الصفقات العقارية في السعودية تتراجع بأكثر من النصف خلال أسبوع

عقاريون دعوا إلى بلورة القطاع وفق «قدرة المشتري» للخروج من الأزمة

انخفض حجم الصفقات العقارية أكثر من النصف خلال أسبوع واحد وفقاً للمؤشرات العقارية التي تصدرها وزارة العدل (تصوير: خالد الخميس)
انخفض حجم الصفقات العقارية أكثر من النصف خلال أسبوع واحد وفقاً للمؤشرات العقارية التي تصدرها وزارة العدل (تصوير: خالد الخميس)
TT

الصفقات العقارية في السعودية تتراجع بأكثر من النصف خلال أسبوع

انخفض حجم الصفقات العقارية أكثر من النصف خلال أسبوع واحد وفقاً للمؤشرات العقارية التي تصدرها وزارة العدل (تصوير: خالد الخميس)
انخفض حجم الصفقات العقارية أكثر من النصف خلال أسبوع واحد وفقاً للمؤشرات العقارية التي تصدرها وزارة العدل (تصوير: خالد الخميس)

دخل قطاع العقار في السعودية منعطفًا جديدًا، وذلك عندما انخفض حجم الصفقات العقارية أكثر من النصف خلال أسبوع واحد، وفقًا للمؤشرات العقارية التي تصدرها وزارة العدل.
وسجل القطاع العقاري السعودي خلال الأسبوع الماضي انخفاضًا في إجمالي قيمة الصفقات العقارية ليستقر عند 1.1 مليار دولار، بحجم انخفاض تجاوز 54 في المائة مقارنة بالأسبوع الذي قبله، تحت تأثير انخفاض الطلب على العقار بشكل عام والأراضي بشكل خاص، بشقيها السكني والتجاري، وإن كان القطاع التجاري سجل النسبة الأكبر من الانخفاض، وهو ما اعتبره عقاريون لافتًا؛ إذ إن هذا القطاع ظل حتى وقت متأخر محافظًا على حركته نتيجة عمليات المضاربة.
وأشار عقاريون إلى أن رسوم الأراضي البيضاء هي الأكثر تأثيرا على حال السوق، وكانت لها تبعات أخرى في العرض والطلب والقيمة، وحتى البيع والشراء وقطاع التأجير، ودعمها عزوف عدد كبير من المواطنين عن الشراء نظرًا للفجوة الكبيرة بين الأسعار المرتفعة وقدراتهم، لافتين إلى أن انخفاض الطلب على العقار التجاري يعد مؤثرًا جدًا في مسيرة العقار المحلي، ومن شأنه أن يفتح أبوابا أوسع فور بدء تحصيل رسوم الأراضي البيضاء، وهو الذي يراهن عليه الراغبون في التملك.
وأكد عبد الهادي القحطاني، مدير «شركة نماء نجد العقارية»، أن ما أظهرته المؤشرات العقارية من انخفاض في إجمالي قيمة الصفقات العقارية بنسبة أكثر من النصف، كبير جدًا في قطاع يحاول تصحيح سير أعماله، لافتًا إلى أن حركة العقار التجاري لم تتأثر بشكل كبير على هذا النحو منذ فترة طويلة، وأنها بداية جديدة لتسجيل معدلات انخفاض يستفيد منها الميزان العقاري العام.
وأضاف أن شريحة كبيرة من المستثمرين العقاريين بحاجة ماسة إلى السيولة والأموال في ظل شبه توقف حركة العقار تمامًا، كما هي حال الراغبين في الشراء الذين ينتظرون انخفاض الأسعار لمحدودية السيولة، مؤكدًا أن هذا الانخفاض لم تشهد السوق مثله منذ عام 2007، متوقعًا أن تشهد السوق انخفاضًا في القيمة يتجاوز الثلث حين يبدأ دفع الرسوم، وهو القرار الذي سينعكس بشكل مباشر على الأسعار.
واعتبر القحطاني أن الانخفاض الحالي هو لمجرد الحصول على بعض السيولة، خصوصا أن العقار لا تحركه الشائعات، بل تحركه الأفعال والقرارات، مبينا أن «خفض الأسعار ليس إلا خيارًا يجب الخضوع له، خصوصًا أن المستثمرين ظلوا صائمين عن تحقيق الأرباح طوال الفترة الماضية، وبالتالي هم أمام تحريك السوق والاكتفاء بنسب بسيطة من الأرباح، أو تحصيل رأس المال، أو تحمل هبوط الأسعار وضياع جزء من رأس المال».
وانخفض إجمالي قيمة الصفقات العقارية المحلية خلال الأسبوع الماضي بنسبة 54.2 في المائة، ليستقر الإجمالي عند أدنى من 1.1 مليار دولار، متأثرا بالانخفاض الكبير الذي طرأ على صفقات الأراضي (سكني، تجاري)، ووصلت نسبة انخفاضه خلال الأسبوع إلى 54.4 في المائة. وجاءت نسبة الانخفاض الأكبر في جانب صفقات الأراضي التجارية بنحو 64.1 في المائة، وبنسبة انخفاض في صفقات الأراضي السكنية بلغت 41.8 في المائة، فيما استمدت صفقات الأراضي قوتها من ارتفاع نسبتها إلى إجمالي صفقات السوق العقارية، التي وصلت خلال الأسبوع إلى 87.3 في المائة من الإجمالي.
وتحدث فارس الحربي، الذي يمتلك عددًا من الاستثمارات العقارية، عن الاستجابة للضغوطات التي يواجهها القطاع العقاري المحلي، «وذلك بالهبوط الملحوظ في الأسعار إلى مستويات معقولة ومغرية من جانب بعض المستثمرين الصغار الذين يحاولون التخلص منها والتحرر من نتائج السوق، خصوصًا مع الميزانية الكبرى التي رصدت لوزارة الإسكان وعزمها تنفيذ كثير من المشاريع بمعية المطورين العقاريين».
وقال الحربي إن شريحة كبيرة من المستثمرين يرون أن بقاءهم في السوق في هذا التوقيت بالذات خطر عليهم، تخوفًا من انخفاضات قياسية قد تطغى على القطاع العقاري، مستبعدًا حدوث ذلك، لافتا إلى أن ما يقوم به هؤلاء المستثمرون تهور كبير في حق السوق العقارية التي بدأت بالتقهقر في الأسعار منذ الأشهر الأخيرة، وبالتحديد منذ تطبيق رسوم الأراضي مطلع رمضان الماضي.
وأضاف أن «الانخفاض الكبير يلاحظ في محدودية إطلاق المشاريع التجارية، وهو ما يعكس حال السوق، خصوصًا أن الإعلان عن مشاريع جديدة بات الآن عملية متهورة في ظل انخفاض الطلب ونقص سيولة المشترين وتشدد جهات التمويل»، مشيرًا إلى أن «انخفاض الصفقات خلال أسبوع بهذا الحجم يوضح الحال التي وصل إليها القطاع العقاري، وبات من المهم أن تعاد هيكلة الأسعار لردم الفجوة بين المستهلك والمطور».
وتأتي أهمية مؤشر انخفاض صفقات ومبيعات الأراضي، من أن الصفقات العقارية على الأراضي تشكل الوزن الأكبر نسبيا؛ إذ وصلت نسبة سيطرتها خلال آخر 12 شهرا إلى 92.9 في المائة من إجمالي قيمة صفقات السوق، ورغم الانخفاضات الكبيرة التي شهدتها قيم صفقات السوق العقارية طوال أكثر من عامين، فإن الصفقات على الأراضي تظهر بعض التماسك في أسابيع، وارتفاعًا ملموسًا في أسابيع أخرى، مما يعني أن السبب الأكبر وراء انخفاض قيمة الصفقات العقارية طوال الفترة الماضية، كان الانخفاضات الكبيرة التي طرأت على قيم صفقات أنواع العقارات الأخرى، من فيلات وعمارات وشقق وبيوت».
وذكر عبد الرحمن النجار، الخبير الاقتصادي لـ«شركة جنرال للاستشارات»، أن «فقد نصف الحركة في أسبوع فقط (معدل مهول) يحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر، ورغم سعي الدولة إلى احتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك، فإن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، لا يستطيع كثير من الراغبين دفعها، مما يعكس الحال في السوق التي تعيش أسوأ أيامها منذ سنوات طويلة في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصًا لقطاع الإسكان الذي يعيش أيامًا عصيبة».
وتابع النجار أن «السوق تترنح بين ارتفاع الأسعار إلى درجة كبيرة، وبطء الحلول لدى المستثمرين الذين لم يستطيعوا معرفة توجه السوق وعقلية المشتري وقدراته، الأمر الذي جعله يعزف عن جميع الخيارات نتيجة عدم توافر المال أو وجوده بنسب تقل عن الأسعار الحالية للسوق، وبين ارتفاع أسعار مواد البناء، ونقص العمالة»، لافتا إلى أن القطاع قد يحقق كثيرا من المفاجآت مع نهاية العام، خصوصا أن فقاعة العقار وصلت لأقصى درجاتها، بحسب تعبيره.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».