الحكومة اليمنية: مستعدون لإدخال المساعدات.. وعلى الانقلابيين الالتزام

وزير الإدارة المحلية أكد تطلع الشرعية لنجاح الهدنة لإنهاء معاناة الشعب في كل المحافظات

مسلح موال للحوثيين يوقف سيارة عند نقطة تفتيش في صنعاء أمس قبل ساعات من بدء سريان الهدنة الجديدة (إ.ب.أ)
مسلح موال للحوثيين يوقف سيارة عند نقطة تفتيش في صنعاء أمس قبل ساعات من بدء سريان الهدنة الجديدة (إ.ب.أ)
TT

الحكومة اليمنية: مستعدون لإدخال المساعدات.. وعلى الانقلابيين الالتزام

مسلح موال للحوثيين يوقف سيارة عند نقطة تفتيش في صنعاء أمس قبل ساعات من بدء سريان الهدنة الجديدة (إ.ب.أ)
مسلح موال للحوثيين يوقف سيارة عند نقطة تفتيش في صنعاء أمس قبل ساعات من بدء سريان الهدنة الجديدة (إ.ب.أ)

قال وزير الإدارة المحلية اليمني، رئيس اللجنة العليا للإغاثة، عبد الرقيب فتح، إن الحكومة اليمنية الشرعية في حالة استعداد كامل للبدء في إدخال المساعدات الإغاثية إلى مدينة تعز المحاصرة وبقية المحافظات والمدن المتضررة، وإنها تتطلع إلى التزام حقيقي من قبل ميليشيات الانقلاب (الحوثي - صالح)، بهدنة وقف إطلاق النار، التي دعت إليها الأمم المتحدة وأطراف دولية أخرى.
وأكد الوزير اليمني، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرئيس عبد ربه منصور هادي وافق على عدد من الهدن خلال فترة الحرب الظالمة التي شنها الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وحلفاؤه الحوثيون، ولكن للأسف الشديد لم يكن هناك التزام حقيقي من قبل الانقلابيين حتى في الجوانب الإنسانية».
ودعا الوزير فتح الانقلابيين إلى أن «يلتزموا بضوابط العمل الإنساني، وإلى أن يحكموا العقل ويخافوا الله فيما يتعلق بموضوع تعز، فالحصار الجائر على المدينة واستخدامها سياسيا، يتنافى مع كل الأعراف وقيم الدين الإسلامي الحنيف». وقال: «إذا كان هناك التزام بفتح المعابر وإتاحة الفرصة لإدخال المواد الإغاثية العاجلة للدخول إلى مدينة تعز، فنحن في اللجنة العليا للإغاثة جاهزون بصورة كاملة بقوافل الإغاثة التي سوف نقوم بتسييرها سواء من خلال محافظة عدن أو من خلال بقية المحافظات والمنافذ التي يسيطر عليها الانقلابيون»، مشددا على أن «الإشكالية الرئيسية فيما يتعلق بعدم التزام الميليشيات الانقلابية بضوابط الهدن، لكننا سوف نفترض هذه المرة حسن النية». وأكد الوزير فتح أن «هناك استعدادات لإدخال قوافل المساعدات بالتنسيق مع مركز الملك سلمان للإغاثة والهلال الأحمر الإماراتي والهلال الأحمر القطري وجمعية قطر الخيرية وجمعية الإغاثة الكويتية العليا»، مشيرا إلى أن «هناك كميات كافية لإيصال المساعدات الإغاثية، سواء إلى تعز أو إلى بقية المحافظات بالتنسيق وبدعم كل أشقائنا في دول التحالف».
وفيما يتعلق بمدة الهدنة المحددة بـ72 ساعة وإن كانت كافية لإيصال المساعدات، قال وزير الإدارة المحلية، رئيس اللجنة العليا للإغاثة لـ«الشرق الأوسط» إن «القضية أو المشكلة ليست في الوقت وإنما في الالتزام، فإذا وجد التزام بالهدنة، فهناك إمكانية لتمديدها». وأكد الوزير اليمني أن الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة الشرعية «ليس هدفهم الحرب، فالحرب فرضت علينا ونحن دائما نقول إن هذه الحرب من أجل أن نعود إلى مخرجات الحوار الوطني وتنفيذ هذه المخرجات والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والالتزام الكامل بقرارات الشرعية الدولية، وبخاصة القرار 2216. ومن المؤكد أن 72 ساعة غير كافية ولكن إذا ظهرت مؤشرات إيجابية من قبل ميليشيات الحوثي وصالح، فمن المؤكد أنه سيكون هناك تمديد لهذه الهدنة»، مضيفا: «نحن نتطلع إلى الالتزام بالهدنة، حتى تنتهي معاناة شعبنا في جميع المحافظات».
