منذ اندلاع الأزمة السورية في مارس (آذار) 2011، توحد العالم حول إدانة جرائم نظام الأسد وقمعه للمدنيين، واستخدامه كافة اشكال العنف في محاولة منه للقضاء على الثورة السورية، إلا أن روسيا استماتت في الدفاع عن بشار الأسد ووظفت كل طاقاتها وامكانياتها السياسية والعسكرية في الحفاظ على بقائه في السلطة رغم كل المجازر والقتل والدمار الذي حل بمعظم المدن السورية.
فلماذا تدافع روسيا عن نظام الأسد؟
هناك اسباب كثيرة لدعم موسكو لبشار الأسد، منها أن روسيا غير مستعدة للتخلي عن مصالحها ووجودها في سوريا، التي تعد أهم موطئ قدم لها في المنطقة، وتطل على البحر الأبيض المتوسط،، كما ان دعم «الأسد» يناسب خطط «بوتين» لاستعادة روسيا كقوة عظمى معارضة للغرب، وفي هذا السياق كان رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف أعلن أن بلاده تقاتل من أجل مصالحها القومية في سوريا وليس من أجل بشار الأسد، وصرح مدفيديف قائلا "بالطبع نحن لا نقاتل من أجل قادة معينين، نحن ندافع عن مصالحنا القومية".
أما السبب الآخر فهو دفاع روسيا عن رفض الاحادية القطبية والهيمنة الاميركية على العالم وتهدف من موقفها كسر سيطرة الموقف الاميركي على قرار الامم المتحدة، كما تدافع روسيا عن دورها الفاعل في سياسة المنطقة، وتحديدا عبر الحفاظ على وجودها على البحر المتوسط؛ فسوريا هي القاعدة والحليف الاوحد المتبقي لها، وانهيار الاسد يعني انهيار آخر حليف لروسيا في المنطقة، وفي ذلك أهمية بالغة تحمل معنى رمزيا يطول مكانة روسيا كقوة عظمى قد يظهر ان نفوذها يتلاشى.
أما من الناحية الاقتصادية، فتعتبر سوريا "نقطة تقاطع مشاريع انابيب نفط وغاز" بين شراكتين متقابلتين واحدة نفط وغاز من ايران والعراق نحو المتوسط، والثانية نفط وغاز من روسيا عبر تركيا وسوريا فالاردن فالبحر الاحمر، لذلك فان الصراع على منافذ انابيب النفط والغاز الى البحر الاحمر حيث التوريد الى الهند والصين، والمنفذ الثاني على المتوسط حيث تغذية السوق الاوروبي؛ فمن يكسب سوريا يكسب حرب النفط والغاز!
وللحفاظ على الأسد استخدمت روسيا أمس الفيتو للمرة الخامسة وللعام الخامس منذ اندلاع الأزمة السورية، والفيتو لتعطيل مشاريع دولية من شأنها أن توقف الحرب التي يشنها النظام ضد المدنيين، ومنع المجتمع الدولي في خمس مناسبات للفيتو من إصدار قرارات تدين النظام، أو تتيح دخول المساعدات الإنسانية، أو إقامة مناطق عازلة.
كان الفيتو الأول في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول )عام 2011، حيث عطّل الفيتو الروسي - الصيني مشروعاً دولياً بشأن فرض عقوبات على نظام الأسد، إذا ما استمر في استخدام العنف ضد الشعب السوري. بينما كان الفيتو الثاني في الرابع من فبراير(شباط) 2012، عندما عطل مشروع حمّل رئيس النظام السوري مسؤولية إراقة الدماء في البلاد. وقتها تذرعت روسيا والصين بمنع الولايات المتحدة المتحدة والغرب من استخدام القرارات الأممية وسيلة للتدخل العسكري في سوريا. أما الفيتو الثالث فكان في الـ19 من يوليو (تموز) 2012، حيث منع صدور قرار آخر في مجلس الأمن يقضي بفرض عقوبات على نظام الأسد، وذلك لمنع الغرب من التدخل في سوريا، وفق موسكو.
وبعد عامين تقريباً تدخلت روسيا مجدداً في فيتو رابع، إذ أوقفت في الـ22 من مايو (أيار) 2014 مشروع قرار يقضي بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم حرب. وحينها دافعت روسيا عن موقفها بأن هذا المشروع من شأنه أن يضعف فرص الحل السلمي للأزمة السورية.
ويوم أمس الثامن من أكتوبر أجهضت روسيا بالفيتو الخامس مشروع القرار الفرنسي - الإسباني، والمتعلق بوقف إطلاق النار في حلب، بعد أن صوت لصالحه 11 بلداً، فيما عارضه بلدان ومثلهما امتنع عن التصويت.
وبخلاف الفيتو، لعبت موسكو دوراً حاسماً في حماية النظام السوري الذي ترنح في مناسبات عديدة من عمر الأزمة، إلا أنها في كل مرة وقفت تدافع عنه، في ظل استمرار نزيف الدم السوري.
لماذا تدافع روسيا عن نظام الأسد؟
استخدمت الفيتو خمس مرات لتعطيل مشاريع دولية من شأنها أن توقف الحرب
لماذا تدافع روسيا عن نظام الأسد؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة