العراق يرفض التدخل التركي في تحديد ساعة الصفر لتحرير الموصل

ارتفاع هاجس التغيير الديموغرافي مع تزايد الحشد العسكري لدحر «داعش»

العراق يرفض التدخل التركي في تحديد ساعة الصفر لتحرير الموصل
TT

العراق يرفض التدخل التركي في تحديد ساعة الصفر لتحرير الموصل

العراق يرفض التدخل التركي في تحديد ساعة الصفر لتحرير الموصل

في وقت صوّت فيه البرلمان العراقي بالإجماع برفض قرار البرلمان التركي التمديد للقوات التركية داخل الأراضي العراقية، والتصريحات الأخيرة التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن مستقبل الموصل، التي عدها سنية خالصة للعرب والتركمان، فإن باب الخلافات والتكهنات والمخاوف فتح على مصراعيه بين مختلف القوى والتيارات السياسية.
إردوغان سبق له قبل أيام أن أعلن ساعة الصفر لمعركة الموصل في التاسع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وهو ما رفضته بغداد بشدة على يد رئيس الوزراء حيدر العبادي؛ لأن معركة الموصل عراقية خالصة وتتم بمساعدة التحالف الدولي. عكست المواقف المتباينة للقوى العراقية، حتى في حال محاولتها التعبير عن موقف موحد، مما يضعها جميعًا في باب تثبيت المواقف حتى لو اتسم بعضها بلهجة تصعيدية حادة، مثل الموقف الذي عبرت عنه إحدى الفصائل الشيعية المسلحة وهي حركة «النجباء» التي توعدت تركيا بـ«رد مزلزل» طبقًا للبيان الصادر عنها. البيان تزامن مع سلسلة بيانات بهذا الشأن، ولكن بمستويات مختلفة من طريقة التعامل مع دولة مثل تركيا تربطها علاقات متداخلة مع بغداد، بالإضافة إلى ميزان تجاري هو الأكبر بين دول الجوار، حيث يتعدى الـ12 مليار دولار سنويًا.
قرار البرلمان العراقي تضمن إجراءات تنفيذية يتوجب على الحكومة تنفيذها، ومنها مطالبة الحكومة باستدعاء السفير التركي ببغداد وتسليمه مذكرة احتجاج على خلفية وجود القوات التركية، إضافة إلى أن على الحكومة اتخاذ كل الإجراءات القانونية والدبلوماسية لحفظ سيادة العراق.
كما تضمن القرار اعتبار القوات التركية محتلة ومعادية واتخاذ ما يلزم لإخراجها من العراق، فضلاً عن تحريك دعوى قضائية لمحاسبة المطالبين بدخول تلك القوات.
من جهته أعرب التحالف الوطني الشيعي عن قلقه من تصريحات الرئيس إردوغان بشأن الموصل، وقرار تمديد بقاء القوات في العراق وسوريا. وقال مكتب رئيس التحالف عمار الحكيم في بيان له: «الهيئة القيادية للتحالف الوطني تطالب الحكومة التركية بسحب قواتها فورًا من العراق والحفاظ على علاقات حسن الجوار، واحترام السيادة العراقية، وعدم التدخل بالشأن الداخلي العراقي، والابتعاد عن أي خطوات استفزازية للعراقيين والعمل على المساهمة الفاعلة في دعم العراق في مساعيه للقضاء على عصابات (داعش) الإرهابية».
وفي هذا السياق تقول عضو البرلمان العراقي عن كتلة بدر ضمن التحالف الوطني سهام الموسوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تصريحات إردوغان مرفوضة تماما، وكذلك القرار الصادر عن البرلمان التركي بتمديد القوات التركية في العراق عامًا آخر، حيث إننا سواء من خلال القرار الذي صوتنا عليه في البرلمان أو من قبل مختلف القوى السياسية والوطنية نعتبر وجود القوات التركية داخل أراضينا بوصفها قوات احتلال وتدخلاً سافرًا بالشؤون الداخلية لبلد ذي سيادة». وأضافت الموسوي أن «تصريحات إردوغان وقرار البرلمان التركي تكرس الطائفية في العراق، واستفزاز مقصود للعراقيين الذين يعملون اليوم صفا واحدا من أجل تحرير الموصل من تنظيم داعش، وليس الدخول في تفاصيل يمكن أن تحل ضمن دائرة حوار عراقي داخلي».
وأشارت الموسوي إلى أن «لدى الجانب العراقي اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة، ولكننا نجد أن الأميركان يلتزمون الصمت حيال التدخل التركي الذي من شأنه أن يعقد الأمور أكثر على صعيد معركة الموصل»، متهمة أطرافًا «داخلية في العراق هي التي ساعدت على دخول الأتراك والدفاع عنهم».
لكن في مقابل هذه المخاوف يعلن تحالف القوى العراقية السنية مخاوفه على الطرف الآخر، وذلك من خلال التحذير من حصول إبادة جماعية في قضاء تلعفر وبخاصة لسكانه من السنة. وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى عز الدين الدولة خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان العراقي أمس الثلاثاء أن «هناك معلومات تبين أن الحكومة تدعم منظمة الـpkk»، مبينًا: «نأمل أن تكون المعلومات غير حقيقية». وحذر، من «حرب إبادة جماعية انتقامية من تركمان تلعفر تقوم بها هذه المنظمة انتقاما من تركمان تلعفر؛ كونهم يندرجون من ضمن الأصول التركية». ودعا الدولة، الحكومة العراقية إلى «طرد هذه المنظمة باعتبارها منظمة إرهابية». في مقابل ذلك بدأت تبرز مخاوف من إمكانية حصول تغيير ديموغرافي مقصود في مناطق سهل ننيوى، عند حصول موجة النزوح الكبرى المتوقعة من الموصل عند بدء المعارك إلى هذه المناطق. وفي هذا السياق يقول القاضي أصغر الموسوي، أحد قيادات الشبك في محافظة نينوى، لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك نية لإسكان النازحين من أهالي الموصل في مناطق سهل نينوى، والتي تضم في غالبيتها الأقليات الدينية والمذهبية مثل المسيحيين والأزيديين والشبك وغيرهم لكونها الآن خالية من السكان ولكونها قريبة من إقليم كردستان».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.