«الشرق الأوسط» ترصد بداية جديدة للطلاب السوريين في بلجيكا

بين أمل في مستقبل أفضل.. وغصات حزن على وطن ممزق

سوريات قررن استكمال تعليمهن الجامعي الذي لم يستطعن إتمامه في بلدهن جراء النزاع السوري («الشرق الأوسط»)
سوريات قررن استكمال تعليمهن الجامعي الذي لم يستطعن إتمامه في بلدهن جراء النزاع السوري («الشرق الأوسط»)
TT

«الشرق الأوسط» ترصد بداية جديدة للطلاب السوريين في بلجيكا

سوريات قررن استكمال تعليمهن الجامعي الذي لم يستطعن إتمامه في بلدهن جراء النزاع السوري («الشرق الأوسط»)
سوريات قررن استكمال تعليمهن الجامعي الذي لم يستطعن إتمامه في بلدهن جراء النزاع السوري («الشرق الأوسط»)

بداية العام الدراسي الجديد في جامعات بلجيكا.. تعني أيضا بداية جديدة لمجموعة من اللاجئين السوريين استفادوا من برنامج «مرحبا باللاجئين» يتيح الفرصة للاجئين المعترف بهم قانونيا، التسجيل في الجامعات والدراسة بعد أن تتوفر الشروط المطلوبة ومنها إجادة اللغة. الأمل في مستقبل أفضل، بات يراود اللاجئين السوريين بعد أن حصلوا على فرصة للدراسة في مجالات مختلفة منها الاقتصاد والهندسة، لكن في قلب هؤلاء غصة، ونبرة الحزن تعلو الحناجر، والعيون تستسلم للدموع في الحديث عن الوطن الأم.
«الشرق الأوسط» كانت حاضرة في الفصل الدراسي في أول أيام الدراسة بمقر جامعة أنتويرب في مدينة أنتويرب شمال بلجيكا، والتقت بالمسؤولين والدارسين.
من جانبها، قالت سابين ستايمنس مسؤولة قسم دراسة اللغة في جامعة أنتويرب إن «الهدف من البرنامج إعطاء اللاجئين فرصة لدراسة اللغة الهولندية في عام وهو برنامج مخصص للطلبة الذين يدرسون اللغة لاستكمال تعليمهم وبعد ذلك دورات لمعرفة بعض الأمور التي تتعلق بالثقافة والمجتمع والتعرف على نظم التعليم الأكاديمي في بلجيكا». وأضافت: «هذا العام جرى اختيار عشرة من اللاجئين السوريين تتوفر فيهم الشروط المطلوبة للدراسة، وعلى الرغم من أن الباب مفتوح لكل اللاجئين من الجنسيات المختلفة، فإن الشروط التي توفرت في المتقدمين توفرت في السوريين العشرة، الذين بدأوا دراسة اللغة بالفعل».
كما أشارت إلى أن هذا البرنامج الذي انطلق منذ 15 عاما مخصص للاجئين لتشجيعهم على تعلم اللغة، ولكن المبادرة تطورت بشكل أكبر بعد أن زادت أعداد اللاجئين العام الماضي في بلجيكا. واستطردت: «هذا العام بدأنا بعشرة من اللاجئين السوريين، ونحن نأمل أن تتوقف المأساة وتتراجع أعداد الفارين من اللاجئين، ولكن في حال استمر الوضع على ما هو عليه فإن العدد سيتزايد بطبيعة الحال في الفترة القادمة».
وحول الشروط المطلوبة قالت: «يتطلب الأمر أن يكون المتقدم للدراسة من اللاجئين المعترف بهم قانونيا في البلاد، وحاصلا على شهادة الثانوية العامة في الوطن الأصلي، ثم دراسة اللغة، وبعد ذلك لهم الحق في استكمال التعليم الجامعي أو الأكاديمي في تخصصات مختلفة ما عدا الطب الذي يتطلب شروطا واختبارات تتعلق بهذا النوع من الدراسة».
أما بالنسبة للدارسين من اللاجئين السوريين، فقد لاحظت «الشرق الأوسط» بعد الحديث معهم أن طموحات هؤلاء لا حدود لها. إذ قال نادر مطيع: «عندي أمل أن أكمل دراستي، وأمل أن أعيش، وأنا استجمعت قوتي للاستمرار». وأضاف: «كنت أدرس الهندسة المدنية، ولكن نظرا للظروف السيئة في سوريا، توقفت، ولكن الآن سأستكمل مشواري هنا».
وقالت الطالبة السورية مروة التي جاءت لدراسة الاقتصاد: «بعد التخرج من الجامعة حضرت إلى بلجيكا مع عائلتي، وكانت الرحلة صعبة ومحفوفة بالمخاطر».. وانهمرت دموع من عيون مروه.. وتوقفت قليلا.. وعادت لتقول إن «السوريين في بلجيكا يريدون أن يدرسوا ويتفوقوا، وأنا عن نفسي تلقيت مساعدة من سيدة بلجيكية في التقدم للحصول على هذه الفرصة، وأتمنى من بلجيكا أن تنظر بمزيد من الاهتمام لكل من يريد استكمال دراسته».
يذكر أنه قبل أيام قليلة، جرى الإعلان في بروكسل عن أن أكثر من 300 ألف شخص تقدموا بطلبات للحصول على حق اللجوء والحماية الدولية في الاتحاد الأوروبي، خلال الربع الثاني من العام الحالي، بزيادة 6 في المائة مقارنة مع الربع الأول من 2016، واحتفظ السوريون بالمركز الأول من حيث الأكثر عددا بين طالبي اللجوء، وتفوقوا على الأفغان والعراقيين.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.