الرئيس التونسي يجري مشاورات سياسية للتحضير لجبهة سياسية جديدة

بهدف دعم حكومة الشاهد في اختياراته الاقتصادية والاجتماعية الصعبة

الرئيس الباجي قائد السبسي
الرئيس الباجي قائد السبسي
TT

الرئيس التونسي يجري مشاورات سياسية للتحضير لجبهة سياسية جديدة

الرئيس الباجي قائد السبسي
الرئيس الباجي قائد السبسي

يقود الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي خلال هذه الفترة سلسلة من المشاورات السياسية مع عدد من القيادات السياسية، بعضها من حزب النداء الفائز في انتخابات 2014، والمهدد بالانهيار نتيجة تواصل الخلافات السياسية بين عدد من أعضائه المؤسسين.
ومن المنتظر أن تفضي هذه المشاورات إلى تشكيل «جبهة جمهورية»، أو «جبهة الوحدة الوطنية»، أو حزب سياسي قادر على الحفاظ على التوازن السياسي أمام حركة النهضة، وله القدرة الفعلية على دعم يوسف الشاهد، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، في اختياراته الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.
وتهدف هذه المبادرة، وفق ما ورد في بعض وسائل الإعلام المحلية، إلى «لم شمل العائلة الديمقراطية وضمان دعم قوي لحكومة يوسف الشاهد بشكل يقلم حجم حركة النهضة ونفوذها».
وكان الرئيس التونسي قد التقى يوم الثلاثاء الماضي راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة (توجه إسلامي)، وصرح الغنوشي بأن علاقته بالرئيس التونسي «جيدة»، مشيرا إلى أن التحالف السياسي بين حركتي النداء والنهضة هو أساس التوافق في تونس. كما أكد أن «خصوم هذا التوافق يرتكزون باستمرار إلى هذه الحلقة في محاولة لكسرها أو المساس بها»، وهو ما اعتبر إشارة من الغنوشي إلى وجود هذه المشاورات التي عبر عن قلقه منها بطريقة غير مباشرة.
وتذكر هذه السلسلة من المشاورات الرئاسية الجديدة مع قيادات سياسية، من بينها مصطفى بن أحمد، ووليد جلاد وكمال الحمزاوي، وهم من قيادات حزب النداء، بتلك المشاورات التي قادها الباجي قائد السبسي ولقائه بمجموعة من الشخصيات المستقلة والمتحزبة بداية شهر يونيو (حزيران) الماضي إبان إطلاقه لمبادرة حكومة الوحدة الوطنية.
كما التقى الباجي خلال الأيام الماضية منجي الرحوي، النائب في البرلمان عن تحالف الجبهة الشعبية المعارض، وكمال العيادي الوزير السابق للوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد. ومن المنتظر أن يلتقي سليم الرياحي، رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر المشارك في الائتلاف الحكومي.
ووفق مصادر سياسية مطلعة، فإنه من المنتظر أن يعقد الرئيس الباجي سلسلة من اللقاءات بعدد من ممثلي الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية؛ وذلك بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تشكيل جبهة جمهورية، أو جبهة إصلاح تدعم حكومة الوحدة الوطنية، وتضم الكتل البرلمانية المساندة للحكومة وكل الأطراف التي وقّعت على وثيقة قرطاج. وقد ترك الرئيس السبسي الباب مفتوحا أمام أحزاب سياسية أخرى، وشخصيات مستقلة لدعم هذا التوجه الهادف إلى تخطي مرحلة سياسية صعبة في البلاد.
ووفق المحلل السياسي التونسي المنذر ثابت، سيكون دور هذه الجبهة السياسية في حال تشكيلها «تسهيل عمل حكومة الشاهد والتنسيق بين مكوناتها؛ حتى لا يفضي العمل الحكومي إلى اختلافات أو تضارب في الآراء حول برنامج عمل الحكومة».
ويشير أكثر من تقرير سياسي إلى حيرة وقلق قيادات حزب النداء على مصير الانتخابات البلدية المقبلة؛ إذ إن أغلب المؤشرات واستطلاعات الرأي تفيد بأنها ليست في صالح «نداء تونس»، الحزب الفائز في انتخابات 2014، والأمر نفسه ينطبق على «القوى الحداثية» المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية.
على صعيد آخر، تعقد الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (منظمة حقوقية مستقلة) مؤتمرها التاسع في العاصمة التونسية تحت شعار «كل الحقوق دون إقصاء أو انتقاء». وكان الرئيس السبسي قد أشرف على الجلسة الافتتاحية وأكد «أن إبداء رأي مخالف للرأي الرسمي لا يعتبر بحال من الأحوال عملا هداما وصيدا في الماء العكر، وتآمرا على أمن الدولة».
موضحا أن إبداء الرأي يعد ضروريا لضمان مناعة الدولة ودوامها واستقرار النظام، وأن مناخ الحريات السائد وما صاحبه من إفراز لمشهد جديد لحقوق الإنسان هو المناخ الأمثل لإنجاح المسار الانتقالي في البلاد، والخروج بها من حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».