قوات الشرعية تحرر منفذ البُقع البري.. وتتقدم صوب صعدة

لواء الصحراء يباغت الحوثيين في عقر دارهم .. والمقاومة اليمنية شاركت في العملية العسكرية الخاطفة

جانب من الدمار الذي خلفته المعارك بإحدى القرى قرب صعدة (رويترز)
جانب من الدمار الذي خلفته المعارك بإحدى القرى قرب صعدة (رويترز)
TT

قوات الشرعية تحرر منفذ البُقع البري.. وتتقدم صوب صعدة

جانب من الدمار الذي خلفته المعارك بإحدى القرى قرب صعدة (رويترز)
جانب من الدمار الذي خلفته المعارك بإحدى القرى قرب صعدة (رويترز)

نجحت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية اليمنية بإسناد من طيران التحالف في تحرير منفذ البقع البري الحدودي بين اليمن والمملكة العربية السعودية والواقع شمال محافظة صعدة، وواصلت هذه القوات تقدمها باتجاه مدينة صعدة معقل الجماعة الحوثية.
ووزعت المقاومة والجيش صورا لقواتها وأفرادها وهم في منفذ البقع بعد تحريره وكذا في الطريق الأسفلتي المؤدي إلى مدينة صعدة، مؤكدة أنها سيطرت على المنفذ إثر عملية خاطفة وسريعة تمكنت فيها من طرد الميليشيات الانقلابية التي تتحكم بالمنفذ الدولي منذ السيطرة عليه العام الماضي، فضلا عن تحرير 8 مواقع أخرى بالقرب منه.
وقالت مصادر في الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن قوة من الجيش والمقاومة بقيادة الشيخ مصلح بن الأثلة حررت المنفذ الحدودي مع المملكة، وإن تلك القوات واصلت، أمس، التقدم صوب مدينة صعدة الواقعة على بعد نحو 150 كلم جنوبا من المنفذ. وأشارت إلى توغل القوات الحكومية نحو 29 كيلومترا وفي محورين، كاشفة عن استيلاء قواتها على آليات وأسلحة متنوعة مثل الهاون وآر بي جي ومعدلات تركتها الميليشيات بعيد فرارها من المنفذ الدولي، مؤكدة سقوط قتيلين وستة جرحى بين صفوف المقاومة. وكشفت المصادر عن مشاركة ثلاثة قيادات في مقاومة عدن وهم بسام المحضار وهاشم السيد ومهران القباطي الذين أسندت لهم قيادة تلك القوات المهاجمة للميليشيات في منفذ البقع.
وقال نجيب غلاب، رئيس منتدى الجزيرة والخليج للدراسات إن جبهة البقع والاتجاه إلى مدينة صعدة يمثل المتغير الأكثر حيوية في المعركة وهي مكملة للمحاور الأخرى المحيطة بصنعاء. وأكد غلاب لـ«الشرق الأوسط» أهمية معركة تحرير صعدة لكونها المحافظة التي تعشعش فيها الشبكات الأكثر خطرا والمتحكمة بصنعاء، كما أنها مركز الانطلاق باتجاه صنعاء والمحافظات وباتجاه الحدود اليمنية السعودية وفيها الدبابير السامة المنتجة للحرب والإرهاب والتهريب. وأشار إلى أن نقل المعركة إلى صعدة في غاية الأهمية، لأن عزلها عن المواجهة يمكن الحوثية من تحويلها إلى مركز لتصدير الفوضى بالذات أنها مقر الخلية الأمنية الإيرانية ومركز صناعة قرار الانقلاب. وأضاف أن معركة تحرير صعدة مهمة لإسقاط الانقلاب ومهمة لإنقاذ اليمن وتقوية جذور الدولة مستقبلا، فهذه الجغرافيا مثلت خلال الخمسين السنة الماضية عِش الشياطين المتآمرين على جمهورية الشعب وهي معركة مصيرية لليمنيين جميعا. وأوضح الباحث اليمني أن القوة التي تم تجهيزها صلبة وقوية ومتيقنة بمشروعها الوطني وهذه القوات تتشكل من نخبة مقاتلة من جميع المحافظات وتشكل القوة العسكرية الجنوبية فيها مركز ثقل حيويا، فتأمين صنعاء ومحافظات الجمهورية يعتمد على تحرير صعدة وملاحقة ميليشيات الحوثية في كل مديرياتها. ولفت غلاب إلى أن الأكثر أهمية في معركة صعدة أن أبناءها واجهوا مظالم وسطوة الحوثية لفترات طويلة ولديهم الحافز للمواجهة ربما أكثر من غيرهم، فقد شردهم الحوثيون وهم يديرون حرب استرداد محافظتهم من وكلاء إيران.
من جهته، قال العقيد مهران قباطي، قائد محور صعدة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية قاموا بعملية نوعية، بمباغتة قوات المخلوع صالح والحوثيين، والهجوم عليهم من جميع الجهات، والسيطرة على عدة مواقع وجبال استراتيجية في صعدة، وأضاف: «بحمد الله تم جمع قوة ضاربة وكبيرة من القوات التي حررت المناطق الجنوبية، وترتيبهم على كتائب تحت مسمى لواء الصحراء يتحرك بشكل منظم، وتم تدريب أفراده على الأسلحة، وتمت مباغتة العدو من جميع الجهات، ولا يمكنني تحديد المحاور لظروف سير العمليات العسكرية حتى الآن». وأكد عبر الهاتف من محافظة صعدة: «تمت السيطرة على عدد من التباب والجبال الاستراتيجية، وتحصلنا على غنائم من مختلف أنواع الأسلحة، ووجدنا طعام الانقلابيين وهو لا يزال ساخنًا بعد أن فروا هاربين».
وأكد العقيد قباطي الذي قدم شكره لدول التحالف العربي، وعلى رأسها السعودية، التي ساندت وأمدت وفتحت الطريق أمام الجيش والمقاومة الجنوبية لتحرير هذه المواقع في صعدة، أن الأيام القليلة المقبلة ستزف لليمنيين بشائر سارة لحسم هذه المعركة، وتخليص الشعب ممن أسماهم الخارجين عن شرعية الرئيس هادي، متابعا: «هناك محاور أخرى، وعما قريب ستسمعون أخبارا تسر الشعب اليمني، وتم التقدم بقيادة الشيخ هاشم السيد، والعقيد بسام المحضار، وعدد من القادة، في هذه العملية، وما زلنا في التقدم.. أكرر: قريبًا ستسمعون أخبارا تسر الشعب اليمني، ولا يمكنني الإفصاح عنها الآن».
وكشف قائد محور صعدة أن مسألة حسم قضية الخارجين عن شرعية الدولة الذين يوالون المخلوع وميليشيات الحوثي أصبحت مسألة وقت ليس إلا، وأردف «ستحسم القضية من أبناء الجنوب والجيش الوطني، سيطرنا على البقع، إلا أن الألغام عرقلت التقدم قليلاً، وكان هناك ردة فعل من الانقلابيين، لكن الجيش ثابت والسيطرة بأيدينا».
وشدد قباطي على أن العملية تمت بالتنسيق التام مع قوات التحالف العربي، وعلى رأسهم السعودية، مضيفا: «نشكر دول التحالف، وعلى رأسها السعودية، التي ساندت وأمدت وفتحت لنا الطريق لحسم هذه القضية مع هؤلاء الخارجين، لدينا تنسيق مع التحالف، وقد خسرنا 3 شهداء و6 جرحى، وبإذن الله عازمون على حسم الأمر حتى يسلموا السلاح، وينقادوا لشرعية الدولة».
وبيّن العقيد مهران أن قوات الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية استغلت الضغط الذي مورس على الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح في جبهات مأرب والجوف وصنعاء، ومباغتته في جبهة البقع، الأمر الذي لعب دورًا كبيرًا في تقدمهم في محافظة صعدة. ودعا القباطي الشعب اليمني إلى التكاتف والتماسك، وأن يكونوا على قلب رجل واحد، ويقفوا ضد نظام المخلوع صالح والحوثيين الذين عاثوا في البلاد فسادا ودمروها.
من جهته، قال السكرتير الإعلامي في الحكومة اليمنية، غمدان الشريف لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة اليمنية عملت ومنذ البداية على استعادة الدولة ومن خلال خيارين أولهما السلام وذلك من خلال المرجعيات الثلاث المعروفة والمتمثلة بمبادرة الخليج ومقررات مؤتمر الحوار وقرارات الشرعية الدولية، حرصا منها على حقن الدم، فيما الخيار الآخر وهو العسكري بعد أن تعنتت الميليشيات الانقلابية رافضة أي مبادرات سلام، لافتا إلى أن معركة تحرير صعدة تأتي في سياق الخيار العسكري الذي فرض على الحكومة والسلطة الشرعية عموما.
وأوضح الشريف أن ما حدث مؤخرا في الجوف من تحرير لمعقل الحوثيين في مديرية الغيل ومن ثم مديرية صرواح في مأرب والآن في صعدة بأنه ضمن المخطط العسكري الذي تم تحاشيه وإرجاؤه لعل الميليشيات تعود لصوابها وتبادر إلى تجنيب اليمنيين المزيد من الخراب والدمار والدم، مؤكدا أن ما حدث في البقع بكل تأكيد سيكون له تأثير على مجريات المعارك الدائرة في أكثر من جبهة، مشيدا بالتفاف القبائل اليمنية في صعدة ومأرب والجوف إلى جانب الجيش الوطني، منوها إلى أن تحرير منفذ البقع الحدودي خطوة هامة جغرافيًا واستراتيجيا وبداية المعركة نحو تحرير صعدة التي بدأت هناك ومن خلال ثلاثة محاور للجيش والمقاومة.
وكان محافظ صعدة هادي طرشان أكد أن منفذ البقع تم تحريره بالكامل من قبل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وأن طلائع الجيش والمقاومة تقدموا عشرات الكيلومترات، باتجاه مدينة صعدة. وقال مصدر في الجيش الوطني لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن قوات الجيش والمقاومة بقيادة العقيد هاشم السيد والعقيد بسام المحضار والعميد مصلح بن الأثلة حررت منفذ البقع. وقامت الميليشيات الحوثية في صعدة بتوزيع الأسلحة الخفيفة على المواطنين مطالبة إياهم في الدفاع عن المحافظة التي تتعرض لما أسمته بالعدوان الخارجي. ويعد منفذ «البقع»، أحد أهم المنافذ الحدودية البرية لليمن مع السعودية، ويبعد عن مدينة صعدة (مركز المحافظة الإداري) نحو 150 كلم، بينما يبعد عن مدينة نجران السعودية بنحو 100 كيلومتر، يقابله في الجانب السعودي منفذ «الخضراء» التابع لمنطقة نجران. ورغم قيام السلطات اليمنية بتحديثه بأجهزة ومعدات حديثة قبل انقلاب الميليشيات فإن الأخيرة وعقب سيطرتها على المنفذ إحالته إلى مركز للنهب والإتاوات الجائرة المفروضة على التجار والمغتربين وشاحنات البضائع القادمة من دول الجوار.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».