي واحدة من أعنف الهجمات الإرهابية منذ نحو عامين، حينما استهدفت عناصر تنظيم أنصار بيت المقدس كمينا للجيش جنوب مدينة بئر العبد ما أسفر عن مقتل 12 مجندا مصريا.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».