على إيقاع من التفاؤل اختتم أمس بمراكش لقاء وزاري تمهيدي، قبل أقل من ثلاثة أسابيع من انعقاد الدورة 22 لمؤتمر الأطراف بالاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول التغير المناخي (كوب 22)، والدورة 12 لمؤتمر الأطراف، الذي يعتبر بمثابة لقاء يجمع أطراف بروتوكول «كيوتو»، والدورة الأولى لمؤتمر الأطراف المعتبر بمثابة لقاء للأطراف الموقعة على «اتفاق باريس».
وتوزعت هذا اللقاء التمهيدي، الذي عرف مشاركة صلاح الدين مزوار وزير الخارجية والتعاون المغربي ورئيس (كوب 22)، وسيغولين رويال رئيسة (كوب 21) ووزيرة البيئة الفرنسية، بحضور أكثر من 80 وزيرا من مختلف دول العالم، وأكثر من 400 شخصية وطنية ودولية، من بينها باتريسيا إسبينوزا الأمينة التنفيذية للاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، ثلاثة محاور أساسية: دخول «اتفاق باريس» حيّز التنفيذ، وبحث وسائل تفعيله، وتقوية الجانب العملي.
واتفق المشاركون على ضرورة أن يهتم (كوب 22) بــالعمل وتعبئة هيئات المجتمع المدني، وجعل التنمية المستدامة الطموحة في قلب النقاش الجاري حول آفة الاحتباس الحراري، خصوصا لفائدة دول الجنوب، وبأن يكون نقطة التقاء بين القرار والفعل، مشددين على أن الدينامية الراهنة تؤكد أن «مؤتمر مراكش سيعرف نجاحًا كبيرًا، من دون شك».
وعددت إسبينوزا خلال مؤتمر صحافي، في ختام اللقاء، جملة من الإجراءات التي تم اتخاذها وعددًا من الاتفاقيات التي تم توقيعها، من قبيل اتفاق الحد من غازات الانبعاث الحراري الناجمة عن رحلات الطيران الدولية، وذلك بشكل يؤكد الدينامية الإيجابية التي تم الحفاظ عليها منذ مؤتمر باريس، والذي مكن على الخصوص من دخول «اتفاق باريس» حيز التنفيذ في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أيامًا قليلة على تنظيم مؤتمر مراكش.
من جهتها، قالت حكيمة الحيطي، الوزيرة المغربية المنتدبة في البيئة ورائدة المناخ، إن «اتفاق باريس» هو اتفاق بـ«وجه إنساني»، ترك لدى الجميع شعورًا بـ«الابتهاج»، الشيء الذي «خلق مناخًا من الثقة والتضامن»، و«أتاح دينامية للتغيير عند السياسيين وفي السياسات المتبعة على جميع الوجهات».
وشكل لقاء مراكش مناسبة لاستعراض الرهانات الرئيسية على مستوى السياسي، وإعطاء الضمانات الكفيلة بتوفير تمثيلية متوازنة، واقتراح فضاء يتيح للجميع المشاركة وتبادل وجهات النظر ضمن روح يسودها التعاون والصراحة؛ فيما تمحورت أشغاله حول جملة من الأفكار الرئيسية المنبثقة عن المفاوضات غير الرسمية التي احتضنها منتجع الصخيرات المغربي يومي 8 و9 سبتمبر (أيلول) الماضي، متضمنة إرادة جماعية تحث على مباشرة العمل لإصدار كتاب للقواعد والأنظمة متضمنة لـ«اتفاق باريس»، ومواصلة إشراك كل أطراف الاتفاقية، وكذا إعداد خريطة طريق ملموسة تتيح التوصل من الدول المانحة بمبلغ سنوي يناهز مائة مليار دولار، إلى غاية 2020. وكذا الاشتغال أكثر لتوسيع وتحسين آليات تعزيز القدرات على الصعيد الدولي، مع الحرص على تحسين التناسق المؤسساتي ونجاعته، فضلاً عن تسريع العمل على أرض الواقع، واقتراح تنفيذ ذلك من خلال إنشاء روابط بين برنامج العمل العالمي للمناخ والمنظومة الرسمية للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول تغير المناخ وبرنامج 2030 للتنمية المستدامة، فضلا عن الحاجة الملحة لتعبئة كثير من الوزارات والوكالات الوطنية لأجرأة منظومة المساهمات المحددة على المستوى الوطني.
وأشاد المشاركون بالتعبئة السياسية على الصعيد الدولي، ما مكن من المصادقة السريعة على «اتفاق باريس»، بشكل مثل «قفزة سياسية»، من شأنها ضمان نجاح كبير لمؤتمر مراكش، وجعله «مؤتمر العمل والأجرأة على أرض الواقع».
وعقد على هامش هذا الاجتماع الوزاري التمهيدي لقاءان: الأول خصص لهيئات المجتمع المدني، الدولية والوطنية، المعتمدة لدى الأمم المتحدة والمهتمة بالبيئة، فيما تعلق الثاني بالاجتماع الوزاري الـ23 بشأن التغير المناخي لدول الباسيك، الذي يضم البرازيل وجنوب أفريقيا والهند والصين، والذي سيرته وزيرة البيئة الجنوب أفريقية إدنا مولينا، وتوج بإصدار بيان مشترك ركز على أهمية المؤتمر المناخي الذي سيعقد بمراكش، باعتباره مرحلة محورية في سياق تنفيذ «اتفاق باريس»، وباعتباره «محطة تاريخية لتسريع تنفيذ أهداف ما قبل 2020».
ويبقى التنفيذ الفعلي والسريع، وعقد لقاء الأطراف الموقعة على «اتفاق باريس» بمراكش، من أهم الرهانات المرسومة، إلى جانب وسائل التنفيذ المتعلقة بتعزيز القدرات، وإعداد خريطة طريق خاصة بمائة مليون دولار، وإصدار كتاب للقواعد والأنظمة خاص بـ«اتفاق باريس»، الذي يهدف إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية «أقل بكثير من درجتين مئويتين» مقارنة بعصور ما قبل الصناعة.
ويعقد مؤتمر (كوب 22)، بشأن تغير المناخ، في مراكش ما بين 17 و18 نوفمبر المقبل. وينتظر أن تركز المفاوضات، خلال هذا المؤتمر، على مواضيع التمويل المشاريع المناخية، وخاصة توفير مبلغ مائة مليار دولار، سنويًا، ووضع خريطة طريق عالمية واضحة للأفعال، وتحديد آليات مساعدة الدول النامية، بالإضافة إلى نقل التكنولوجيا.
وتجمع مختلف الدراسات المنجزة، خلال الخمسة وعشرين سنة الماضية، على أن توازن النظام البيئي لكوكب الأرض بات مهددًا، وأن هناك اضطرابًا في نظام الآليات الطبيعية التي تحافظ على توازن الأرض، وعلى جميع أنواع الكائنات الحية، ما جعل العالم يشهد ظاهرة احتباس حراري لم يسبق لها مثيل. لذلك، دق الخبراء ناقوس الخطر، حيث لاحظوا ارتفاع مستوى سطح البحر وتركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي. لذلك كانت العقود الثلاثة الماضية أكثر دفئًا من سابقتها، فيما كان العام الماضي الأشد حرارة على الإطلاق. وجاء في تقرير التقييم الخامس، أنه من المحتمل قدوم موجات حرارة بشكل متكرر ومتزايد مع استمرارها لفترات أطول. ومع ارتفاع درجة حرارة الأرض، يتوقع أن يشهد العالم المزيد من الأمطار في المناطق الرطبة، حاليًا، والعكس في المناطق الجافة.
مراكش تحتضن اجتماعًا وزاريًا تحضيريًا لـ«كوب 22»
التنفيذ الفعلي والسريع لـ«اتفاق باريس» وخريطة طريق لتعبئة مائة مليار دولار سنويًا أهم الرهانات

مراكش تحتضن اجتماعًا وزاريًا تحضيريًا لـ«كوب 22»

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة