المعارضة الموريتانية تبدأ التحرك لمنع تعديل الدستور

قاطعت «الحوار الوطني» وطرحت شروطًا وضمانات لـ«حوار جدي»

محمد ولد عبد العزيز
محمد ولد عبد العزيز
TT

المعارضة الموريتانية تبدأ التحرك لمنع تعديل الدستور

محمد ولد عبد العزيز
محمد ولد عبد العزيز

أعلنت المعارضة التقليدية في موريتانيا، بمختلف أطيافها، الشروع في حملة واسعة من أجل التحرك لمنع تعديل الدستور في نهاية «الحوار الوطني الشامل» الذي أطلقته الحكومة الخميس الماضي، وتقاطعه هذه المعارضة بحجة افتقاره إلى الضمانات والمصداقية.
وقال المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر كتلة معارضة في موريتانيا، إن النظام لا يريد حوارًا حقيقيًا وإنما «احتفالاً» لتمرير النتائج التي أعدها مسبقًا، ودعا جميع القوى الوطنية الرافضة للحوار «الكرنفالي» إلى «التشاور والتنسيق في وجه مسار يحق للجميع كل الشك في النيات منه وفيما يراد منه». وأعلن رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) محمد جميل منصور، القيادي في منتدى المعارضة، أن هنالك اتصالات بدأت بالفعل بين جميع الرافضين للحوار، من أجل الوقوف في وجه التعديلات الدستورية التي يريد النظام تمريرها من خلال «حوار صوري وشكلي»، على حد وصفه.
وقال منصور، في مؤتمر صحافي عقده منتدى المعارضة أمس (الاثنين) بنواكشوط، إن هذه الاتصالات التي قام بها المنتدى شملت أحزاب تكتل القوى الديمقراطية، والصواب، والتناوب الديمقراطي، وأخيرًا حزب الحركة من أجل التجديد. ويضم المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، عشرة أحزاب سياسية، بالإضافة إلى عشرات النقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني، مع عدد من الشخصيات السياسية المستقلة، وقد تأسس عام 2014 من أجل مواجهة ما سموه آنذاك «الأجندة الأحادية» المتمثلة في الانتخابات الرئاسية التي فاز بها ولد عبد العزيز وقاطعتها المعارضة.
ويوصف المنتدى بأنه «معارضة راديكالية» نتيجة لمواقفه المتصلبة من السلطة، خصوصا فيما يتعلق بالحوار، إذ أجرى خلال العامين الماضيين اتصالات مكثفة مع الحكومة من أجل التحضير للجلوس على طاولة الحوار، لإنهاء أطول أزمة سياسية عرفتها موريتانيا، بدأت بعد انقلاب 2008 الذي قاده الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز عندما كان جنرالاً في الجيش، ضد الرئيس المدني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
ويؤكد منتدى المعارضة رغبته الدائمة في الحوار، لكنه يرفض في الوقت نفسه أن يدخل في حوار مع السلطة من دون ضمانات حقيقية تثبت جدية السلطة وحسن نيتها، مشيرًا على أن حوارات 2009 و2011 لم يطبق من نتائجها إلا ما يخدم هذه السلطة.
واستعرض الرئيس الدوري لمنتدى المعارضة الشيخ سيد أحمد ولد باب مين، خلال مؤتمر صحافي أمس، أبرز الشروط التي يطرحونها للدخول في حوار مع السلطة، وأول هذه الشروط «أن يكون المنتدى طرفًا أصليًا في التحضير وتصور الشكل وتحديد المواضيع والاتفاق على المشاركين» في الحوار، أما الشرط الثاني فهو «توفير الضمانات الكافية خصوصًا تلك التي تضمن حياد الدولة والإدارة وأجهزتهما وتخلق أجواء الشفافية وتكافؤ الفرص في أي استحقاق انتخابي منتظر»، واعتبر ولد باب مين أن هذه الشروط «ليست تعجيزية».
وفي حين يترك المنتدى الباب مفتوحًا أمام مشاركته في الحوار وإن بشروط، أعلن حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض موقفًا أكثر راديكالية من الحوار الجاري حاليًا وقال إنه «أقصى بصفة ممنهجة المعارضة الديمقراطية، وقسما مهما من الرأي العام الوطني، من خلال الرفض العنيد لأي نوع من التنازل قد يُضفي أدنى حد من المصداقية على مثل هذا اللقاء».
واعتبر الحزب الذي يرأسه أحمد ولد داداه، زعيم معارضة موريتانيا التقليدي، أن من قاطعوا الحوار الذي دعا له النظام «أثبتوا وطنيتهم الراسخة»، واصفًا الجلسات التي تجري في قصر المؤتمرات بنواكشوط بأنها «مهزلة خبيثة» الهدف منها تعديل الدستور لبقاء الرئيس في الحكم.
ودعا الحزب، في بيان صحافي، «جميع المنظمات السياسية، وجميع القوى الحية الوطنية، إلى تشكيل جبهة عريضة تسد الطريق أمام هذه المناورات، من خلال الدفاع عن دستور البلاد ضد العبث»، كما وجه الحزب تحذيرًا إلى المشاركين في الحوار، ومن ضمنهم منشقون عنه، وطلب منهم «النأي بأنفسهم عن تحمل المسؤولية الخطيرة التي قد تنجم عن الموافقة على أي تلاعب بالدستور».
الموقف نفسه أعلنه حزب التناوب الديمقراطي المعارض في بيان صحافي، قال فيه إن نتائج الحوار أعدت بشكل مسبق، مؤكدًا أن الهدف الحقيقي من وراء هذا الحوار هو «تعديل الدستور لإطالة عمر النظام القائم»، ووصف جلساته بأنها «مقدمة خطيرة للعبث بالدستور»، داعيًا إلى منع «الانقلاب على الدستور». في غضون ذلك بدأ المشاركون في «الحوار الوطني الشامل» مساء أمس ورشات العمل لمناقشة أبرز الملفات المطروحة التي من ضمنها نقاط من الدستور، مثل إنشاء منصب نائب لرئيس الجمهورية وإلغاء مجلس الشيوخ، وتشكيل مجالس تسيير جهوية، وهي النقاط التي قال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خلال افتتاح الحوار، إن الموافقة عليها يتطلب تعديلاً دستوريًا سيمر عبر استفتاء شعبي.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.