يشهد مسرح دار الأوبرا في المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا» مساء اليوم، حفل توزيع جائزة كتارا للرواية العربية في دورتها الثانية.
وعرف المهرجان خلال يومين متتاليين تنظيم عدد من الجلسات والندوات الحوارية حول «الرواية العربية في عالم متغير».
وشهد اليوم الأول من مهرجان كتارا للرواية العربية في نسخته الثانية، تنظيم جلستين حواريتين، الأولى حول «كتاب الرواية العربية في القرن العشرين: التأسيس والتطوير والظهور والأنماط تأليف مشترك»، أدارتها الدكتورة مريم جبر من الأردن. وشارك فيها كل من الدكتور سعيد يقطين من المغرب والدكتور محمد الشحات من مصر. في حين ناقشت الجلسة الثانية كتاب «الرواية القطرية: قراءة في الاتجاهات» للدكتور أحمد عبد الملك.
وأبرزت مريم جبر أن هذين الكتابين يأتي إصدارهما في إطار مشروع جائزة كتارا، الذي اعتبرته مشروعا رائدا يضع الرواية العربية على محك أسئلة الفن والواقع، ويلفت اهتمام النقاد والقراء على السواء إلى كل جديد في تطور هذا النوع الأدبي الذي يبدو الأكثر حضورا وحظوة.
وأعرب الدكتور محمد الشحات، عن تشرفه بالإسهام ولو بقدر يسير في هذا الكتاب حين كُلِّف بالإسهام بالكتابة النقدية في هذا الكتاب وتحديدا في الفصل الخاص بالرواية في مصر والسودان في القرن العشرين، لافتا إلى أن الكتاب يمكن موضعته بوصفه كتابا تاريخيا نقديا لأنه معني برصد التحولات المفصلية في الرواية المصرية عبر مراحل مختلفة، ليعرج بعد ذلك على باقي الفصول.
واعتبر الناقد المغربي، الدكتور سعيد يقطين، الكتاب إنجازا نوعيا، وسيكون له دور كبير في تطوير رؤيتنا إلى الرواية العربية.
وذكر يقطين بعضا من الأسباب التي أسهمت في تأخر ظهور الرواية في دول المغرب العربي مقارنة بمصر، ومرحل تطور الرواية في المغرب تحديدا، مُرجعا ذلك إلى أن الأجيال الجديدة التي ظهرت فيما بعد الاستقلالات العربية وجدت الرواية المصرية قد تأصلت واكتملت، وبالتالي فإن كتاب الرواية في المغرب العربي جيل قارئ للرواية الكلاسيكية، ولكنه تكون في نطاق وعي يساري سواء على المستوى السياسي أو على المستوى الأدبي لذلك لن يستنسخ الرواية الرومانسية أو الكلاسيكية التي كتبت في مصر واندمج في موجات التجريب. وهذا السياق يسمح بالحديث عن رواية عربية لها ملامحها وخصوصيتها ومن بين ما تنتظره هذه الرواية توسيع هذا المشروع من خلال طرح أسئلة أخرى عن الرواية العربية.
وخلال الجلسة الثانية التي خصصت لكتاب «الرواية القطرية: قراءة في الاتجاهات» للدكتور أحمد عبد الملك، ذكر مؤلف الكتاب، أن الرواية القطرية بدأت نسائية، إذ في عام 1993 بدأت شعاع خليفة روايتها الأولى «العبور إلى الحقيقة»، وفي العام نفسه أصدرت شقيقة شعاع وهي دلال خليفة روايتها «أسطورة الإنسان والبحيرة» ومنذ ذلك التاريخ وحتى عام 2005 توقفت الإصدارات ثم جاءت روايته «أحضان المنافي»، ثم ظهرت مريم آل سعد بروايتها «تداعي الفصول»، وعبد العزيز آل محمود بأول رواية تاريخية وهي «القرصان» ثم رواية «الشراع المقدس»، ثم ظهرت رواية عيسى عبد الله «كنز سازيران»، وبعد ذلك جاءت رواية جمال فايز «زبد الطين».
وأوضح عبد الملك أن الكتاب يمثل قراءة في تجارب قطرية مجيبا عن عدد من الأسئلة منها: ما الرواية القطرية؟ وما اتجاهاتها؟ باحثا في 23 عملا صنف منها 23 عملا يستحق أن يكون في لائحة انطباق الخصائص السردية على هذه الأعمال.
