غارات مكثفة على دوما.. وسكانها يخشون تكرار سيناريو حلب

عشرات الغارات تتزامن مع تقدم النظام و«حزب الله» 3 كيلومترات شرقًا

رافعة تزيل أنقاض المباني المدمرة، أمس، في أعقاب الغارات الجوية على بلدة دوما التي تسيطر عليها المعارضة في الضواحي الشرقية للعاصمة دمشق (أ.ف.ب)
رافعة تزيل أنقاض المباني المدمرة، أمس، في أعقاب الغارات الجوية على بلدة دوما التي تسيطر عليها المعارضة في الضواحي الشرقية للعاصمة دمشق (أ.ف.ب)
TT

غارات مكثفة على دوما.. وسكانها يخشون تكرار سيناريو حلب

رافعة تزيل أنقاض المباني المدمرة، أمس، في أعقاب الغارات الجوية على بلدة دوما التي تسيطر عليها المعارضة في الضواحي الشرقية للعاصمة دمشق (أ.ف.ب)
رافعة تزيل أنقاض المباني المدمرة، أمس، في أعقاب الغارات الجوية على بلدة دوما التي تسيطر عليها المعارضة في الضواحي الشرقية للعاصمة دمشق (أ.ف.ب)

تعرضت مدينة دوما، أبرز معاقل الفصائل المعارضة في ريف دمشق، لغارات مكثفة، أمس، في وقت يخشى فيه الأهالي مع محاولة قوات النظام مؤخرا التقدم إلى المدينة، مصيرا مماثلا لأحياء حلب الشرقية، وفق ما يقول السكان والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأحصى مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، في دوما، عشر غارات على الأقل استهدفت المدينة، أمس، لافتا إلى أن الشوارع خلت من المارة تزامنا مع تعليق الدروس لليوم الثاني على التوالي بعد أقل من أسبوع على استئناف العام الدراسي الحالي.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «تشن طائرات سورية وروسية عشرات الغارات الجوية على مدينة دوما ومحيطها في الأسابيع الأخيرة، وتتزامن مع تقدم قوات النظام وحزب الله اللبناني على بعد ثلاثة كيلومترات عنها من جهة الشرق».
وتنفذ قوات النظام وحلفاؤها منذ مايو (أيار) هجوما في الغوطة الشرقية لدمشق، مكنها من السيطرة على عشرات البلدات والقرى والمزارع في جنوب الغوطة الشرقية وأبرزها بلدة دير العصافير.
وبحسب عبد الرحمن: «تجري قوات النظام وحزب الله عملية قضم مستمرة في الغوطة الشرقية مكنتها من تضييق الخناق على معاقل الفصائل، والتي تحاول التقدم إليها من جهتي الشمال والشرق».
وتحاصر قوات النظام منذ عام 2013 منطقة الغوطة الشرقية التي تعد دوما أبرز معقل للفصائل المعارضة والإسلامية، وعلى رأسها فصيل «جيش الإسلام».
وبعدما كانت قوات النظام تحاصر منطقة الغوطة بأكملها، يخشى سكان دوما مع ازدياد وتيرة الغارات والمعارك أن يجدوا أنفسهم محاصرين بالكامل داخل المدينة على غرار سكان الأحياء الشرقية في مدينة حلب (شمال).
ويقول أحد الناشطين في دوما ويدعى محمد «لا يعرف الناس ما سيكون عليه مصيرهم. كل الاحتمالات واردة»، من دون أن يستبعد «احتمال أن نصبح كما في شرق حلب».
ويوضح أنه «ليس بمقدور الناس أكثر من إعداد خطة طوارئ تتضمن تجهيز ملاجئ ومستودعات طبية للكادر الطبي».
ويعيش نحو 250 ألف شخص في الأحياء الشرقية في مدينة حلب في ظل نقص فادح في المواد الغذائية والأدوية جراء حصار مطبق تفرضه قوات النظام منذ شهرين، تزامنا مع غارات روسية كثيفة منذ أقل من أسبوعين تستهدف المباني والمرافق الطبية.
ويبدي أبو أنس، في الأربعينات من عمره ويعمل في محل سمانة، خشيته من تداعيات تضييق الحصار على المدينة. ويقول: «مع تقدم النظام (جنوب الغوطة) وتضييق الخناق، انخفضت كمية المحاصيل بشكل كبير جراء السيطرة على الأراضي التي كان بإمكان الأهالي استخدامها في الزراعة ومقاومة الحصار».
وتعد منطقة الغوطة الشرقية منطقة زراعية بامتياز. وبحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، فإن عددا كبيرا من سكان دوما يعتمدون على المحاصيل الزراعية من حبوب وخضراوات إضافة إلى الأشجار المثمرة التي يوجد قسم كبير منها في مناطق سيطرت عليها قوات النظام في جنوب الغوطة الشرقية.
ويحذر الطبيب محمد أبو سالم من النقص الفادح في الطاقم الطبي والأدوية والمشافي الميدانية على استقبال مزيد من الجرحى في ظل النقص في الطاقم الطبي والمستودعات شبه الفارغة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.