لماذا تدافع روسيا عن نظام الأسد؟

استخدمت الفيتو خمس مرات لتعطيل مشاريع دولية من شأنها أن توقف الحرب

لماذا تدافع روسيا عن نظام الأسد؟
TT

لماذا تدافع روسيا عن نظام الأسد؟

لماذا تدافع روسيا عن نظام الأسد؟

منذ اندلاع الأزمة السورية في مارس (آذار) 2011، توحد العالم حول إدانة جرائم نظام الأسد وقمعه للمدنيين، واستخدامه كافة اشكال العنف في محاولة منه للقضاء على الثورة السورية، إلا أن روسيا استماتت في الدفاع عن بشار الأسد ووظفت كل طاقاتها وامكانياتها السياسية والعسكرية في الحفاظ على بقائه في السلطة رغم كل المجازر والقتل والدمار الذي حل بمعظم المدن السورية.
فلماذا تدافع روسيا عن نظام الأسد؟
هناك اسباب كثيرة لدعم موسكو لبشار الأسد، منها أن روسيا غير مستعدة للتخلي عن مصالحها ووجودها في سوريا، التي تعد أهم موطئ قدم لها في المنطقة، وتطل على البحر الأبيض المتوسط،، كما ان دعم «الأسد» يناسب خطط «بوتين» لاستعادة روسيا كقوة عظمى معارضة للغرب، وفي هذا السياق كان رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف أعلن أن بلاده تقاتل من أجل مصالحها القومية في سوريا وليس من أجل بشار الأسد، وصرح مدفيديف قائلا "بالطبع نحن لا نقاتل من أجل قادة معينين، نحن ندافع عن مصالحنا القومية".
أما السبب الآخر فهو دفاع روسيا عن رفض الاحادية القطبية والهيمنة الاميركية على العالم وتهدف من موقفها كسر سيطرة الموقف الاميركي على قرار الامم المتحدة، كما تدافع روسيا عن دورها الفاعل في سياسة المنطقة، وتحديدا عبر الحفاظ على وجودها على البحر المتوسط؛ فسوريا هي القاعدة والحليف الاوحد المتبقي لها، وانهيار الاسد يعني انهيار آخر حليف لروسيا في المنطقة، وفي ذلك أهمية بالغة تحمل معنى رمزيا يطول مكانة روسيا كقوة عظمى قد يظهر ان نفوذها يتلاشى.
أما من الناحية الاقتصادية، فتعتبر سوريا "نقطة تقاطع مشاريع انابيب نفط وغاز" بين شراكتين متقابلتين واحدة نفط وغاز من ايران والعراق نحو المتوسط، والثانية نفط وغاز من روسيا عبر تركيا وسوريا فالاردن فالبحر الاحمر، لذلك فان الصراع على منافذ انابيب النفط والغاز الى البحر الاحمر حيث التوريد الى الهند والصين، والمنفذ الثاني على المتوسط حيث تغذية السوق الاوروبي؛ فمن يكسب سوريا يكسب حرب النفط والغاز!
وللحفاظ على الأسد استخدمت روسيا أمس الفيتو للمرة الخامسة وللعام الخامس منذ اندلاع الأزمة السورية، والفيتو لتعطيل مشاريع دولية من شأنها أن توقف الحرب التي يشنها النظام ضد المدنيين، ومنع المجتمع الدولي في خمس مناسبات للفيتو من إصدار قرارات تدين النظام، أو تتيح دخول المساعدات الإنسانية، أو إقامة مناطق عازلة.
كان الفيتو الأول في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول )عام 2011، حيث عطّل الفيتو الروسي - الصيني مشروعاً دولياً بشأن فرض عقوبات على نظام الأسد، إذا ما استمر في استخدام العنف ضد الشعب السوري. بينما كان الفيتو الثاني في الرابع من فبراير(شباط) 2012، عندما عطل مشروع حمّل رئيس النظام السوري مسؤولية إراقة الدماء في البلاد. وقتها تذرعت روسيا والصين بمنع الولايات المتحدة المتحدة والغرب من استخدام القرارات الأممية وسيلة للتدخل العسكري في سوريا. أما الفيتو الثالث فكان في الـ19 من يوليو (تموز) 2012، حيث منع صدور قرار آخر في مجلس الأمن يقضي بفرض عقوبات على نظام الأسد، وذلك لمنع الغرب من التدخل في سوريا، وفق موسكو.
وبعد عامين تقريباً تدخلت روسيا مجدداً في فيتو رابع، إذ أوقفت في الـ22 من مايو (أيار) 2014 مشروع قرار يقضي بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم حرب. وحينها دافعت روسيا عن موقفها بأن هذا المشروع من شأنه أن يضعف فرص الحل السلمي للأزمة السورية.
ويوم أمس الثامن من أكتوبر أجهضت روسيا بالفيتو الخامس مشروع القرار الفرنسي - الإسباني، والمتعلق بوقف إطلاق النار في حلب، بعد أن صوت لصالحه 11 بلداً، فيما عارضه بلدان ومثلهما امتنع عن التصويت.
وبخلاف الفيتو، لعبت موسكو دوراً حاسماً في حماية النظام السوري الذي ترنح في مناسبات عديدة من عمر الأزمة، إلا أنها في كل مرة وقفت تدافع عنه، في ظل استمرار نزيف الدم السوري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».