وقدم الإعلامي سمير حجاوي قراءة في الكتاب نيابة عن الدكتور أنطوان طمعة، إذ استعرضت الورقة التي قدمها النتائج الإيجابية التي حققتها الدراسة التأسيسية من حيث المنهجية والموضوعات، والحدود التي وقفت عندها والثغرات التي تخللتها، والعلاقة بين الإنتاج الروائي من جهة والإنتاج النقدي الإبداعي من جهة أخرى، وأهمية المواءمة بين الإبداع في مسار نمو الرواية القطرية وتطورها.
وخلال اليوم الثاني توالت الجلسات والندوات المصاحبة لمهرجان كتارا للرواية العربية الثاني.
وفي هذا الصدد، أدار الناقد الدكتور سعيد يقطين، جلسة بعنوان «المتغيرات في الرواية العربية المعاصرة»، شارك فيها الدكتورة رزان إبراهيم من جامعة البتراء والناقد الدكتور مصطفى جمعة من مصر.
وقالت الدكتورة رزان إبراهيم، في مداخلتها الموسومة بـ«الرواية العربية المعاصرة اتصال أم انقطاع؟»: «لا يستطيع أي منا أن يدّعي أنّ تغيرًا في الرواية يتم في شكل دوائر مغلقة، إذ لا توجد هناك قفزة مفاجئة من صيرورة سردية إلى أخرى».
وأثناء حديثها عن الأنماط الروائية السائدة الآذن، ذكرت رزان إبراهيم أن هناك نمطا سرديا له حضوره الآن ولم يتخلق مباشرة بعد عام 2010.
وتحدث الدكتور مصطفى جمعة عن «السرد الروائي العربي في الفضاء الرقمي»، وكيفية تفاعل الأدباء العرب معه، فناقش الباحث في الجزء النظري علاقة الأدب بعالم الإنترنت الذي بات حقًا من حقوق الإنسان المعاصر، ومن ثم تطرق إلى الجانب التطبيقي، وقد حصره في أشكال السرد الروائي على الإنترنت، وأنماطه المختلفة مثل الرواية الفيسبوكية والرواية التكنولوجية ورواية علاقات الإنترنت وغيرها، مناقشا الماهية والبنية والجماليات وأوجه الإضافة والتمايز عن الرواية التقليدية المطبوعة، ليسدل الستار عن الجلسة الأولى من اليوم الثاني بمداخلة للروائي الدكتور أمير تاج السر، قدم خلالها شهادة خاصة به.
وخلال الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور شكري الماضي، قدم كل من الدكتور عبد الملك أشهبون والدكتور إبراهيم عبد المجيد، ورقتين: الأولى بعنوان: «التخيل السير ذاتي في السرد العربي: التركيب والدلالة»، بينما جاءت الثانية بعنوان: «الشكل الفني للرواية وتاريخ الفنون».
ويرى أشهبون أن الكاتب العربي في سعيه الحثيث للخروج من سجن الكتابة المباشرة للسيرة الذاتية، من أجل معانقة عوالم كتابة سيرة ذاتية أكثر تحررا وتمردا وشاعرية؛ عمد إلى الثورة على أبرز مقومات السيرة الذاتية المألوفة، من قبيل: «قول الحقيقة»، «الصدق»، و«الكتابة المطابقة للواقع»، في حين أفرزت رؤيته الجديدة تحققات سردية أغلبها يتأرجح بين الرواية والسيرة. وتساءل إبراهيم عبد المجيد من جهته: «هل يشكل المضمون قضية حقيقية للكاتب؟ سؤال إجابته تنهي الجدل التقليدي عن الشكل والمضمون»، مشيرا إلى أن المضمون لا يشكل قضية رئيسية للكاتب.
وأثناء الجلسة الثالثة التي اتُّخذ لها عنوان: «المحلي والإنساني في الرواية»، تحدث كل من الروائي الجزائري واسيني الأعرج والدكتورة هويدا صالح، والدكتور صالح هويدي، في حين أدارها الدكتور محمد الشحات.
وقال واسيني الأعرج في ورقته بعنوان «الرواية العربية الارتقاء بالمحلية وأنْسنة العالمية» إنه «لا توجد محلية إنسانية إلا بقدر ما تتحول هذه الأخيرة إلى قيمة إنسانية واسعة وعالية، مرجعها في النهاية الإنسان الكلي، المتشابه في كل الأصقاع»، مشيرا إلى أن كل قضايانا لها ما يبرر خصوصيتها المحلية، لكنها تصبح إنسانية في اللحظة التي تتحول فيها إلى انشغال بشري عام.
وفي موضوع «جدل المحلي والعالمي في الرواية العربية»، قالت د. هويدا صالح من مصر إن الرواية هي الجنس الأدبي الأكثر قدرة على تصوير طموحات الإنسان وتطلعاته، مآسيه وعذاباته، ومنذ بدايات الرواية في العالم لم يقتصر تصويرها، ولم تقتصر دلالاتها على مكان كتابتها أو على الزمن التاريخي الذي يدخله فضاؤها السردي، بل أبدعت الرواية عبر تاريخ كتابتها نماذج إنسانية متخيلة عامة تضم تحديدات بشرية في أوج تصاعدها وفي قمة إمكاناتها وتناقضاتها.
وناقش الدكتور صالح هويدي موضوع: «المحلي والإنساني: جدل أم تراتبية؟» من خلال بسط عدد من الأسئلة حول دلالة الصياغة الجديدة لهذه الثنائية ومتغيراتها، فضلا عن التساؤل عن دلالة صياغة الموضوعة في بنية العنوان: أيقصد بها الدلالة على الجمع بين المعطيين؟ أم وضع طرفيها إزاء بعض في صيغة تضاد، لاختيار أحدهما؟ أم المقصود بها منطق التسلسل التراتبي (التفضيلي)؟ منتقلا بعدها إلى السؤال الأهم وهو: هل ثمة فهم واضح محدد يمكننا الانطلاق منه لمفهوم المحلي والإنساني؟
وفي الجلسة الرابعة الأخيرة التي أدارها الدكتور خالد الجابر، تحدثت سعدية مفرح وعائشة الدرمكي ورجاء الصانع عن واقع وتحولات الرواية الخليجية في السنوات الأخيرة، وعن مضامين النصوص السردية، التي أصدرتها أصوات نسائية في الخليج العربي، كما أجمعن على خصوصية الرواية الخليجية، وبروز أصوات نسائية جديدة في هذا المجال.
في البدء قالت الروائية السعودية رجاء الصانع إنها ترفض التصنيف الجغرافي كما التصنيف الجنسي للرواية. وقالت إن الرواية الخليجية استفادت من غيرها لأنها كانت فتية وشابة وحاولت الابتداء من حيث انتهت التجارب الروائية في مصر والعراق والشام.
ولاحظت الصانع أنه حين حدثت الطفرة بداية التسعينات التي بدأها تركي الحمد بثلاثيته وغازي القصيبي بشقة الحرية عرف القارئ المثقف القضايا السياسية والفكرية.. تلاها المرحلة التي برز فيها عبده خال وليلى الجهني وآخرون وحدث تدرج متمهل وفي نسق زمني.
وقالت إنه بسبب الطفرة الإنتاجية أصبح هناك تدن في مستوى كتابة الرواية.. لكن الرواية حصلت على مدى جماهيري متسع لكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي تراجعت أهمية الرواية بنحو واضح.
من جانبه، قال الناقد السعودي الدكتور معجب العدواني، إن وجود المرأة كاتبة أو شخصية في الأعمال الروائية يمثل تطورا نوعيا للرواية. فالرواية السعودية في بدايتها كانت تستعير امرأة من خارج الحدود ولا تتجرأ على طرح امرأة محلية، كما في رواية «التوأمان» لعبد القدوس الأنصاري التي استعارت شخصية امرأة فرنسية، أو رواية «ثمن التضحية» لحامد الدمنهوري التي استعارت نموذج المرأة المصرية وأخرى خليجية بديلا عن المرأة السعودية.
الرواية الخليجية كسرت التابوه والعربية تصارع في عالم متغير
اليوم إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية
الرواية الخليجية كسرت التابوه والعربية تصارع في عالم متغير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة