لبنان: الحريري يزور موسكو سعيًا وراء غطاء خارجي لمبادرته الرئاسية

سجال بين البطريرك الماروني ورئيس المجلس النيابي.. وسلة بري تكبل رئيس «المستقبل»

لبنان: الحريري يزور موسكو سعيًا وراء غطاء خارجي لمبادرته الرئاسية
TT

لبنان: الحريري يزور موسكو سعيًا وراء غطاء خارجي لمبادرته الرئاسية

لبنان: الحريري يزور موسكو سعيًا وراء غطاء خارجي لمبادرته الرئاسية

زاد السجال الذي اندلع بين البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري على خلفية «سلة التفاهمات» التي يتمسك بها الأخير، من التعقيدات التي تحيط بالحركة التي بدأها رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري بمسعى لحل الأزمة الرئاسية المتفاقمة منذ مايو (أيار) 2016. والتي يستكملها اليوم من موسكو، حيث يلتقي عددا من المسؤولين الروس أبرزهم وزير الخارجية سيرغي لافروف بمسعى لتأمين غطاء خارجي لخياراته الجديدة المرتقبة، وما يُحكى عن توجهه لتأييد ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
وبحسب وكالة «سبونتيك» الروسية، سيكون الملف الرئاسي الحاضر الأبرز ضمن لقاء الحريري - لافروف «لما تملكه موسكو من قدرة على لعب دور مهم على صعيد الانتخابات الرئاسية». ونقلت الوكالة عن مصادر قولها إن الحريري «يعوّل على الدولة الروسية للعب دور إيجابي على صعيد الأزمة السياسية التي تضرب لبنان منذ أكثر من سنتين ونصف السنة». ومن المتوقع أن تشمل جولة الحريري الخارجية بعد جولة مكثفة على القيادات اللبنانية قام بها الأسبوع الماضي، المملكة العربية السعودية وتركيا.
وبانتظار تبلور نتائج حركة الحريري وما إذا كان سيتبنى عمليا ترشيح عون أم لا، أظهرت المواقف والبيانات التي تقاذفتها البطريركية المارونية وعين التينة (مقر إقامة بري) في الساعات الماضية أن الحل الرئاسي ليس بين يدي رئيس «المستقبل» وحده بل إلى حد كبير لدى حلفاء عون أنفسهم وأبرزهم رئيس المجلس النيابي الذي يتمسك بوجوب أن يكون الملف الرئاسي ضمن سلة متكاملة من الحلول تشمل رئاسة الحكومة والبيان الوزاري وقانون الانتخاب وغيرها من الملفات الأساسية، في وقت يرفض البطريرك الراعي رفضا قاطعا أن تكون «سلة التفاهم» شرطا وممرّا لانتخاب رئيس الجمهورية.
وصدر عن بري يوم أمس رد مباشر على العظة التي تناول فيها البطريرك الراعي الأحد موضوع «السلة»، وقال رئيس المجلس النيابي في بيان: «أما وإنك أخفيت مما أعلنت فإني أعلن ما أخفي، بين سلة للأشخاص التي اقترحتم وسلة الأفكار التي قدمتها في الحوار، أترك للتاريخ أن يحكم أيهما الدستوري وأيهما الأجدى من دون الحاجة للمس بالكرامات، وكرامتنا جميعا من الله».
وبحسب مصادر مطلعة فإن بري قصد بـ«سلة الأشخاص» مجموعة أسماء مرشحين للرئاسة تدعمهم بكركي، كان قد عرضها الراعي في مرحلة سابقة على رئيس المجلس النيابي ليتم اختيار أحدهم رئيسا للبلاد. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن ما أزعج بري هو «محاولة تصوير محاولاته الإنقاذية كأنّها محاولات لعرقلة حركة الحريري الأخيرة، من منطلق أنّه غير متحمس لانتخاب عون رئيسا».
وسأل الراعي في عظة قداس الأحد الذي ترأسه في بكركي «كيف يقبل أي مرشّح للرئاسة الأولى، عنده كرامة وإدراك لمسؤولياته، أن يُعرّى من مسؤولياته الدستورية، بفرض سلّة شروط عليه غير دستورية، وأن يحكم كأداة صمّاء؟ هذا إذا ما كان الأمر للمماطلة بانتظار الوحي وكلمة السرّ من الخارج» مشددا على أن «التقيّد بالدستور، حرفًا وروحًا، وبالميثاق يغنيان عن هذه (السلة)».
وفيما فضّلت مصادر رفيعة في البطريركية المارونية في اتصال مع «الشرق الأوسط» عدم التعليق على البيان الصادر عن بري داعية لانتظار ما سيصدر عن اجتماع مجلس المطارنة الشهري يوم غد الأربعاء، أكّد رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن أن البطريرك لم يقصد أو يستهدف الرئيس بري في عظته الأخيرة، لافتا إلى أنّه طالب ويطالب بالمطلق بتطبيق الدستور ومواده وخصوصا بما يتعلق بانتخاب رئيس للبلاد. وقال الخازن لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يريده ويسعى إليه الرئيس بري من خلال تمسكه بالسلة، هو تسهيل مهمة الرئيس العتيد من خلال تجميع الملفات على طاولة الحوار ليتم بتها قبل إتمام الانتخابات الرئاسية، من دون المس بالدستور أو انتهاكه، حرصا منه على تخفيف الاحتقان والتشنج القائم خاصة ماليا واقتصاديا». وأضاف: «الاتفاق على التشكيلة الحكومية والبيان الوزاري وقانون الانتخاب من شأنه أن يسهل مهمة رئيس الجمهورية لا أن يكبل يديه خاصة أنّه يبقى قادرا على تعديل أي اتفاق لا يرضيه بعد انتخابه».
ولا يزال التيار العوني يحاول استيعاب المواقف الأخيرة التي أطلقها رئيس المجلس النيابي والتي يعي ضمنيا أنّها قد تفوت فرصة انتخاب عون رئيسا، وهو ما عبّرت عنه مصادر في هذا التيار قالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن الآن بانتظار أن يخرج الرئيس الحريري ليتبنى علنا ورسميا ترشيح العماد عون عندها يكون لكل حادث حديث في حال كان هناك من حلفائنا من سيتصدى لوصول الجنرال إلى قصر بعبدا». وفي السياق عينه، اعتبر عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب سليم سلهب أن «السلة موجودة للمناورة السياسية ولربح الوقت وستسحب عندما يحين موعد انتخاب رئيس للجمهورية». وقال سلهب: «سنحاول تذليل العقبات الموجودة لدى بري، ومن الممكن أن نرى النائب ميشال عون في عين التينة لأن من واجبات أي مرشح للرئاسة أن يجتمع مع جميع الفرقاء».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».