الرئيس السوداني يدعو البرلمان إلى إجراء تعديلات محدودة في الدستور

انشقاق في تحالف قوى المعارضة في الداخل

الرئيس السوداني يدعو البرلمان إلى إجراء تعديلات محدودة في الدستور
TT

الرئيس السوداني يدعو البرلمان إلى إجراء تعديلات محدودة في الدستور

الرئيس السوداني يدعو البرلمان إلى إجراء تعديلات محدودة في الدستور

استبق الرئيس السوداني عمر البشير توصيات الجمعية العمومية للحوار الوطني التي ستنعقد في العاشر من الشهر المقبل بقوله إن استيعاب مخرجات الحوار الوطني يتطلب إجراء تعديلات دستورية وقانونية محدودة سيتم عرضها على البرلمان خلال دورته المقلبة لإجازتها، في وقت أعلنت فيه خمسة أحزاب سياسية معارضة إنهاء علاقاتها التنظيمية في تحالف قوى الإجماع الوطني الذي يضم قوى المعارضة في الداخل، ويعد هذا ثاني أكبر انقسام يشهده التحالف منذ خروج حزبي الأمة بزعامة الصادق المهدي، والمؤتمر الشعبي.
ودعا الرئيس السوداني عمر البشير المجلس التشريعي القومي (البرلمان) للاستعداد للدورة المقبلة بالصورة التي تجعله يتمكن من استيعاب توصيات الحوار الوطني، التي سيتم إعلانها في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في جلسة المؤتمر العام للحوار، الذي شاركت فيه أحزاب موالية للحزب الحاكم، مؤكدًا أن المرحلة القادمة سيشهد السودان عملاً سياسيا مهمًا، وقال في هذا السياق إن «استيعاب مخرجات الحوار يتطلب إجراء تعديلات دستورية وقانونية محدودة سيتم عرضها على البرلمان في الدورة المقبلة»، وأوضح أن إجازة مخرجات الحوار الوطني بالإجماع عبر المؤتمر العام دون الخلاف حول أي توصية لإعداد الوثيقة الوطنية التي ستصبح أساسًا للدستور الدائم للبلاد ويليق بالشعب السوداني.
وسبق أن أجرى البرلمان تعديلات دستورية في يناير (كانون الثاني) العام الماضي، التي سمحت لرئيس الجمهورية بتعيين وعزل ولاة الولايات وتحويل جهاز الأمن والمخابرات إلى قوة نظامية بدل حصره في السلطات التي نص عليها دستور 2005 الانتقالي الذي تم إقراره وفق اتفاقية السلام الشامل، وضمنت التعديلات اتفاقية الدوحة لسلام دارفور في الدستور.
وقال البشير الذي تسلم رد البرلمان على خطابه أمام دورة انعقاده الثالث في أبريل (نيسان) الماضي إن بلاده تم استهدافها عبر الحصار الظالم وإشعال الفتن والحروب، مضيفًا أن السودان يشهد استقرارًا مقارنة مع محيطه الإقليمي، ومشيرًا إلى قدرة القوات المسلحة والنظامية على إرساء السلام والاستقرار من أجل ممارسة سياسية راشدة تقود البلاد إلى الأمام في ظل المنعطف الخطير الذي تمر به.
إلى ذلك، أعلنت أحزاب قوى «نداء السودان» بالداخل علاقتها التنظيمية مع تحالف قوى الإجماع الوطني، التي كانت تضم أكثر من عشرين حزبا، أغلبيتها من اليسار والقوميين العرب، ويعد هذا الانشقاق الثاني داخل هذا التحالف بعد خروج حزبي الأمة بقيادة الصادق المهدي، والمؤتمر الشعبي قبل أكثر من عامين.
وأوضحت أحزاب (المؤتمر السوداني، تجمع الوسط، البعث السوداني، القومي السوداني، التحالف الوطني) في تعميم من المتحدث باسمها محمد فاروق سليمان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أنها توصلت إلى قرارها بإنهاء العلاقة بعد مداولات اتسمت بالشفافية والموضوعية، ونأيًا بالعمل المعارض عن صراعات في غير محلها واحترامات للاختلاف والتباينات.
وكان تحالف قوى الإجماع قد قام بتجميد عضوية الأحزاب الخمسة في 21 من الشهر الحالي، واتهمها باتخاذ قرارات وخطوات فردية في العمل مع قوى نداء السودان، الذي يضم الحركة الشعبية والفصائل المسلحة التي تحارب في دارفور، حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي، ومبادرة منظمات المجتمع المدني، وقد أدى ذلك إلى حدوث شرخ في القوى المعارضة.
وأكد سليمان أن أحزاب تحالف نداء السودان في الداخل ملتزمة بمد جسور التواصل والتنسيق مع قوى الإجماع في القضايا موضوع الاتفاق بين الكيانين على قاعدة من الاحترام المتبادل، وأن ينصرف الطرفان إلى معركة الشعب السوداني في مواجهة ما الفساد، مشيرًا إلى أن نظرة أحزاب السودان في الداخل للعمل من خلال تحالف قوى الإجماع الوطني كانت على أساس تطوير وحدة العمل المعارض، وتوسيع جبهة المقاومة.
وانقسم تحالف الإجماع الوطني حول «نداء السودان»، حيث وافقت الفصائل الخمسة المستهدفة بقرار التجميد بالعمل المهيكل مع النداء، التي اعتمدها اجتماع باريس في أبريل الماضي تحت اسم «أحزاب نداء السودان بالداخل»، فيما رفض حزب البعث الأصل، وقوى عروبية أخرى الانضمام للنداء، وأيده الحزب الشيوعي وشارك في عدة اجتماعات عقدت في باريس لكنه قاطع اللقاءات الأخيرة في أديس أبابا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».