أكدت «الإفتاء المصرية» أن «فوضى الفتاوى زادت من ظاهرة تدفق المقاتلين الأجانب إلى الدول العربية والإسلامية، وهي الظاهرة التي فرضت نفسها بقوة على دوائر صنع القرار وأمام الهيئات والمنظمات الدولية؛ لما أحدثته تلك الظاهرة من زيادة هائلة في أعمال العنف والتطرف الديني». وقالت الدار أمس إن «أقاويل تيارات العنف الضالة ساهمت في لصق التطرف والعنف بالإسلام والمسلمين».
يأتي هذا في وقت تسعى قيادات دينية ومفتون وممثلو 80 دولة على مستوى العالم لإنشاء أول كيان إسلامي جامع لدور وهيئات الإفتاء على مستوى العالم خلال اجتماعهم بالقاهرة بعد غد (الاثنين)، لمواجهة فتاوى التطرف والإرهاب، والتصدي لغير المتخصصين للفتوى، والسعي الحثيث لوضع ضوابط وقواعد محددة لضبط إصدار الفتوى على مستوى العالم الإسلامي.
وقال مفتي مصر، الدكتور شوقي علام إن «إنشاء هذا الكيان الإفتائي العالمي يمثل نقطة فارقة من أجل السعي لتوحيد العمل الإفتائي ودفعه إلى صدارة المشهد، إضافة إلى توحيد جهود المسلمين لمواجهة فتاوى التطرف والإرهاب».
وأضاف المفتي لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الكيان المعتدل يساهم في دعم وتأهيل قادة الرأي الديني من أئمة المساجد بالغرب في مجال الإفتاء، لمواجهة ظاهرة التشدد والتحديات التي تواجه الجاليات المسلمة بالخارج».
ويرى محللون وخبراء، أن معدل تدفق المقاتلين من الدول الأوروبية إلى تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق كان في تصاعد خلال العام الماضي؛ لكنه تأثر قليلا خلال الأشهر القليلة الماضية عقب هرب الكثير من المقاتلين نتيجة هجمات قوات التحالف الدولي، وذلك بالمقارنة مع القادمين للتنظيم من الدول العربية، حيث تباينت الأعداد بين صعود وهبوط.
فيما يقول مراقبون، إن أفعال «داعش» تزيد من كراهية اليمين المتطرف في الغرب للمسلمين، وأن أفعالها سواء بالقتل أو التفجير لتجنيد الشباب من أوروبا الذين يعانون مشاعر الخوف والكراهية والعداء المبالغ فيه ضدهم كمسلمين والإسلام، وهي مشاعر يشاهدها الشباب بأعينهم عن طريق تنميط ذهني سلبي للمسلمين من قبل بعض الكتابات ووسائل الإعلام الغربية.
ورصدت دار الإفتاء بجانب ظاهرة تدفق الأجانب، ظاهرة أخرى وهي «الذئاب المنفردة» في الدول والحكومات غير الإسلامية، والتي نفذت الكثير من الأعمال الإرهابية ضد مصالح الدول التي يعيشون فيها وبعض من قام بتلك الأعمال يحمل جنسية الدولة المستهدفة ويتمتع بحقوق المواطنة كافة فيها؛ إلا أنهم تأثروا بعدد من الفتاوى والآراء المتطرفة التي نشرت على أيدي تيارات العنف والإسلام السياسي بالخارج فتأثر بها بعض المسلمين بالخارج، وبخاصة حديثو العهد بالإسلام الذين وقعوا ضحية في أيدي هؤلاء فتشربوا منهم المناهج المتطرفة والأقوال الشاذة باعتبارها من صحيح الدين وأسسه، مضيفة: «فسعوا في الأرض خرابا ظنا منهم أن تلك الأعمال جهاد في سبيل الله وتضحية من أجل رفعة الإسلام ورفع الظلم عن المسلمين؛ إلا أنها إفساد في الأرض وقتل للأنفس التي حرم الله وخيانة لله ورسوله».
و«الذئاب المنفردة» تعبير يقصد به تحول شخص أو اثنين أو ثلاثة على الأكثر إلى مقاتلين يقومون باستخدام المتاح لديهم من أسلحة، دون وجود أي رابطة عضوية أو تنظيمية يمكن تتبعها، إلا من خطوط عامة أو مناشدات من «داعش» لأعضائه أو أنصاره باستهداف دولة أو رعاياها بالقتل، كما حدث من قبل في استهداف المطارات والمساجد والحافلات.
يذكر أن الناطق باسم «داعش» أبو محمد العدناني، دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم لقتل رعايا الدول في أي مكان، باستخدام أي سلاح متاح دون العودة لقيادة التنظيم أو حتى الانضمام إليه.
من جهتها، أكدت دار الإفتاء المصرية أمس، أن «تجمع ممثلي 80 دولة بالقاهرة في ملتقى (التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة) يمثل محاولة جادة تربط بين الهيئات الإفتائية والجاليات المسلمة في الخارج فيما يتعلق بأمور الإفتاء وتوضيح صحيح الدين، وتنقية الفتوى مما لحق بها جراء ما يعرف بظاهرة فوضى الفتاوى».
مضيفة: أن «الملتقى يمثل خط الوصل المؤسسي الأول بين الأقليات المسلمة بالخارج والهيئات الإفتائية بالدول الإسلامية، وذلك بعد أن سيطرت بعض التيارات المنتمية إلى (الإسلامي السياسي) على منصات الخطاب الديني بالخارج، والتي نشرت عددا من الفتاوى والأطر المتشددة ساهمت بشكل كبير في تشويه الخطاب الديني ووصم الإسلام بالعنف والتطرف، وإلحاق الأذى والضرر بالمسلمين وغير المسلمين بالخارج».
واتفق 25 مفتيا من مختلف دول العالم في سبتمبر (أيلول) الماضي في القاهرة على تأسيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.. مهامها التنسيق بين دور الإفتاء لبناء منظومة إفتائية وسطية علمية منهجية تعمل على بناء استراتيجيات مشتركة بين دور وهيئات الإفتاء الأعضاء، لطرح خطاب إفتائي علمي متصل بالأصل ومرتبط بالعصر لمواجهة التطرف.
بينما قال مفتي مصر، إن جماعات التطرف والإرهاب تسعى إلى توظيف الدين والمعتقد لتحقيق المكاسب والتأييد وتمارس العنف بغطاء ديني لتبرير القتل وسفك الدماء؛ بل والالتفاف على النصوص الدينية وبترها من سياقها للترويج لأفكارهم التي تسعى إلى نشر الخراب والدمار في كل مكان.
وتابعت «الإفتاء» بقولها: إن ملتقى العلماء ومفتي الدول يسعى للتصدي لتلك التيارات وما يصدر عنها من فتاوى وأقاويل ضالة وهدامة، ولتكون أول هيئة إفتائية تربط بين الأقليات الإسلامية بالخارج وبين الهيئات الإفتائية الوسطية والمعتدلة في الدول الإسلامية، وتقديم أشكال الدعم والمساعدة كافة لتأهيل أئمة مساجد الأقليات المسلمة ليتصدوا للفتوى عبر أطر دينية صحيحة ومناهج إسلامية معتدلة، ليقوم المسلمون في الخارج بدورهم الوطني في بلدانهم ودروهم الحضاري في الربط بين العالم لإسلامي والغربي، وإثراء الحضارة الغربية بكافة القيم والتعاليم الإسلامية البناءة.
مفتون من 80 دولة يسعون لتدشين أول كيان عالمي للإفتاء لمواجهة الإرهاب
«فوضى الفتاوى» زادت من ظاهرة المقاتلين الأجانب في الدول العربية والإسلامية
مفتون من 80 دولة يسعون لتدشين أول كيان عالمي للإفتاء لمواجهة الإرهاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة