صعدت بغداد من قضيتها مع تركيا فيما يتعلق بسحب أنقرة لقواتها من منطقة بعشيقة، قرب مدينة الموصل (شمال العراق)، إذ تقدمت الخارجية بطلب إلى مجلس الأمن الدولي، أمس، لعقد جلسة طارئة لبحث التجاوز التركي.
التصعيد العراقي جاء في وقت حصلت فيه بغداد على دعم من قبل الجامعة العربية في مطالبتها تركيا باحترام السيادة العراقية، وذلك على خلفية إقامة الأتراك معسكرا جديدا للجيش شمال البلاد.
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد جمال، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن الوزارة «قدمت طلبًا لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقشة التجاوز التركي على الأراضي العراقية، والتدخل في شؤونه الداخلية، حيث سلّم مندوب العراق الدائم في الأمم المتحدة السفير محمد علي الحكيم طلبًا رسميًا لرئيس مجلس الأمن الحالي فيتالي تشوركين لعقد جلسة طارئة للمجلس لمناقشة تجاوزات وتدخلات الجانب التركي، فضلا عن قرار البرلمان التركي الذي جدد بموجبه استمرار وجود القوات التركية المتسللة داخل العراق».
وأضاف البيان: «كما تضمن الطلب المقدم مطالبة مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته تجاه العراق، واتخاذ قرار من شأنه وضع حد لخرق القوات التركية للسيادة العراقية، وعدم احترام الجانب التركي لمبادئ حسن الجوار، من خلال إطلاقه للتصريحات الاستفزازية».
وشدد الطلب، بحسب البيان، على «ضرورة تكثيف الجهود الدولية لدعم العراق في حربه ضد عصابات (داعش) الإرهابية، خصوصا مع قرب انطلاق عمليات تحرير مدينة الموصل. وتأتي الخطوة العراقية بعد يومين من قيام البرلمان التركي بالتمديد لبقاء القوات التركية داخل الأراضي العراقية عاما آخر، ورفض البرلمان العراقي لهذه الخطوة بالإجماع.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور عامر حسن فياض، عميد كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الموقف التركي في إدخال قوات إلى العراق لا يستند في الواقع إلى أية حجج أو مرتكزات، لا قانونية ولا أخلاقية ولا سياسية، متذرعا بعذر واحد وهو وجود اتفاقية قديمة، وهي مسألة ملتبسة لأن أي اتفاق بين دولتين لا بد أن يودع لدى الأمم المتحدة، وهو ما لم يحصل».
وأشار فياض إلى «وجود حجة ثانية لدى الأتراك، وهي أن دعوتهم تمت من قبل رئيس إقليم كردستان الذي لا يمتلك صلاحية دعوة قوات أجنبية تحت أية ذريعة، كما أن هناك حجة أخرى يبرر بها الأتراك وجودهم في العراق، وهي حماية سكان قضاء تلعفر من التركمان، بينما كل التركمان في العراق هم مواطنون عراقيون، وليسوا من الجالية التركية. وبالتالي، فإن كل الحجج التركية لا مبرر لها».
وأضاف فياض: «هناك في الواقع حجج سياسية، أبرزها أن هناك تواصلا كرديا بين العراق وسوريا، بينما الموصل هي الحد الفاصل بين الإقليمين الكرديين في كل من العراق وسوريا، وفي حال سيطر الأتراك على الموصل، سيتم قطع هذا التواصل. كما أن هناك المياه بين العراق على نهر دجلة وما يمثله سد الموصل وسوريا وما يمثله سد الطبقة في منطقة الرقة السورية على نهر الفرات، وهو ما يعني أن تركيا تريد أن تفرض عبر نوع من العنجهية والحماقة أمرا واقعا. وإذ إن العراق ليس لديه القدرة على المواجهة العسكرية الآن، فقد ذهب إلى مجلس الأمن متسلحا بموقف شعبي رافض للوجود التركي، وهو ما عبر عنه مجلس النواب».
إلى ذلك، دعت الهيئة السياسية للتحالف الوطني، خلال اجتماعها الذي عقدته برئاسة زعيم التحالف السيد عمار الحكيم، الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لردع التدخل التركي في العراق. وقال بيان لمكتب الحكيم إن «الهيئة السياسية للتحالف الوطني ترفض تصريحات ساسة تركيا حول الشأن العراقي، عادة تلك التصريحات تدخلا سافرا في الداخل العراقي يخالف طبيعة العلاقات بين البلدين الجارين، ويخالف كذلك الاتفاقات الدولية».
ودعا المجتمعون الحكومة إلى «اتخاذ الإجراءات اللازمة لردع هذا التدخل، والانسحاب الفوري من العراق». وبشأن هذا الموقف، أكد الدكتور واثق الهاشمي، رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التصعيد العراقي الآن، بعد التصريحات الصادرة عن الناطق الرسمي باسم التحالف الدولي، كون تركيا ليست عضوا في التحالف الدولي المناهض لـ(داعش)، تأتي بهدف الضغط على القوات التركية للانسحاب من العراق قبل بدء معركة الموصل، كما أن العراق يعمل على استغلال المتغيرات في المنطقة، لا سيما على صعيد الأزمة السورية، وحاجة العراق إلى اتخاذ مواقف داعمة لحربه ضد (داعش)، وذلك من أجل خلق رأي عام عالمي ضد الأتراك»، مبينا أن «العراق على استعداد لإعطاء ضمانات لتركيا بعدم دعم حزب العمال الكردستاني، إذ إن إحدى حجج تركيا هي وجود حزب العمال داخل الأراضي العراقية، حيث بمقدور البلدين القيام بعمليات تنسيق أمني على هذا الصعيد».
العراق يصعد خلافه مع تركيا حول معسكر «بعشيقة».. ويطالب مجلس الأمن بالتدخل
الطلب المقدم تضمن طلب احترام أنقرة لمبادئ حسن الجوار
العراق يصعد خلافه مع تركيا حول معسكر «بعشيقة».. ويطالب مجلس الأمن بالتدخل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة