موسكو تتعامل مع «احتمال» توجيه ضربات أميركية للنظام.. وتتحسب للأسوأ

عززت قواتها في سوريا بطرادين صاروخيين ومنظومة «إس - 300»

متطوعون في قوات الدفاع المدني السوري المعروفة باسم «الخوذات البيضاء» يبحثون عن الضحايا وسط أنقاض المباني المدمرة في أعقاب غارة من طيران الأسد على حي بستان الباشا في مدينة حلب (أ.ف.ب)
متطوعون في قوات الدفاع المدني السوري المعروفة باسم «الخوذات البيضاء» يبحثون عن الضحايا وسط أنقاض المباني المدمرة في أعقاب غارة من طيران الأسد على حي بستان الباشا في مدينة حلب (أ.ف.ب)
TT

موسكو تتعامل مع «احتمال» توجيه ضربات أميركية للنظام.. وتتحسب للأسوأ

متطوعون في قوات الدفاع المدني السوري المعروفة باسم «الخوذات البيضاء» يبحثون عن الضحايا وسط أنقاض المباني المدمرة في أعقاب غارة من طيران الأسد على حي بستان الباشا في مدينة حلب (أ.ف.ب)
متطوعون في قوات الدفاع المدني السوري المعروفة باسم «الخوذات البيضاء» يبحثون عن الضحايا وسط أنقاض المباني المدمرة في أعقاب غارة من طيران الأسد على حي بستان الباشا في مدينة حلب (أ.ف.ب)

لا تزال موسكو تؤكد حرصها على التعاون مع الولايات المتحدة في الشأن السوري، إن كان لتسوية الأزمة هناك أو في مجال التصدي للمجموعات الإرهابية، على الرغم من أن توجيه القوات الأميركية تهديدا بضربات لجيش النظام السوري يبقى «مجرد كلام» حتى اللحظة، إلا أن روسيا على ما يبدو تتعامل مع الأمر بجدية وتنطلق في خطواتها من «عدم استبعاد أي سيناريو» لتطور الوضع في سوريا، الأمر الذي يشير إليه بوضوح تعزيز موسكو المنظومات الدفاعية لقواتها في سوريا عبر نشر منظومة «إس - 300»، وإعادة قطع بحرية مزودة بصواريخ «كاليبر» إلى شرق المتوسط.
وقالت وكالة «إنترفاكس» الروسية إن الطرادين الصاروخيين «سيربوخوف» و«زيليوني دول» المزودين بصواريخ «كاليبر»، قد عبرا أمس، مضيق البوسفور في طريقهما إلى البحر الأبيض المتوسط. قبل ذلك، وتحديدا يوم 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، دخلت إلى المتوسط الفرقاطة الروسية الحديثة «الأدميرال غريغوريفتش» مزودة كذلك بصواريخ «كاليبر»، وتقوم كل تلك السفن الحربية بمهام عملياتية في البحر الأبيض المتوسط ضمن وحدة القوات البحرية الروسية هناك. أما المهمة الرئيسية لتلك القطع البحرية، فهي تأمين دفاعات عبر البحر للقواعد الروسية البحرية في ميناء طرطوس، والجوية في مطار حميميم في سوريا.
وتجدر الإشارة إلى أن الطراد الصاروخي «سيربوخوف» الذي دخل الخدمة القتالية في أبريل (نيسان) 2015 وانضم إلى أسطول البحر الأسود في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، كان قد أبحر باتجاه الساحل السوري أول مرة في مارس (آذار) عام 2016، وعاد إلى هناك مرة ثانية في أغسطس (آب) الماضي حيث قام مع الطراد الآخر «زيليوني دول» بإطلاق صواريخ «كاليبر» ضد مواقع على الأراضي السورية قالت وزارة الدفاع الروسية إنها تابعة لجماعة «جبهة النصرة» الإرهابية. ويرى المراقبون أن تعزيز روسيا قوتها العسكرية في المتوسط قبالة الساحل السوري في هذا التوقيت إنما يأتي في سياق الاستعدادات الروسية لأي تطور محتمل في المنطقة، وبحال قررت الولايات المتحدة توجيه ضربة عسكرية لقوات النظام، فإن مجرد الانتشار الكبير لقطع حربية روسية في المتوسط قد يشكل عائقا أمام استخدام القدرة النارية للأسطول السادس الأميركي.
إلا أن التحرك العسكري الروسي الأهم في هذا السياق يبقى نشر منظومة الدفاع الجوي «إس - 300 إف إم» في سوريا، وهو ما أكده إيغور كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية في تصريحات له أول من أمس قال فيها إن الهدف من نشر تلك المنظومة هو تأمين الحماية لقاعدة الدعم التقني البحرية في ميناء طرطوس. وكان لافتا أن تقوم روسيا بنشر تلك المنظومة، علما بأنها قد نشرت في وقت سابق في سوريا أحدث منظومة للدفاع الجوي وهي «إس - 400» فضلا عن منظومة «بانتسير». ويرى مراقبون أن معرفة الحاجة الحقيقية لروسيا بنشر تلك المنظومة في سوريا، إلى جانب «إس - 400» أمر تدل عليه بوضوح الخواص القتالية التي تتمتع بها منظومة «إس - 300»؛ إذ إنها تتميز عن منظومة «إس - 400» للدفاع الجوي بقدرات عالية في إصابة الطائرات المقاتلة والقاذفات الاستراتيجية بما في ذلك تلك التي تستخدم منظومة التخفي عن الرادرات المعروفة باسم «تقنية ستلس» أو «الشبح».
فضلا عن ذلك، بوسع «إس - 300 إف إم» التي نشرها الروس في سوريا اعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية متوسطة وبعيدة المدى التي تحلق بسرعة 4500 متر في الثانية، والصواريخ المجنحة وصواريخ «توماهوك»، وطائرات التجسس والتوجيه العملياتي. ويبلغ المدى المجدي للمنظومة 200 - 250 كلم، وتضرب الأهداف على ارتفاع 25 كلم للطائرات، وعلى ارتفاع 30 كلم للصواريخ الباليستية. وتستطيع «إس - 300» متابعة 24 هدفا في آن واحد، ويمكنها أن تطلق في الوقت ذاته صاروخين أو أربعة صواريخ من البطارية الواحدة حسب طبيعة الهدف. وإذ لم يوضح المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية منذ متى تم نشر تلك المنظومات في سوريا، فإن قدراتها القتالية توضح بما لا يدع مجالا للشك أن روسيا تتخذ كل التدابير الضرورية لمواجهة الأسلحة الغربية، ولتعقيد أي مهمة عسكرية قد تقرر الولايات المتحدة تنفيذها على الأراضي السورية. في هذه الأثناء، ما زالت موسكو تأمل باستئناف الحوار السياسي حول سوريا مع واشنطن، وهو ما عبر عنه بوضوح ديمتري بيسكوف المتحدث الصحافي باسم الكرملين الذي رفض الإجابة بـ«نعم» أو «لا» على سؤال حول ما إذا كان يظن أن التعاون مع الولايات المتحدة قد انتهى، وأجاب مؤكدًا أن «موسكو منفتحة على التعاون (مع الولايات المتحدة). موسكو ترى أنه دون التعاون لا يمكن التصدي بفعالية للإرهاب وحل المشكلات في سوريا»، حسب قوله. من جانبه، أكد ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة مجلس الدوما للشؤون الدولية، خلال الجلسة العامة الأولى للبرلمان الروسي الجديد (بعد الانتخابات) على ضرورة التوصل إلى قاسم مشترك وموقف موحد مع الولايات المتحدة حول القضايا الأكثر تعقيدا في الشأن الدولي. وإذ أقر بأن هذا عمل صعب وشاق، فإنه شدد على ضرورة القيام بذلك لضمان الأمن والاستقرار الدوليين.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.