المسلمون في كولومبيا يواجهون المد الإيراني بالتمسك بعقيدتهم

زعيم الجالية المسلمة لـ«الشرق الأوسط»: طهران حولت الدين إلى آيديولوجية

«مسجد أبو بكر الصديق» في العاصمة الكولومبية بوغوتا - إمام «مسجد أبو بكر الصديق»
«مسجد أبو بكر الصديق» في العاصمة الكولومبية بوغوتا - إمام «مسجد أبو بكر الصديق»
TT

المسلمون في كولومبيا يواجهون المد الإيراني بالتمسك بعقيدتهم

«مسجد أبو بكر الصديق» في العاصمة الكولومبية بوغوتا - إمام «مسجد أبو بكر الصديق»
«مسجد أبو بكر الصديق» في العاصمة الكولومبية بوغوتا - إمام «مسجد أبو بكر الصديق»

عندما تسير في شوارع العاصمة الكولومبية بوغوتا، وتحديدا في شمالها، سيكون جليا لكل من يمر من هذه المنطقة؛ سواء إذا كان مترجلا أو مستقلاً سيارته، أن يشاهد مبنى شاهقا على الطريق مباشرة يطل على المارة بمئذنته. وداخل منطقة تعج بالحركة في هذا الحي في بوغوتا، يقف المبنى الذي يبدو رائعًا رغم بساطته، ويشعر المواطنون بألفة متزايدة تجاهه.. إنه «مسجد أبو بكر» الذي يعود تاريخ إنشائه إلى أربع سنوات ماضية بفضل جهود وتبرعات المسلمين الذين يعيشون داخل هذه الدولة الواقعة بأميركا الجنوبية.
تاريخيًا، يرجع الوجود السني المسلم رسميا في كولومبيا إلى عام 1890، وقد أقيم أول مركز للصلاة داخل مركز المدينة في هذا التوقيت تحديدا، إلا أن المسلمين وجدوا بصفة عامة في القارة اللاتينية مع دخول المستعمر الإسباني من بقايا الحضارة الأندلسية ممن بقي مع المملكة الإسبانية أو من كانت تأتي بهم السفن الإسبانية من أفريقيا.
من جانبه، شرح زعيم الجالية المسلمة في كولومبيا، الشيخ أحمد طايل، أنه رغم ولادته في سوريا، فإنه بعد قدومه إلى كولومبيا بحث عن فرصة عمل عام 1992، ووقع في غرام هذا البلد، ولم يفكر في العودة إلى وطنه لشعوره بأنه بالفعل داخل وطنه. عام 2000، حصل على المواطنة الكولومبية. ويقول طايل لـ«الشرق الأوسط» متحدثا عن حياة المسلمين داخل كولومبيا، التي تعد وطنهم الجديد، إنهم يعيشون عنصرا من بين عناصر أخرى مؤلفة للمجتمع الكولومبي، ويشعرون بأنهم كولومبيون حقًا مثل الباقين. وأعرب طايل عن اعتقاده بأن الشعب الكولومبي أصبح معتادًا على الإسلام بصورة متزايدة.
وتشير الإحصاءات إلى وجود نحو 40 ألف مسلم سني في كولومبيا. وأوضح طايل أن هذا العدد الكبير للمسلمين لا يقتصر وجوده على كولومبيا، وإنما يمتد إلى الدول الرئيسة الأخرى بأميركا اللاتينية، مثل البرازيل وفنزويلا والإكوادور والمكسيك والأرجنتين وتشيلي، وهي البلدان التي تحتضن الملايين منهم، واللافت أن أعداد المسلمين في ازدياد مطرد داخل هذه الدول.
من جهته، أشار طايل لـ«الشرق الأوسط» إلى أن دراسة نشرت مؤخرًا من جانب «معهد بيو للأبحاث» ومقره واشنطن، أفادت بأنه بحلول عام 2050، سيصبح عدد المسلمين عالميًا أكبر من أتباع أي ديانة أخرى. وأضاف طايل أن «جميع الديانات الأخرى تتعايش مع الدين الإسلامي، وجميع الشعوب الأخرى أشقاء للمسلمين».
الملاحظ بالنسبة للمجتمع المسلم داخل كولومبيا أنه لم يتلق دعمًا ماليًا من أي من دول الشرق الأوسط، بفضل ما أبداه أبناء المجتمع المسلم الكولومبي من سخاء شديد في تبرعاتهم، لكن طايل أبدى ثقته بأنه في حال طلبهم العون، كانوا سيجدونه بسهولة.
من ناحية أخرى، يمتهن مسلمو كولومبيا بصورة أساسية التجارة، ويشتهرون بأنهم تجار ناجحون. وأوضح طايل أنه في الوقت الذي يسافر فيه غالبية المسلمين إلى الولايات المتحدة وأوروبا بغرض الدراسة، فإن المسلمين الوافدين إلى كولومبيا خاصة، وأميركا اللاتينية عامة، يسعون إلى العمل بالتجارة. وقال طايل: «إنك قد تشعر هنا في أميركا اللاتينية بأنك تعيش في زمن آخر، خصوصا في كولومبيا، ذلك أنك لا تجابه هنا أيًا من الصعوبات التي قد تعانيها في دول أخرى، أو في القارات الأخرى. في الواقع، تتميز كولومبيا بمستوى من الود قد لا يكون له مثيل في العالم».
يذكر أن غالبية مسلمي كولومبيا ينتمون إلى المذهب السني ويتمسكون به، ويحظون بقدر كبير من الاحترام والإعجاب. في المقابل، تحاول الجاليات الشيعية عبر إيران أن توجد بصورة أكبر عبر محاولة بناء أماكن عبادات لها على مستوى البلاد.
و أوضح طايل أن عدد مسلمي العالم يبلغ 1.6 مليار نسمة، منهم 10 في المائة شيعة يحصلون على الدعم بصورة أساسية من إيران. وأضاف أن إيران دولة تعيش داخل الدين ومن خلاله، وتعمد إلى تحويله إلى آيديولوجية في أميركا اللاتينية وحول العالم، الأمر الذي لا يروق له شخصيًا لأنه لا يحب أن يرى الدين يتحول إلى مشروع سياسي أو وطني، على حد قوله.
وفي ما يخص «مسجد أبو بكر» في بوغوتا الذي تقوم على رعايته الجالية المسلمة هناك، فإن الأمر اللافت بشأنه بساطته البالغة من الداخل، وواجهته التي يمتزج فيها اللونان الذهبي والأبيض. ويستقبل المسجد خلال صلاة الجمعة قرابة مائة مصل، لكن العدد يرتفع إلى نحو 300 في المناسبات الكبيرة. وينتمي غالبية مرتادي المسجد إلى الأجانب الذين يعيشون في كولومبيا، إلا أن البعض الآخر من الكولومبيين الذين اعتنقوا الإسلام.
إضافة لذلك، توجد جاليات عربية قوية في المدن الكبرى في كولومبيا، مثل بارانكييا وبوغوتا، وكذلك مناطق مثل جزيرة سان آندريس.
ويقول الشيخ طايل، رئيس الجالية المسلمة ورئيس «الاتحاد الإسلامي» في كولومبيا، إن المجتمع الكولومبي يفتح له الأبواب التي تمكنه من التواصل بصورة جيدة مع السكان المحليين، وذلك للقدرة على الامتزاج مع الثقافة الكولومبية والاختلاط معها بسهولة، وضرب مثالا على أن كثيرا من العرب والمسلمين يطلعون على الأدب الكولومبي، ومثاله أعمال الأديب الراحل غابرييل غارسيا ماركيز، الذي ترجمت روايته الشهيرة «مائة عام من العزلة» إلى العربية ونالت شهرة واسعة داخل الشرق الأوسط.
من جهته، يولي المجتمع المسلم دعمًا كبيرًا للشعب الكولومبي، ومن بين المهام التي يتطوع للمساهمة فيها، تحمل تكاليف تعليم أطفال الأسر الفقيرة هناك ومساعدة غير المسلمين.
ويقول طايل إن الجالية المسلمة في كولومبيا لها أيضا صوت، وإنه دائما ما يدعو إلى وضع نهاية للصراع المسلح الذي عصف بالبلاد طيلة 52 عامًا، لأن المسلمين في كولومبيا يمثلون مكونا أساسيا في البلاد، كما أضاف طايل أن التفاوض من أجل نيل السلام في كولومبيا يجب أن يستمر، وينبغي أن يعمل المسلمون على استثارة الضمير الجمعي، وذلك من أجل مصلحة الشعب الكولومبي ومصلحة الشعوب العربية، «دون أن ننسى سوريا» التي يأتي منها طايل، أملا في وضع حد للصراع الدامي الذي طال إخوانه هناك.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.