تشهد الهند وباكستان واحدة من أدنى المنحنيات انخفاضًا في العلاقات ما بين البلدين، في أعقاب الهجوم الإرهابي الأخير الذي ضرب أحد معسكرات الجيش الهندي.
وأشعلت أحاديث الحرب الشاملة والخيارات الدبلوماسية المختلفة استوديوهات التلفزيون، فضلاً عن الحوارات الوطنية في الدولتين الجارتين المتنافستين. ورغم ذلك، أصبح عالم وسائل الإعلام والترفيه هو الضحية الأولى للعداء المتزايد بين الخصمين اللدودين، اللذين جمعتهما قرون من الثقافة والتراث المشترك حتى عام 1947 عندما قسمت بريطانيا الهند الموحدة سابقًا إلى باكستان المسلمة والهند العلمانية.
تفكر قناة «زينداغي» التابعة لمجموعة «زي» الترفيهية، وكانت القناة الأولى التي تبث المحتويات التلفزيونية والترفيهية من باكستان وتعرضها في الهند، في حظر البث الآن لكل البرامج التلفزيونية الباكستانية التي تعرض في الوقت الحالي في الهند.
وغرد سوبهاش تشاندرا رئيس مجلس إدارة مجموعة «زي» الترفيهية يقول: «موقف مؤسف من رئيس وزراء باكستان في الأمم المتحدة. تنظر مجموعة (زي) في وقف برامج قناة (زينداغي) من باكستان. وينبغي على الفنانين هناك المغادرة»، في إشارة إلى خطاب رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأصبحت قناة «زينداغي»، التي أطلقت أول الأمر في عام 2014، من أكثر القنوات شعبية لدى الجماهير الهندية، بعد عرض عدة برامج باكستانية ناجحة وحازت على شعبية واسعة النطاق بين الهنود.
وقبل ذلك، عندما أعطت الهند موافقتها على بث إذاعة «All India Radio» الرسمية، البرامج الإذاعية باللغة البلوشية، ردت باكستان وحظرت بث القنوات الهندية من خلال خدمات «دي تي إتش». ويطفو إقليم بلوشستان في الوقت الراهن وسط حالة العداء المتنامية بين البلدين.وحذرت الهيئة الرقابية الباكستانية من الحملات التي تشنها الحكومة على وسائل الإعلام الإلكترونية والقنوات المحلية كذلك. وكان الدافع وراء القرار هو شكاوى من مختلف أصحاب التلفزيون والمواطنين العاديين، وفقًا لأحد المسؤولين في هيئة تنظيم الإعلام الإلكتروني الباكستاني، على نحو ما أفادت به وكالة «بي تي آي» الإخبارية.
ونقلت صحيفة «الفجر» الباكستانية عن أبصر علام، رئيس هيئة تنظيم الإعلام الإلكتروني الباكستاني، قوله إن الهيئة الرقابية سوف تبعث بخطابات رسمية إلى المجلس الاتحادي للإيرادات، وبنك الدولة، والهيئات، بما في ذلك وكالة التحقيقات الاتحادية، من أجل منع بيع أجهزة فك تشفير «دي تي إتش» الهندية في البلاد.
وأضاف علام: «هناك ما يقرب من 3 ملايين جهاز فك شفرة (دي تي إتش) تباع في البلاد. ونحن لا نهدف فقط إلى وقف بيع هذه الأجهزة، ولكننا نطالب الجهات المعنية بتتبع الأموال من أجل تحديد طرق سداد الأموال للموزعين الهنود الذين يبيعون هذه الأجهزة إلى المواطنين الباكستانيين».
وفي المقابل، هناك الممثلون الهنود الذين يمدون أيديهم بالصداقة ويحتشدون وراء إخوانهم في باكستان.
لا ينتهي الأمر عن هذا الحد، فلقد حظرت الحكومة الباكستانية أيضًا موقع «إنديا توداي» الهندي، لنشره صورة رئيس أركان الجيش رحيل شريف، التي تصوره في إضاءة غير لائقة. وعند محاولة الدخول على الموقع تظهر رسالة حكومية تقول إن الموقع الذي يحاول المستخدم الوصول إليه محظور مشاهدته على كل المستخدمين في باكستان. ومنحت هيئة الاتصالات الباكستانية الصلاحيات لحجب أي موقع على الإنترنت ينشر «المواد المسيئة».
اشتعلت وسائل الإعلام الهندية بالحجب الأخير من جانب الحكومة الباكستانية للموقع الهندي، بعدما حظرت كل القنوات الهندية على التلفزيون بعد إعلان بث إذاعة «All India Radio» الرسمية، البرامج الإذاعية باللغة البلوشية. وفي حين أنه لدى كلا البلدين تاريخ من العنف والعداء في الماضي، الذي أصبح أكثر حدة فيما وراء كواليس الدبلوماسية المعتدلة، فهما يقفان جنبًا إلى جنب في حظر البرامج التي تنتقد السلطات الداخلية في كلا البلدين.
وقبل ذلك، وبالإضافة إلى الموقف المشتعل جراء الهجمات الإرهابية في كشمير، أعطى حزب ماهاراشترا نافنيرمان سينا، ومقره في مدينة مومباي الهندية، مهلة إلى الممثلين والمطربين الباكستانيين من أجل مغادرة الهند.
وقال أحد مسؤولي حزب ماهاراشترا نافنيرمان سينا: «إننا نطالب الممثلين الباكستانيين الذين اتخذوا من مومباي موطنًا لهم، بمغادرة ولاية ماهاراشترا خلال 48 ساعة. وإن لم يفعلوا، فسوف يتعرضون للأذى والطرد إلى باكستان على أيدي رجال الحزب».
وكان نجم بوليوود الشهير شاروخان، الذي يلعب دور البطولة في فيلم بعنوان «الثري»، والمقرر عرضه في يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، وتشاركه البطولة الممثلة الباكستانية مهيرا خان في أولى أدوارها في بوليوود الهندية، قد قال: «إن الباكستانيين لا يتعاملون باحترام مع أي مواطن هندي في بلادهم».
وقال شاليني ثاكيراي، الأمين العام لحزب ماهاراشترا نافنيرمان سينا في مقابلة صحافية: «إن الممثلين الباكستانيين لا يحصلون على شيء في بلادهم، ولكن في الهند فإنهم يصنعون النجومية والمال والشهرة. وبعد كل ذلك تمول حكومتهم الهجمات الإرهابية داخل الهند، وهذا أمر غير مقبول بالمرة».
وليس هذا فقط، ولكن حزب ماهاراشترا نافنيرمان سينا كان قد هدد أيضًا بوقف إصدار أفلام بوليوود المقبلة، التي عمل فيها ممثلون من باكستان.
يقول المخرج كاران جوهار، الذي يظهر الممثل الباكستاني الشهير فؤاد خان في فيلمه الجديد بعنوان «القلب المريض»، إن مطالب حزب ماهاراشترا نافنيرمان سينا بمنع الممثلين الباكستانيين من العمل في الهند ليست حلاً للإرهاب.
وتتزايد الضغوط عليه وعلى غيره، مثل شاروخان وماهيش بهات، من أجل عدم جلب المواهب الباكستانية للعمل في الهند. ويعمل شاروخان مع مهيرا خان في فيلم «الثري»، بينما عمل بهات مع كثير من المواهب الفنية من باكستان في كثير من الأعمال الفنية.
ويقول المخرج جوهار: «في بعض الأحيان، تريد فقط أن تفض يديك وتقول إننا صناعة إبداعية. من فضلكم دعونا وشأننا. إننا نصنع الأفلام، وننشر الحب. وهناك الملايين في العالم، وفي بلادنا من الذين تسعدهم الأعمال التي نقدمها، فاسمحوا لنا بذلك. أعتقد أنه لا ينبغي أن نكون الأهداف السهلة لكلا الجانبين. إننا لا نهم أحدًا في مجريات السياسة والحكم، ولكن بإمكاننا أن نجعل من الأمور أكثر سعادة».
ولكن، هناك بعض الأصوات داخل بوليوود التي تصرخ ضد الممثلين الباكستانيين.
وكان المغني ابهيجيت بهاتاشاريا في قمة غضبه ضد الباكستانيين. ولقد دعا إلى العمل ضد باكستان، ووصف جوهار وبهات وخان، بالخونة.
واندلعت شرارة العداوة الجديدة بين الهند وباكستان إثر الهجوم الإرهابي على قيادة اللواء الهندي في مدينة يوري، في القطاع الهندي من إقليم كشمير. وكتب الصحافي الهندي سومياديبتا بانيرجي خطابًا مفتوحًا إلى الممثل الباكستاني فؤاد خان، يطالبه بالتخلي عن مسيرته الفنية في صناعة السينما الهندية في مومباي. وانتشر الخطاب انتشارًا واسعًا على الإنترنت جاذبًا ردود فعل متباينة.
وكتب الصحافي الهندي يقول: «إنني أخاطبك يا فؤاد، وأخاطب كل باكستاني موجود في بوليوود. ويمكن أن يكون هذا الخطاب موجهًا أيضًا إلى عدنان سامي، وراحات فاتح علي خان، ومهيرا خان. والقائمة ممتدة وتتزايد في كل عام».
وفيما يبدو أنه صورة غير صحيحة عن باكستان، واصل بانيرجي خطابه قائلاً: «لقد منحناكم كثيرًا من الحب والأموال، ولكن بلادكم تواصل حجب أفلامنا وتحظر ممثلينا. وإنك لتفتقر إلى الشجاعة الكافية يا فؤاد. كما تفتقر إلى الإقناع. وتفتقر إلى القوة للوقوف في وجه الإرهابيين من بلادك الذين تعتقد أنهم يعبدون ربهم بقتلنا وإراقة دمائنا».
وكتب ممثل بوليوود بوبي دويل، الذي لعب أخيرًا دور مواطن باكستاني في فيلم كوميدي بعنوان «السعيد يركض كثيرًا»: «إن الممثلين الباكستانيين الذين يلتزمون الصمت حيال حادثة يوري الإرهابية، لا يعني صمتهم إلا أنهم يؤيدون الإرهاب».
وفي رد فعل سياسي، قالت شانيا نانا تشوداساما، الناطقة الرسمية باسم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم حول الحادثة: «أولاً وقبل كل شيء، لا ينبغي علينا توريط الممثلين في هذه القضية الكبيرة. ولكن العلاقات مع باكستان قد تدهورت إلى الحد الذي يشهد الآن وجود تحرك لإعلان أن باكستان دولة راعية للإرهاب على المستوى الدولي. وبالنظر إلى الأزمة الراهنة، لا أعتقد أننا يمكننا قبول مزيد من الممثلين الباكستانيين على أراضينا».
واستطردت تشوداساما: «جميع الفنانين الباكستانيين الذين يحملون تأشيرات دخول رسمية وتصاريح عمل سارية لا ينبغي أن يشعروا بالتهديد من جانب أي حزب سياسي في البلاد. ولقد وفرت شرطة مومباي الأمن والسلامة الواجبة بحقهم. أما بالنسبة إلى حزب ماهاراشترا نافنيرمان سينا أو أي حزب سياسي آخر يشير إلى ضرورة مغادرة الممثلين الباكستانيين البلاد في غضون 48 ساعة، فليست لديه أسانيد قانونية في ذلك. ولكن في المستقبل، لن تكون الحكومة الهندية ودية مع الممثلين الباكستانيين الذين تطول إقامتهم في البلاد».
في الأثناء ذاتها، طرد الممثل البريطاني الجنسية الباكستاني الأصل، مارك أنور، من العمل في المسلسل التلفزيوني البريطاني «شارع التتويج»، بسبب كلام عنصري ذكره ضد الشعب الهندي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى حسابه الشخصي على «تويتر»، قال أنور: «لماذا يريد الفنانون الباكستانيون العمل في الهند بهذا الشغف؟ هل تحبون المال لهذه الدرجة؟».
وأتبع ذلك بنشر صورة لقبضة اليد، مضيفًا: «امنعوا الأفلام الهندية» على هاشتاغ «#PakistanisLeaveIndia».
البرامج التلفزيونية.. ضحية العداء المتزايد بين الهند وباكستان
أحاديث الحرب الشاملة بين البلدين والخيارات الدبلوماسية أشعلت البرامج الحوارية
البرامج التلفزيونية.. ضحية العداء المتزايد بين الهند وباكستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة