مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن يواجه عقبات جدية

إيرولت لروسيا: أنتم أمام لحظة الحقيقة

مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن يواجه عقبات جدية
TT

مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن يواجه عقبات جدية

مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن يواجه عقبات جدية

«غدا ستحل لحظة الحقيقة لكافة أعضاء مجلس الأمن وخصوصا بالنسبة لشركائنا الروس. والسؤال هو: هل تريدون وقفا لإطلاق النار في حلب؟ نعم أم لا؟».
هكذا اختصر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت من واشنطن، عقب لقائه نظيره الأميركي جون كيري، التحدي المطروح على مجلس الأمن الدولي الذي يناقش منذ يوم الجمعة الماضي مشروع القرار الفرنسي في محاولة تقوم بها باريس لإعادة إحياء الهدنة في حلب وإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة وتوفير آلية رقابة جماعية لوقف الأعمال العدائية.
وقبل أن يطرح مشروع القرار الفرنسي على التصويت، كما هو منتظر اليوم، أبدت مصادر دبلوماسية في باريس «تشكيكها» في قدرة المجلس على إصدار قرار كهذا، خصوصًا، أن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف اعتبر - كما نقلت عنه وكالة الأنباء الروسية أمس - قوله إن المشروع الفرنسي يحوي عددا من النقاط غير المقبولة وإنه سيس قضية المساعدات الإنسانية. ويعني كلام غاتيلوف أن موسكو قررت إجهاض الجهود الفرنسية في مجلس الأمن رغم الزيارة التي قام بها إيرولت إلى موسكو يوم الخميس الماضي وانتزاعه قبولا من نظيره سيرغي لافروف بقبول «العمل» على المشروع الفرنسي وربط ذلك بمجموعة من «التعديلات» التي لم تكشف عنها موسكو صراحة. لكن الأوساط الفرنسية التي أبدت استعدادها لـ«المرونة» في التعاطي مع المطالب الروسية وجدت نفسها محشورة بينها وبين «التصلب» الأميركي الجديد، كما برز في كلمة كيري عقب لقائه الوزير الفرنسي في مقر وزارة الخارجية الأميركية. ولقد أعلن كيري أنه «يتعيّن على روسيا وعلى النظام السوري أن يقدما للعالم أكثر من تفسير حول الأسباب التي تدفعهما للاستمرار في ضرب المستشفيات والبنى الطبية والأطفال والنساء»، مطالبا بتشكيل «لجنة تحقيق مناسبة حول جرائم الحرب المرتكبة». وفي رأي الوزير الأميركي، فإن ما هو حاصل في حلب «ليس حادثا عارضا بل استراتيجية هدفها إرهاب المدنيين وكل من يقف بوجه تحقيق الأهداف العسكرية» لمرتكبي هذه الجرائم الذين يتعين تحميلهم مسؤولية أعمالهم.
المصادر الدبلوماسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» ترى أن جهود الوزير الفرنسي اصطدمت من جهة بتدهور العلاقات الأميركية - الروسية، وتحديدا بين كيري ولافروف اللذين أمضيا عشرات الساعات معا في مناقشة الملف السوري، ومن جهة ثانية بالمطالب المتناقضة بين ما تريده موسكو «من تعديلات» وبين ما تتمسك به واشنطن.
بكلام آخر، فإن واشنطن التي ما زالت تقول إنها بصدد دراسة «الخيارات» الممكنة للرد على التصعيد العسكري السوري - الروسي في حلب، اعتبرت أن ما تطلبه موسكو سيفضي إلى «إفراغ» مشروع القرار في مجلس الأمن من محتواه، وبالتالي، سيكون عديم الفائدة علما بأنه ليس موضوعا تحت الفصل السابع. وكان إيرولت قد شدد على هدفين أساسيين لمشروع القرار أولهما وقف النار وعمليات القصف وتحليق الطيران «الحربي» فوق حلب والثاني تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية». وخلاصة الوزير الفرنسي أن بلاده «لن تخنع لتسوية حلب بالأرض».
خلال الساعات الماضية، كان مجلس الأمن الذي عقد جلسة طارئة بطلب من موسكو، محفلاً لمناورات سياسية في كل اتجاه. وتعتبر المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن روسيا «انقضت» على المقترحات التي قدمها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الداعية لخروج مقاتلي «جبهة فتح الشام» مقابل وقف القصف على حلب، لغايتين اثنتين. فمن جهة، تريد موسكو «التغطية» على رفضها لمشروع القرار الفرنسي وتلافي وضعها أمام إلزامها باستخدام حق النقض «الفيتو» وإظهارها بمظهر المسؤول عن استمرار التدمير والقتل. ومن جهة ثانية، استغلال مقترح المبعوث الدولي لأنه يقوّي موقفها الذي يبرّر عمليات القصف التي تقوم بها باستهداف «الإرهابيين»، ومن ثم، فإن خروجهم من حلب يفتح آفاقا جديدة. لكن المعارضة السورية ومعها البلدان الغربية والخليجية ومجموعة الدول التي تتشكّل منها «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة السورية تعتبر كلها أن «النصرة» ليست سوى «ذريعة» لروسيا لضرب المعارضة المعتدلة وتدعيم ركائز النظام. وفي أي حال، فإن خروج «النصرة» من مناطق حلب الشرقية وهو ما رفضته، لا يحل المشكلة. فوفق تقديرات دي ميستورا، فإن عناصر «جبهة فتح الشام» لا يشكلون سوى 900 فرد من أصل 8000 شخص تتكون منهم المعارضة المسلحة وعليه، فإن السؤال هو: كيف سيتم التعامل مع هؤلاء خصوصا أن رئيس النظام السوري اعتبر في حديثه إلى محطة تلفزيون دنماركية أن الأعمال العسكرية في حلب ستستمر حتى إخراج «كافة المسلحين» منها وهل سيتوقف قصف المناطق الشرقية في حلب؟ وما هي الضمانات لمقدمة؟
تؤكد المصادر المشار إليها أن أمرا كهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود وقف دائم لإطلاق النار ما يعني العودة إلى المربع الأول وإلى شروط الهدنة ومدى ارتباطها بتحقيق تقدم ملموس في الملف السياسي. لكن كل المؤشرات المتوافرة اليوم تدل على اتجاه الوضع إلى التصعيد الذي لن يكون بالضرورة عسكريا بالنظر للتردد الأميركي وتفضيل وتفضيل الإدارة المنتهية ولايتها الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية على سوريا وروسيا التي تعني فرض عقوبات متعددة الأوجه. ومن المؤكد أنها ستقر، في حال اعتمادها، من خارج مجلس الأمن الدولي بسبب «الفيتو» الروسي.
ورغم ذلك، فإن هذه العقوبات لن يكون لها تأثير مباشر على الوضع الميداني الوضع السياسي والدليل على ذلك أن العقوبات المفروضة على موسكو بسبب أوكرانيا وضمها لشبه جزيرة القرم أضرت بالاقتصاد الروسي، ولكنها لم تغير شيئا من السياسة الروسية بل زادتها حدة واستفزازا.
وثمة من يرى أنها قد تدفع النظام السوري وداعميه إلى «التعجيل» في محاولة فرض أمر واقع ميداني جديد بقضم الأراضي التي ما زالت تحت سيطرة المعارضة استباقا لوصول إدارة أميركية لن تكون فاعلة إلا بعد مرور عدة أشهر على انتخابها.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.