أهل الموصل..مواجهة الموت في البقاء أو النزوح

أهل الموصل..مواجهة الموت في البقاء أو النزوح
TT

أهل الموصل..مواجهة الموت في البقاء أو النزوح

أهل الموصل..مواجهة الموت في البقاء أو النزوح

دقت المنظمات الإنسانية العالمية والدولية جرس الإنذار مع بدء العملية العسكرية العراقية لتحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم "داعش" المتطرف، والتي من المتوقع أن تستمر لأسابيع أو لأشهر، مبدية قلقلها الكبير على أكثر من مليون شخص ربما يكونون ضحية التشريد او القتل أو الانتهاكات الطائفية والتعسفية، جراء المعارك التي اعترف مسؤولون أميركيون وعراقيون بأنها ستكون معقدة وشرسة.
وقبل استيلاء التنظيم الارهابي على المدينة كان يعيش فيها حوالى مليوني شخص، ولا يزال حوالى نصف هؤلاء السكان موجودين في الموصل إلى اليوم، حسب وكالة الامم المتحدة للاجئين، التي ألقت الضوء على الخطر الذي يحدق بالأطفال والنساء والعجزة، والموت الذي يتربص بهم. مشيرة إلى أنّ مئات الآلاف من الاشخاص قد يفرون من منازلهم، في سيناريو لأسوأ عملية نزوح يشهدها العصر الحديث.
ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم (الثلاثاء)، جميع الأطراف المتحاربة إلى تفادي المدنيين والسماح بإجلاء الجرحى، وتجنب البنية التحتية المدنية والمنشآت الطبية. فيما أفادت منظمة العفو الدولية اليوم، ومقرها في العاصمة البريطانية لندن، بأنّ ميليشيا الحشد الشعبي والقوات العراقية عذّبت واعتقلت وأعدمت آلاف المدنيين الفارين من المناطق الخاضعة لتنظيم "داعش". متحدثة عن تجاوزات هجمات انتقامية موجهة ضد مشتبه بهم بتعاملهم مع تنظيم "داعش"، مطالبة بالّا تتكرر هذه الاعمال، مع تقدم القوات العراقية إلى معقل المتطرفين في الموصل.
من جانبه، قال فيليب لوثر مدير ابحاث الشرق الاوسط في منظمة العفو "بعد الفرار من رعب الحرب وطغيان تنظيم داعش، يواجه العرب السنة في العراق هجمات انتقامية وحشية على ايدي ميليشيات وقوات حكومية وتجري معاقبتهم على جرائم ارتكبها التنظيم". مضيفًا "يواجه العراق حاليا تهديدات أمنية فعلية من تنظيم "داعش"؛ لكن لا يمكن أن يكون هناك مبرر لعمليات اعدام خارج اطار القضاء وعمليات اختفاء قسري وتعذيب او اعتقال تعسفي". وتابع "فيما تنطلق معركة استعادة الموصل، من الضروري أن تتخذ السلطات العراقية خطوات لضمان عدم تكرار هذه التجاوزات الشنيعة".
كما قال لوثر إنّ "السلطات العراقية التي ساهم عدم تحركها في مواجهة التجاوزات الواسعة النطاق بجو الافلات من العقاب الحالي، يجب أن تضبط المليشيات وتوضح أنّ مثل هذه الانتهاكات الخطيرة لن يتم التسامح معها". واستطرد "إنّ عدم القيام بذلك سيؤدي إلى استمرار حلقة مفرغة من تجاوزات وقمع وظلم ويثير مخاوف جدية بشأن سلامة المدنيين الذين لا يزالون في الموصل".
أمّا منظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية فحذرت من أن مئات الآلاف من الأطفال في الموصل معرضون لخطر الموت، وقالت أمس إن أطفال الموصل قد لا ‏يجدون طرقا آمنة للهروب. داعية الحكومة البريطانية للضغط على القوات العراقية ‏وقوات التحالف لفتح ممرات آمنة للمدنيين.
وقال المجلس النرويجي للاجئين إنه مع فقدان وجود منافذ آمنة لخروج المدنيين مع تعرض المدينة لمعارك شرسة، سيعاني مئات آلاف العراقيين من خطر تبادل إطلاق النار وتعرض منازلهم للهجوم واستهدافهم بطلقات القناصة عند محاولتهم الفرار.
من ناحية اخرى، حذرت محطة (سي إن إن) الأميركية، من أن أزمة إنسانية تلوح فى الأفق مع بدء الهجوم العراقي على الموصل. فيما ذكرت منظمات اغاثة دولية من بينها الصليب الاحمر اليوم، أنّها تستعد لاحتمال استخدام أسلحة كيماوية في المعركة.
وصرح روبرت مارديني من مكتب اللجنة الدولية للصليب الاحمر للشرق الادنى والمتوسط "لا نستطيع استبعاد استخدام اسلحة كيماوية" في المعارك. وقال لصحافيين إنّ الصليب الاحمر يستعد بتدريب العاملين في مجال الصحة ومن خلال توفير المعدات للمرافق الصحية في المناطق المحيطة بالموصل "بحيث تُستوعب حالات إصابة الاشخاص بالمواد الكيماوية وتقديم العلاج لهم".
كما أعرب توماس لوثر ويس رئيس مكتب منظمة الهجرة الدولية في العراق عن مخاوفه من استخدام اسلحة كيماوية في الموصل، مشيرا إلى تقارير وردت أخيرًا أنّ تنظيم "داعش" استخدمها في منطقة قريبة من الموصل ضد قوات البشمركة الكردية. واضاف في مؤتمر صحافي في جنيف عبر الهاتف من بغداد "وثمة ادلة أخرى على ان داعش قد يستخدم أسلحة كيماوية".
وأوضحت المحطة الأميركية أنه فى شمال العراق، هجر الكثير من العائلات قراهم توقعا للمعركة. لكن بالنسبة لسكان المدينة، فإن الطريق للخروج منه محفوف بمخاطر التعرض للموت سواء من قبل القناصة أو الألغام أو الجوع والعطش.
وفي السياق ذاته، دعا وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، ستيفن أوبراين مجددًا جميع أطراف النزاع في العراق إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي بحماية المدنيين وضمان حصولهم على المساعدة التي يستحقونها. وفي بيان صحافي أعرب عن بالغ قلقه إزاء سلامة 1.5 مليون شخص يعيشون في الموصل الذين قد يتضررون جراء العمليات العسكرية لاستعادة السيطرة على المدينة من تنظيم "داعش". وتبعا لشدة القتال ونطاقه قد يجبر حوالى مليون شخص على الفرار من ديارهم في أسوأ الحالات. وأوضح أن الأسر معرضة للخطر الشديد بسبب وقوعها في مرمى النيران المتبادلة أو استهدافها من قبل القناصة. كما أن عشرات الآلاف من الفتيات والفتيان والنساء والرجال قد يتعرضون لخطر الحصار أو استخدامهم كدروع بشرية، مشيرًا إلى أن الأطفال والنساء وذوي الإعاقة والمسنين سيكونون عرضة للخطر بشكل خاص. كما أفاد بأنّ الشركاء في المجال الإنساني يبذلون أقصى جهودهم لدعم النازحين والمتضررين من هذه العملية العسكرية. وقد جرى تأمين مأوى يستوعب 60 ألف شخص في مخيمات ومواقع الطوارئ. فيما تبنى مواقع إضافية قادرة على استيعاب 250 ألف شخص. وجهّزت حصص غذائية لتوزيعها على 220 ألف أسرة، وكذلك تجهيز مجموعات من الأدوات المنزلية الضرورية والمراحيض والحمامات، بالإضافة إلى توفير 240 طنا من الأدوية في نقاط التوزيع. وقال إنه على الرغم من التبرعات السخية من الدول المانحة، إلا أن التمويل غير كاف للاستعداد بشكل كامل لسيناريو أسوأ الحالات، مضيفا أن الشركاء في المجال الإنساني بذلوا قصارى جهدهم للاستعداد بأكبر قدر من الكفاءة، وضمن الموارد المتاحة. حسبما ذكر موقع (سي إن إن).



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.