واستغرب الوزير اليمني من أن تعاني محافظة الحديدة على ساحل البحر من حالة مجاعة، رغم أن ميناءها استقبل أكثر من 38 باخرة إغاثية، سواء من خلال منظمات الأمم المتحدة أو من خلال برنامج الغذاء العالمي، وقال إن «هذه المحافظة تقع تحت سيطرة الانقلابيين وقد دخل إليها هذا العدد من البواخر المحملة بالمساعدات، لكننا أمام حالة مجاعة في عدد من مديريات المحافظة، لذلك نحن نسأل منظمات الأمم المتحدة: أين ذهبت الإغاثة التي دخلت إلى الحديدة عبر برنامج الغذاء العالمي أو منظمات الأمم المتحدة، وكيف تحدث مثل هذه المجاعة؟ رغم أن ميناء الحديدة يدر دخلا كبيرا لليمن، بشكل عام، وهو مصدر إيرادات».
وبحسب ما أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وكذا وزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي، فإن هدنة وقف إطلاق النار سيبدأ سريانها ليلة الأربعاء الخميس لمدة 72 ساعة قابلة للتمديد. وكان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، دعا في أغسطس (آب) الماضي إلى هدنة لوقف إطلاق النار في اليمن لـ72 ساعة، قبل أن يجدد هو ونظيره البريطاني، بوريس جونسون، قبل 3 أيام، الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، بالتزامن مع دعوة الأمم المتحدة وتحركات مبعوثها إلى اليمن.
وتعد هدنة وقف إطلاق النار هذه، في حال سريانها، الرابعة منذ بدء الحرب، فقد كانت الهدنة الأولى (مشروطة) في منتصف مايو (أيار) 2015، في حين أبرمت الهدنة الثانية، غير المشروطة، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2015، بالتزامن مع اتفاق، حينها، لانطلاق جولة مشاورات سلام في جنيف، بين الحكومة اليمنية والانقلابيين، برعاية الأمم المتحدة. وقد كانت الهدنة الثالثة، وهي الأطول زمنيا، في الـ10 من أبريل (نيسان) الماضي، بالتزامن مع بدء لجنة التهدئة لعملها في ظهران الجنوب.
ويؤكد المسؤولون في الحكومة اليمنية أن عدم التزام الانقلابيين وخروقاتهم المستمرة، هو ما أدى إلى فشل هدن وقف إطلاق النار السابقة، حيث سجلت مئات الخروقات في كل مرة، ويقول المسؤولون اليمنيون إن أبرز مظاهر الخروقات التي كانت ترتكبها الميليشيات، تمثلت في استمرار الهجمات والقصف الصاروخي على الأراضي السعودية الحدودية مع اليمن، إلى جانب استمرار الحصار على مدينة تعز ومنع دخول المساعدات الإغاثية، هذا عوضا عن نهب تلك المساعدات وتسخيرها لما يسمى المجهود الحربي.
وتأتي هذه الهدنة في ظل وضع عسكري متقدم لقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية التي فتحت، مؤخرا، جبهة قتال في محافظة صعدة معقل الانقلابيين الحوثيين، إضافة إلى أنها تأتي وقد عادت الحكومة اليمنية إلى المحافظات المحررة لممارسة مهامها من الداخل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.