ينتظر أن يعلن رئيس تيار «المستقبل» رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري اليوم (الخميس) رسميًا، تبنيه ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، ويضع بذلك حدًا لمبررات فريق الثامن من آذار، وعلى رأسه ما يسمّى «حزب الله» الذي يحمّله مسؤولية استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية؛ على خلفية رفضه تأييد عون منذ سنتين ونصف السنة، لكن يبدو أن الأزمة بدأت تتسع داخل فريق الثامن من آذار المنقسم على نفسه، بين مؤيد لعون مثل الحزب، والرافض بالمطلق لهذا الخيار، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي جدد من داخل البرلمان أمس تأكيده أنه لن ينتخب عون وسيمضي في معارضته خلال عهده الرئاسي.
وأفادت معلومات بأن الحريري وضع أمس اللمسات الأخيرة على الكلمة التي سيلقيها اليوم في حضور نواب كتلته، ويعلن فيها تأييده ترشيح عون، والأسباب التي حملته على تبني هذا الخيار المكلف سياسيا وشعبيًا. وأوضح مصدر قيادي في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»، أن الحريري «سيركز في كلمته على المخاطر التي تهدد لبنان جراء استمرار الفراغ الرئاسي، على الصعد الاقتصادية والأمنية والسياسية، والخطر الذي لا يتهدد تركيبة لبنان والقائمة على التنوع والتعايش فحسب، بل هوية الوطن ورسالته الفريدة في هذا الشرق». ولا تخفي المصادر أن الحريري «سيلامس تداعيات هذا القرار على جمهور تيار (المستقبل) والشارع السنّي الذي راكم خلال السنوات الماضية الكثير من المواقف السلبية لعون ضد الطائفة السنية، لكنه سيصارح جمهوره بأنه سيقدم مصلحة الوطن وبقائه على أي مصلحة شخصية». واعتبر المصدر أن «الإساءات التي صدرت عن عون وفريقه، لا يمحوها إلا الممارسة الصحيحة لعون في ممارسته للحكم إذا ما انتخب رئيسًا للجمهورية، وأن يثبت بالممارسة أنه أب لكل اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب والمناطق».
في مقابل مساعي تذليل العقبات التي تسمح بانتخاب رئيس تكتل «الإصلاح والتغيير» في جلسة 31 الشهر الحالي، أكدت مصادر مقربة من رئيس مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط»، أن «الموقف الذي أطلقه بري من على منصة القاعة العامة للمجلس واضح ولا يحتاج إلى تأويل، وهو أنه لن ينتخب عون»، معتبرة أن «إطلاق هذا الموقف يعني أن أي لقاء سيجمعه بعون لن يغير شيئا في قناعاته». وأوضحت أن موقف رئيس البرلمان ليس جديدًا، فهو «منذ عام 1989 كان يقف في الخط الرافض لمجيء بعون رئيسًا للجمهورية، والسبب أن بري كان في طليعة المؤيدين لاتفاق الطائف، بينما كان عون ضده».
وعلى قاعدة المبدئية السياسية، أشارت مصادر رئيس مجلس النواب إلى أن «هذا السيناريو تجدد في عام 2008، وقبل اتفاق الدوحة أبلغ بري العماد عون استحالة حصوله على أكثرية نيابية لانتخابه رئيسًا، واليوم لم يتغير شيء، ولا يزال رئيس المجلس معارضًا لوصول عون، حتى لو بقي وحده». وكشفت عن أن «جلسة 31 تشرين الحالي ستعقد في موعدها، وسيكون فيها ثلاثة مرشحين، وهم العماد عون و(رئيس تيار المردة النائب سليمان) فرنجية و(عضو اللقاء الديمقراطي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط) النائب هنري حلو، ومن يحصل على أكثرية الأصوات يصبح رئيسًا ونهنئه، وعلى الجميع أن يرضى بنتائج هذه الممارسة الديمقراطية».
في المقابل، أوضح عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، أن «المعطيات المستقاة من اجتماع كتلة (المستقبل) أمس (الأول) توحي بأن الرأي غير موحد»، متوقعًا أن «لا تذهب الكتلة موحدة إلى جلسة انتخاب الرئيس». وأكد علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «الكثير من المخاوف التي حملت الرئيس سعد الحريري على تأييد ترشيح عون، وهي ترتكز على أن (حزب الله) وإيران ينتظرون نهاية الصراع والتسويات التي تسمح لهما بابتلاع لبنان؛ لذلك فإن عدم انتخاب رئيس الآن، قد تجعل أي تسوية على حساب لبنان أمرًا ممكنًا».
وفي ظل المعلومات التي تتحدث عن يوم غضب سني يعقب إعلان ترشيح الحريري لعون، لم يستبعد علوش أن «تكون هناك احتجاجات على هذا القرار، لكن لا مؤشرات على حجمها». وقال: «أعتقد أن الشارع السني بأغلبيته لم يكن يتوقع الذهاب إلى انتخاب عون، لكن هذه الأغلبية ليست على اطلاع على عمق الأزمة والمخاطر المحدقة بلبنان»، مذكرًا في الوقت نفسه بأن «انتخاب عون قد يساعد في الحد من هذه المخاطر، لكن لا يمنعها»، لافتًا إلى أن «هناك الكثير من الخيارات التي تسمح لـ(حزب الله) بتعطيل انتخاب عون، ومنها ما يقوم به الرئيس بري، ولعل الاستعراض العسكري لحركة (أمل) خير دليل على ذلك».
ويتحضر النائب ميشال عون لجولة من اللقاءات والاتصالات مع كل القوى السياسية المتحفظة على ترشيحه، حيث أكد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل سلهب لـ«الشرق الأوسط»، أن التكتل «ينتظر الموقف الذي سيطلقه الحريري غدًا (اليوم) الخميس، ويتضمن ترشيح العماد عون». وقال: «منذ صباح الجمعة (غدًا) تبدأ حركة اتصالاتنا، حيث يلتقي العماد عون الرئيس نبيه بري قبل سفره إلى جنيف، ومن بعده النائب وليد جنبلاط، ثم الوزير سليمان فرنجية»، مشددًا على أن عون ومن خلال لقاءاته «سيطمئن كل القيادات اللبنانية، بأنه لن ينجز تحالفات ثنائية وثلاثية ورباعية، ولن يكون فئويًا، بل سيكون رئيسًا لكل اللبنانيين، وهذا ما يجب على الآخرين تفهمه».
ونفى سلهب المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلام وتحدثت عن إبلاغ ما يسمّى «حزب الله» للنائب عون بأنه لن يذهب إلى جلسة انتخاب لا يحضرها الرئيس نبيه بري، مضيفًا، الرئيس بري «أعلن من مجلس النواب أنه لن يتغيب عن جلسة الانتخاب، ونحن نتمنى على الرئيس بري لأن لا يعتبر نفسه مستهدفًا».
الحريري يعلن اليوم تبني ترشيح عون رغم التباين في كتلته واعتراض جمهوره
مصدر في «تياره»: سيركز في كلمته على المخاطر التي تهدد لبنان جراء استمرار الفراغ الرئاسي
الحريري يعلن اليوم تبني ترشيح عون رغم التباين في كتلته واعتراض جمهوره
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة