مقذوفات الحوثيين على الحدود السعودية.. استهداف كل ما هو مدني

لجنة حقوق الإنسان العربية لـ «الشرق الأوسط»: صمت المنظمات الدولية حيال حدود المملكة مؤلم

جانب من أضرار المقذوفات الحوثية على المدنيين في نجران (واس)
جانب من أضرار المقذوفات الحوثية على المدنيين في نجران (واس)
TT

مقذوفات الحوثيين على الحدود السعودية.. استهداف كل ما هو مدني

جانب من أضرار المقذوفات الحوثية على المدنيين في نجران (واس)
جانب من أضرار المقذوفات الحوثية على المدنيين في نجران (واس)

يتعرض سكان البلدات والقرى السعودية الحدودية مع اليمن (مواطنين ومقيمين) وبشكل متواصل لقذائف عشوائية تطلقها الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وعادة ما تستهدف المنازل، والمستشفيات أو المدارس المليئة بآلاف الطلاب والطالبات.
وبحسب إحصائية سابقة أعلنها التحالف العربي في فبراير (شباط) الماضي، قتل أكثر من 375 مدنيًا، بينهم 63 طفلاً جراء سقوط قذائف وصواريخ أطلقها الحوثيون وقوات صالح على بلدات وقرى حدودية بالمملكة، منذ بدء الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن في أواخر مارس (آذار) 2014.
ويؤكد الدكتور هادي اليامي رئيس لجنة حقوق الإنسان العربية لـ«الشرق الأوسط» أن أن 99 في المائة من المناطق المتضررة التي استهدفتها الميليشيات الحوثية سواء في نجران، جازان، أو ظهران الجنوب هي أماكن مدنية، وقال: «الاستهداف كان لمدارس، منازل، ومستشفيات، وهذا يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان ويتعارض مع كل الاتفاقيات الدولية واتفاقيات جنيف، المتعلقة بتجنيب المدنيين والأطفال الصراعات المسلحة».
اللافت أن استهداف الميليشيات الحوثية للمنشآت المدنية ومنازل المواطنين هو منهجية وأسلوب عام وليس حصرًا على البلدات والقرى الحدودية السعودية، ففي اليمن يتم استهداف الأحياء السكنية المأهولة بالسكان والمدارس والمستشفيات والأسواق والتي راح ضحيتها آلاف اليمنيين.
ويؤكد اليامي الذي زار مع مجموعة من الخبراء العاصمة المؤقتة عدن، أن الاستهداف المباشر للبنية التحتية والمرافق الخدمية للمواطنين كان عملا ممنهجا من قبل الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، ويضيف «تجربتنا في لجنة حقوق الإنسان العربية أثناء زيارتنا إلى عدن والمناطق المحيطة بها وجدنا بالفعل استهدافا مباشرا للبنى التحتية التي لها علاقة مباشرة بالمدنيين سواء مدارس مستشفيات، وبمتابعتنا لإطلاق المقذوفات على المدن والبلدات الحدودية السعودية نجد نفس المنهج والأسلوب وهو استهداف كل ما هو مدني».
ووفقًا للتحالف العربي، أطلقت الميليشيات الحوثية وقوات الجيش اليمني الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح أكثر من 40 ألف مقذوف عبر الحدود منذ أن بدأت الحرب، منها قرابة 130 قذيفة مورتر و15 صاروخًا على مواقع حدودية سعودية في يوم واحد فقط. وكشف رئيس لجنة حقوق الإنسان العربية أن اللجنة تدرس ضمن خططها القادمة القيام بدور ميداني لرصد الانتهاكات الحوثية في البلدات والقرى الحدودية السعودية، إلا أنه أكد أن ذلك مرتبط بطلب الدولة المعنية (السعودية)، وأردف «هناك تنسيق حاليًا مع الحكومة السعودية للاطلاع على نتائج فرق الرصد والتوثيق السعودية، ومن المتوقع خلال المرحلة القادمة القيام بدور ميداني من قبل اللجنة في كل من المملكة واليمن، لكنه مرتبط بطلب من الدول العربية ذات العلاقة سواء السعودية أو اليمن».
وأدى الاستهداف المباشر والعشوائي للمدنيين من قبل الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع صالح – بحسب التحالف العربي - إلى إخلاء نحو عشر قرى ونقل أكثر من 7 آلاف شخص من مناطق حدودية وإغلاق أكثر من 500 مدرسة.
ورغم كل هذه الأرقام عن أعداد الضحايا المدنيين (مواطنين ومقيمين)، فإن تفاعل المنظمات الدولية الحقوقية والمعنية بالانتهاكات كان مفقودًا إن لم يكن غائبًا تمامًا عن إدانة هذه الأعمال الإجرامية. وهنا يعبر الدكتور هادي اليامي عن أسفه لمعايير هذه المنظمات ومنهجية الكيل بمكيالين، ويقول: «هذا الأمر مؤسف، عملية تسليط الضوء على استهداف المدنيين في المناطق الحدودية السعودية لم يأخذ حقه ولم يتعامل مع الآليات أو المنظمات الدولية بشكل مباشر، حتى على المستوى المحلي فإن منظمات المجتمع المدني لم تقم بواجبها المهني والإنساني عبر تسيلط الضوء على هذا الأمر».
وتابع: «أقول بألم وأسف يؤلمني الصمت المريب لكثير من المنظمات بشأن استهداف المدنيين في السعودية، وعدم العمل بمهنية عالية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.