مع بداية موسم عاشوراء.. تفجيران انتحاريان في بغداد وعشرات القتلى

«داعش» يعلن مسؤوليته.. وقلق شعبي من ازدياد العمليات خلال الأيام المقبلة

شاب عراقي يتأمل مكان الانفجار الذي وقع غرب العاصمة بغداد أمس (رويترز)
شاب عراقي يتأمل مكان الانفجار الذي وقع غرب العاصمة بغداد أمس (رويترز)
TT

مع بداية موسم عاشوراء.. تفجيران انتحاريان في بغداد وعشرات القتلى

شاب عراقي يتأمل مكان الانفجار الذي وقع غرب العاصمة بغداد أمس (رويترز)
شاب عراقي يتأمل مكان الانفجار الذي وقع غرب العاصمة بغداد أمس (رويترز)

قالت الشرطة العراقية أمس إن انتحاريين هاجما موكبين للطائفة الشيعية وسط العاصمة بغداد، مما أدى إلى مقتل 11 شخصا على الأقل وإصابة قرابة 40. وأعلن تنظيم «داعش» المتطرف مسؤوليته عن التفجيرين، اللذين جاءا أثناء مرور موكبين دينيين.
الانفجار الأول وقع في منطقة العامل جنوب بغداد، وقتل فيه 6 وأصيب 25 آخرون. أما الانفجار الثاني، فوقع في منطقة المشتل شرق العاصمة وقتل فيه 5 وأصيب 18.
وبألم بالغ عبر الإعلامي العراقي جعفر الونان، مدير المركز الخبري الوطني، على التفجير الانتحاري الذي وقع أمس في حي المشتل شرق بغداد، الذي كان سبقه تفجير انتحاري في حي العامل جنوب غربي بغداد، قائلا: «لا يهم.. فالخايبة (كناية عن الأم العراقية المسكينة) لديها مزيد من الأولاد الذين يضحون بأنفسهم من أجل أصحاب الكروش والجنسيات المزدوجة». الونان أضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الوقت الذي يبدأ فيه الموسم الدراسي متزامنا مع موسم عاشوراء، فإن أطفال العراقيين يذهبون إلى المقابر بسبب التفجيرات والحرب الطاحنة ضد تنظيم داعش، بينما أولاد المسؤولين يذهبون آمنين مطمئنين إلى مدارسهم في لندن وسواها من العواصم الآمنة المستقرة».
لكن هذه النظرة التي كانت سائدة في الأوساط الشعبية والتي غالبا ما يرددها الناس في المقاهي وسيارات النقل والأسواق المزدحمة التي لم تتمكن الحكومة من تأمين الحماية لها، وصلت إلى المثقفين والإعلاميين؛ بل وحتى رجال الدين ممن باتوا يرون أن «التضحيات التي يقدمها العراقيون لا سيما الفقراء منهم لا تقابلها الطبقة السياسية إلا بمزيد من الفشل في الخطط والممارسات والسلوك»، مثلما أكد لـ«الشرق الأوسط» رجل الدين الشيعي عبد الحسين الساعدي الذي أضاف أن «العراقيين كانوا بالفعل استبشروا خيرا بإسقاط النظام السابق، ولعل الشيعة في المقدمة منهم لأسباب مختلفة تقف في المقدمة منها ما كانوا عانوه من مظلومية على عهد ذلك النظام الذي كان قد منع عنهم طقوس عاشوراء».
ويضيف الساعدي أن «هذه الطقوس بصرف النظر عما يقال بشأن المبالغة في جزء منها مما هو مختلف عليه داخل رجال الدين الشيعة والكبار بمن في ذلك المراجع، لكنها في النهاية ممارسة ثابتة في الضمير الشيعي وتحظى بتعاطف كبير من قبل الإخوان السنة في مختلف المناطق، بما فيها الأعظمية التي يقدم أهاليها الخدمات للزوار القادمين من مناطق شرق بغداد في طريقهم إلى مدينة الكاظمية».
ويربط الساعدي بين «استمرارية هذه الطقوس ومحاولات تنظيم داعش الإرهابي استغلالها بهدف إثارة الفتنة بين العراقيين، وإلا كيف نفسر حصول هذه التفجيرات في اليوم الأول من عاشوراء، علما بأن هذه الممارسة سوف تستمر لأكثر من 40 يوما، وهو ما يعني سقوط مزيد من الضحايا الأبرياء، لأن هذا التنظيم يريد إذكاء الفتنة». وفي حين يرى الساعدي أن «الشعب العراقي لم يعد بمقدور أحد جره إلى فتنة طائفية جديدة على غرار ما حصل بعد تفجير مرقدي سامراء عام 2006، لكن مما يؤسف له أن الأجهزة الأمنية لم تقم بواجبها بما يكفي لحفظ الأمن في مثل هذه المناسبات؛ حيث الخطط نفسها والأساليب نفسها التي تستخدم منذ ما بعد سقوط النظام وحتى اليوم».
مع ذلك، وبعد ساعات من وقوع التفجيرات في بعض أحياء بغداد ذات الغالبية الشيعية مع بدء انتشار المواكب الحسينية، التي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات في أحياء العامل والمشتل والدورة، أعلن قائد عمليات بغداد اللواء الركن عبد الجليل الربيعي عن اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بحفظ الأمن بين صفوف المواطنين. لكن للجنة الأمن والدفاع رأي آخر، وذلك على لسان نائب رئيسها حامد المطلك، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الخطط الأمنية، ومثلما أكدنا سابقا، لا تنسجم مع نمط تفكير العدو وأساليبه، لأنها خطط تقليدية لم تتغير ولا إبداع فيها، بينما العدو يغير من أساليبه، وهو ما يجعل عنصر المبادرة بيده دائما». ويضيف المطلك أن «مشكلة الصلاحيات وتنازعها بين مختلف الأجهزة، لا سيما الدفاع والداخلية، تضاف للفساد المالي والإداري الذي استشرى في مفاصل مهمة من هذه المؤسسات دون محاسبة حقيقية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».