كولومبيا تكشف عن محادثات جديدة مع آخر فصيل متمرد

الإكوادور تستضيف المحادثات.. ودول إقليمية أخرى تضمن إتمام الصفقة لتحقيق السلام الشامل

جانب من مظاهرة مؤيدة لاتفاق السلام (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة مؤيدة لاتفاق السلام (أ.ف.ب)
TT

كولومبيا تكشف عن محادثات جديدة مع آخر فصيل متمرد

جانب من مظاهرة مؤيدة لاتفاق السلام (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرة مؤيدة لاتفاق السلام (أ.ف.ب)

لا تزال آفاق السلام في كولومبيا يشوبها كثير من الغموض وعدم اليقين. ففي حين أن اتفاق السلام الأخير بين الحكومة الكولومبية والمتمردين ينهي عقودا من الصراع مع أكبر جماعة متمردة في البلاد، لا يزال الاتفاق متعثرا بسبب رفض الشعب الكولومبي لهذا الاتفاق.
وفي هذه الأثناء، أُعلن في فنزويلا عن بدء محادثات السلام مع ثاني أكبر الجماعات المتمردة في كولومبيا، التي تدعى «جيش التحرير الوطني»، وتُعرف اختصارا بـ(ELN). وتقول التقديرات إن جيش التحرير الوطني يضم نحو ألفي عنصر مسلح، ويعرف عنه ارتكاب عمليات الاختطاف وشن الهجمات على البنية التحتية النفطية في البلاد؛ الجزء المهم والحيوي من الاقتصاد الكولومبي.
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية الكولومبية، أعلنت الوفود الرسمية من الحكومة الكولومبية، ممثلة في السفير الكولومبي الأسبق إلى المملكة المتحدة موريسيو ردوريغيز، وجيش التحرير الوطني، ممثلا ببابلو بيلتران، أن المحادثات سوف تبدأ بصورتها الرسمية يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، في كيتو عاصمة الإكوادور، على الرغم من أن تلك المحادثات سوف تعقد تحت رعاية دول إقليمية، مثل فنزويلا وكوبا والبرازيل وتشيلي.
وقبل ذلك التاريخ، يلتزم جيش التحرير الوطني بالإفراج عن رهينتين اثنتين قيد الاحتجاز لديه، ومن غير المعروف إن كان هناك احتجاز لمزيد من الرهائن من عدمه.
ومن إحدى حالات الاختطاف المثيرة التي نفذتها عناصر جيش التحرير الوطني ما وقع بحق أودين سانشيز، السياسي الذي سلم نفسه إلى عناصر الجيش المتمرد في مقابل الإفراج عن شقيقه، باتروسينيو، الذي كان قد أمضى عدة سنوات في الأسر. ورغم ذلك، دفعت أسرته مبلغ 170 ألف دولار إلى جيش التحرير الوطني للسماح بالتبادل.
وفي أعقاب الإعلان عن محادثات السلام في فنزويلا، صرح رئيس كولومبيا، خوان مانويل سانتوس، أنه مع بدء المحادثات الرسمية مع جيش التحرير الوطني، سوف يكون هناك «سلام كامل»، مشيرا إلى حقيقة مفادها أن الحكومة الكولومبية تسعى إلى حل تفاوضي مع كل الأطراف المعنية بالصراع في البلاد، وأن بلاده عانت من المصاعب والشدائد كثيرا، وتعرف كيف تستخدمها في العثور على الفرص الحقيقية.

جدول أعمال المفاوضات
تختلف القوات المسلحة الثورية الكولومبية عن جيش التحرير الوطني اختلافا كبيرا، فالأولى تعود بجذورها إلى الفلاحين والمزارعين في الريف الكولومبي، في حين بدأ جيش التحرير تمرده داخل المدن التي شهدت كثيرا من التقارب مع آيديولوجية الثورة الكوبية، ونظرية التحرير، وهي العقائد والمبادئ الاشتراكية الشعبوية التي تجد لها بعض الزخم لدى الكنيسة الكاثوليكية. ولقد تأسس جيش التحرير الوطني في عام 1964، في سيماكوتا، من إقليم سانتاندر الواقع في جنوب شرقي كولومبيا.
ويحذر المحللون من أهمية النقاط الأولى للمفاوضات بين جيش التحرير الوطني والحكومة الكولومبية، التي تدور حول المشاركة، مما يعني أن الجمهور الكولومبي لا بد أن يقدم مقترحاته بشأن القضايا محل المفاوضات والمناقشات بين الجانبين. وهذا من الفوارق الأساسية عن عملية التفاوض التي أجريت مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية، حيث لم يستمع أحد لأصوات الشعب إلا في أعقاب الاتفاق على جدول أعمال المفاوضات مباشرة بين الطرفين المتفاوضين.
ومع ذلك، فإن طريقة التفاوض ستكون مماثلة لما جرى مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية. وقد جاءت تلك التطورات بعد ثلاثة أعوام من الحوارات السرية بين الحكومة والحركة.

رسالة من الرئيس سانتوس
وفي رسالة إلى الشعب الكولومبي، احتفالا ببدء محادثات السلام مع جيش التحرير الوطني، طالب الرئيس خوان مانويل سانتوس، الفائز بجائزة نوبل للسلام، القادة الرئيسيين الذين قادوا حملة المعارضة لاتفاق السلام مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية، بأن يتقدموا سريعا بالمقترحات الحقيقية لديهم، مشيرا إلى أنه سيواصل الالتقاء مع زعماء جماعات المعارضة للوقوف على آرائهم حول عملية المفاوضات التي رفضت بفارق ضئيل من الأصوات في الاستفتاء الشعبي. وكان الرئيس الكولومبي قد أعلن أخيرا عن تبرعه بقيمة جائزة نوبل، التي تقدر قيمتها بـ930 ألف دولار، لصالح ضحايا الصراع.
ومن جانب آخر مدد الرئيس سانتوس وقف إطلاق النار مع متمردي القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) حتى نهاية العام بينما يسعى لإحياء اتفاق سلام لإنهاء حرب امتدت لخمسة عقود وذلك بعد أن رفض الناخبون الاتفاق في استفتاء. وألغي العمل بوقف إطلاق النار الذي بدأ في أغسطس (آب) بعد رفض اتفاق السلام في استفتاء أجري هذا الشهر. وكان الرئيس قد مده بالفعل حتى 31 أكتوبر (تشرين الأول).
ويأتي القرار بينما يستمع سانتوس وفريقه لمقترحات من ممثلي من صوتوا ضد الاتفاق، والذي رفض بفارق طفيف يقل عن نصف نقطة مئوية، باعتباره متساهلا مع المتمردين. وسيطرح الرئيس المقترحات على قيادة «فارك» في هافانا التي قالت إنها مستعدة لمناقشة أفكار جديدة.
وقال سانتوس، مساء الخميس، إنه قرر مد وقف إطلاق النار عقب الاجتماع مع قيادات طلابية نظمت مسيرتين حاشدتين في بوغوتا لإظهار الدعم لاتفاق سلام.
وقال سانتوس في خطاب بثه التلفزيون «أحد الطلاب ذكرني بأنه في صفوف الجيش والجماعات المسلحة هناك شبان ينتظرون ليروا ما سيحدث ويأملون ألا يضطروا لإطلاق رصاصة أخرى.. لهذا السبب وبناء على طلب الطلاب اتخذت القرار بمد وقف إطلاق النار حتى 31 ديسمبر (كانون الأول)».
ومن الممكن مد وقف إطلاق النار بعد هذا الموعد لكن سانتوس عبر عن أمله في إقرار اتفاق جديد قبل ذلك الحين. وفاز سانتوس بجائزة نوبل للسلام لهذا العام لجهوده من أجل إنهاء الحرب. وغضب المعسكر الرافض للاتفاق من أنه يمنح المتمردين عشرة مقاعد بالكونغرس بالإضافة إلى عقوبات غير تقليدية مثل إزالة الألغام بدلا من السجن مقابل إنهاء الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 220 ألف شخص.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.