اللاجئون في ألمانيا.. بين تعلم اللغة أو العمل بشكل غير قانوني

عدد طلباتهم المقدمة للسلطات تراجع بشكل حاد خلال الأشهر الماضية

اللاجئ السوري أحمد العبابيدي (أ.ف.ب)
اللاجئ السوري أحمد العبابيدي (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون في ألمانيا.. بين تعلم اللغة أو العمل بشكل غير قانوني

اللاجئ السوري أحمد العبابيدي (أ.ف.ب)
اللاجئ السوري أحمد العبابيدي (أ.ف.ب)

وصل السوريان أحمد العبابيدي وأحمد د. قبل عام إلى ألمانيا على غرار مئات آلاف اللاجئين، وبعد الخضوع لعملية إدارية طويلة ومعقدة، يجهد أحدهما لإعادة بناء حياته فيما اضطر الآخر إلى العمل بشكل غير قانوني.
تلقى العبابيدي (23 عاما) الذي كان يدرس الاقتصاد في دمشق رسالة لم يفقه منها شيئا وطلب مساعدة أحد المتطوعين لترجمتها، أبلغته فيها السلطات بأنه حصل على وضع لاجئ ومنحته إقامة لمدة ثلاث سنوات. عندها ابتسم العبابيدي للمرة الأولى منذ 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 عندما قبل ذويه للمرة الأخيرة قبل أن يحزم حقائبه ويغادر إلى أوروبا.
يقول العبابيدي النحيل القوام وهو يجلس في حديقة يقصدها غالبا للتنزه في برلين: «لقد خسرت كل شيء في سوريا بيتي وأصدقائي وجامعتي وأنا أحلم بإعادة بناء حياتي هنا».
ويضيف العبابيدي المصمم على النجاح في الاندماج أنه بين دراسة الألمانية والساعات التي يمضيها في المكتبة وفي التحادث مع ألماني «لا يزال أمامي الكثير لأتعلمه هنا. إنه عالم جديد». كما أنه يريد استئناف دراسته الجامعية بمجرد أن يتيح له مستواه في اللغة ذلك وإيجاد عمل «أيا كان» لتأمين مصاريفه.
لكن ومع قدوم عدد قياسي من المهاجرين بلغ 890 ألفا في عام 2015 لا تزال السلطات الألمانية تواجه صعوبات من أجل ضمان عملية اندماج ناجح. والملفات تتراكم ولن تكون السلطات قادرة هذا العام على النظر في طلبات لجوء يتراوح عددها بين 200 و250 ألفا.
أما الأستاذ هربرت بروكر من معهد الأبحاث في تحقيق للوكالة الفرنسية للأنباء حول سوق العمل لدى وكالة التوظيف يقدر أن بين 30 إلى 50 ألف لاجئ فقط قدموا العام الماضي وجدوا عملا وأن 160 ألفا فقط لديهم مكان في «دروس الاندماج»، في الوقت الذي يشكل فيه تعلم اللغة الألمانية «مفتاح» الدخول الناجح إلى عالم العمل.
هنا تكمن مشكلة أحمد د. (36 عاما) الفلسطيني من سوريا الذي لا يحمل شهادة جامعية وليس لديه كفاءات فعلية، وكان يعتمد في دمشق على أعمال بسيطة قبل أن ينتقل إلى مخيم للاجئين في الأردن، وهو لم يتعلم أي كلمة بالألمانية.
يعتمد أحمد على عراقي يشاركه مكان الإقامة لمساعدته في إجراءاته وفي المراسلات الإدارية في حياته اليومية. وإذا كان أحمد حصل على ترخيص بالإقامة لمدة ثلاث سنوات، إلا أنه لا يزال في مركز الاستقبال بسبب عدم إيجاده عملا بما أنه لا يتمتع بمهارات.
تقول إحدى العاملات الاجتماعيات في مركز الاستقبال إن مستوى التعليم المتدني لكثير من اللاجئين يشكل عقبة حقيقية. وتضيف «بعضهم أمي. كيف السبيل لتعليمهم لغة عندما لا يتقنون القراءة أو الكتابة؟».
يقول معهد الأبحاث حول سوق العمل إن 35 في المائة من المهاجرين القادمين في عام 2015 حصلوا على التعليم الثانوي، بينما يقتصر المستوى التعليمي لـ25 في المائة على الابتدائي و10 في المائة لم يتلقوا أي تعليم أبدا.
لتلك الأسباب ورغم حصوله على ترخيص بالعمل انتقل أحمد إلى الوظائف غير القانونية ويتنقل بين ورشات البناء، حيث يدفع له بالساعة أو اليوم دون أي تأمين صحي، وفي هذه الحالة مخاطر تعرضه للنصب كبيرة.
يروي أحمد الذي رفض الكشف عن هويته بسبب عمله بشكل غير قانوني: «عملت طيلة أسبوعين والرجل الذي أمن لي الوظيفة اختفى ولم أقبض أتعابي أبدا». إزاء هذه الصعوبات، طلبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مؤخرا من الشركات الكبرى بذل جهود أكبر من أجل اندماج المهاجرين في سوق العمل لكن العملية طويلة جدا على ما يبدو.
على صعيد السكن كل الخيارات مؤقتة. فقد أمضى أحمد وأحمد الأشهر التسعة الأولى من الإقامة الجديدة في قاعة للرياضة تحت سلال كرة السلة كان كل شخصين يتقاسمان كل ما يشبه «الغرفة» يفصلها عن غيرها غطاء من البلاستيك. ويتشارك كل 148 «مقيما» في ثلاثة حمامات. لكنهما يقيمان منذ سبتمبر (أيلول) في مبنى تم تحديثه لكن الاختلاط القسري لا يزال سائدا. ويشكو العبابيدي «أتقاسم غرفتي مع صديق ولاجئ آخر لم أكن أعرفه من قبل لكنه ليس نظيفا كما أنه يصدر كثيرا من الضجيج».
وسعى العبابيدي طيلة الصيف لإيجاد شريك في الإيجار أو شقة صغيرة. كما ترفض بلدية برلين تحمل نفقات الإيجار البالغة 364 يورو. ويقول العبابيدي: «لقد أرسلت مائتي بريد إلكتروني لكن أحدا لا يريد أن يؤجر للاجئين».
ومن جانب آخر، ذكرت تقارير أن وزارة الداخلية الاتحادية الألمانية تعتزم تشديد قواعد الترحيل. وذكرت صحيفة «راينيشه بوست» الألمانية في عددها الصادر أمس الأربعاء استنادا إلى مشروع قانون ينص على ذلك، جاء فيه أنه من المقرر ألا يتم إبلاغ هؤلاء الأشخاص مستقبلا بموعد الترحيل قبل شهر منه. وأضافت الصحيفة أن وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزير يعتزم بالتوازي مع ما سبق تمديد الفترة المخصصة للاحتجاز قبل المغادرة من أربعة أيام إلى 14 يوما، لا سيما بالنسبة للأشخاص الذين يتهربون من الترحيل.
يذكر أن دي ميزير أعلن بعد الهجمات التي حدثت في فصل الصيف حزمة أمنية شاملة بالنسبة للأجانب الجانحين والأشخاص الذين يعرضون البلاد للخطر.
وجاء في مشروع القانون الذي يوجد في مرحلة التنسيق منذ يوم الجمعة الماضي عن هذا الأمر مثلا «أنه لا بد من الأمر مستقبلا بالاحتجاز من أجل ضمان الترحيل، إذا تمت إدانة الشخص الملزم بالترحيل قانونيا بسبب قيامه بجريمة أو عدة جرائم متعمدة أو لأنه من المتوقع صدور خطر منه».
وواصل عدد طلبات اللجوء المقدمة في ألمانيا تراجعه الحاد خلال الأشهر الماضية. وقال وزير الداخلية الألماني أمس الأربعاء في برلين إنه تم تسجيل 213 ألف طلب لجوء خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي.
وفي الوقت نفسه، ارتفع عدد حالات البت في طلبات اللجوء إلى نحو 460 ألف حالة، بزيادة قدرها 165 في المائة مقارنة بالشهور التسعة الأولى لعام 2015. وذكر دي ميزير أنه تم البت في نحو 70 ألف طلب لجوء خلال سبتمبر (أيلول) الماضي وحده، واصفا ذلك بـ«التحول الجذري». وبوجه عام ارتفع عدد طلبات اللجوء في ألمانيا إلى نحو 660 ألف طلب، وذلك بسبب تقدم كثير من اللاجئين الذين وصلوا إلى ألمانيا عام 2015 بطلبات لجوئهم عام 2016. وينحدر معظم اللاجئين الذين تقدموا بطلبات لجوء في ألمانيا خلال العام الحالي من سوريا (نحو 250 ألف لاجئ)، ثم أفغانستان (116 ألف لاجئ)، ثم العراق (89 ألف لاجئ)، ثم إيران (23 ألف لاجئ).
وفي النمسا صرح متحدث باسم وزارة الداخلية النمساوية بأن عدد طالبي اللجوء الذين يصلون إلى البلاد سيظل على الأرجح أقل من 37 ألف الذي حددته الحكومة في وقت سابق من العام الحالي. وإذا ما تجاوز عدد الوافدين هذا السقف، فإن النمسا ستنفذ تدابير طارئة لرفض جميع طالبي اللجوء على الحدود تقريبا.
وقال المتحدث لوكالة الأنباء الألمانية إنه منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، تم تلقي نحو 28 ألف طلب لجوء. وتجدر الإشارة إلى أن النمسا، إضافة إلى ألمانيا والسويد، هي الأكثر معاناة من أزمة الهجرة منذ العام الماضي. وكانت النمسا قد استقبلت 90 ألف طالب لجوء العام الماضي، إلا أن الضغوط التي مارسها «حزب الحرية» اليميني المتشدد إلى جانب الضغوط التي مارسها الرأي العام على الحكومة أجبرتها على تبني سياسات مقيدة في وقت سابق من العام الحالي.



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.