ثمة بعد استراتيجي خطير وراء ظاهرة تجنيد ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح للأطفال والنساء في الحرب الدائرة في اليمن، منذ حرب سيطرة الانقلابيين على صنعاء في سبتمبر (أيلول) من العام قبل الماضي، هو استنساخ التجربة الإيرانية، على طريقة ما يسمى «حزب الله».
وأرجع المحلل السياسي عبد السلام محمد، دافع الحوثيين لتجنيد النساء أولا إلى طريقة إيرانية لتغيير المجتمع من الداخل لضمان السيطرة عليه، وهي تأتي استكمالا لخطة استراتيجية تشبه تلك التي تم التعامل بها في حربهم مع العراق بعد تيتيم الأطفال وترميل النساء، من خلال الدفع بالرجال إلى محارق الموت، ثم يأتي التخطيط لتجنيد الأطفال، ومن خلال الأطفال يتم تشكيل الكتلة الصلبة التي أسست للحرس الثوري، حتى تتم السيطرة على الأطفال بوصفهم مجندين، ويجب الدفع بالأمهات الأرامل للتجنيد بدافع الانتقام واستغلال حالة فقدهن لعائلهن واحتياجهن ماديا للدفع بهن في براثن المعسكرات، وتحدث نتيجة ذلك انتهاكات خطيرة لحقوق النساء وحرياتهن.
وزاد: «كما أن من دوافع تجنيد النساء، إغراء الشباب للتجنيد، بعد حالة النقص الكبيرة التي في صفوفهم، من خلال الحث على زواج ميسر يخدم المقاتل الجديد. ومن الدوافع أيضا لعملية التجنيد مراعاة المجتمع اليمني في اقتحامات البيوت، ومؤخرا قامت مجندات باقتحام منازل وضرب النساء وأخذ مجوهراتهن ومدخراتهن بالقوة».
على صعيد ذي صلة، اتفق محللون ومراقبون في أحاديث متفرقة لـ«الشرق الأوسط» على انحراف انقلابيي اليمن حتى عن قواعد الحرب؛ حيث استخدموا تجنيد الأطفال والنساء لتحقيق مصالح شخصية، إضافة إلى استغلالهم دروعا بشرية في النزاعات المسلحة مما يعد انحرافا جنائيا وانتهاكا لقواعد الحرب.
ويقول المراقبون، إن الطريقة التي ينتهجها مسلحو الحوثي وصالح في التجنيد، تطابق الطريقة الإيرانية في الحشد والتجييش، ووضع النساء والأطفال واجهة ودرعا يقي طموحاتهم ويحمي انقلابهم، مستدلين بما يسمى «حزب الله» اللبناني الذي يسير على الطريقة ذاتها.
بدوره، قال باسم فضل الشعبي رئيس مركز مسارات للاستراتيجيات والإعلام، إن ظاهرة تجنيد الميليشيات للأطفال والنساء تعد ظاهرة جديدة في اليمن ليست مألوفة، وهي تشير إلى أن الجماعة وصلت إلى مرحلة الإفلاس، وبالتالي تريد الانتقام من المجتمع كله، ومن أعدائها ومناصريها وتحويلهم إلى أهداف.
وأردف الشعبي، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «الحوثيون يريدون نقل التجربة الإيرانية وتجربة (حزب الله) بحذافيرها لليمن، غير مدركين أنه من الصعوبة بمكان نجاح هذه التجربة في اليمن، فالناس قدمت تضحيات كبيرة من أجل الحرية والعدالة والشراكة، والحوثيون يعتقدون أنهم بنقل التجارب من الخارج سيستطيعون السيطرة على اليمن والشعب اليمني».
وزاد: «يفترض أن يتحرك المجتمع في صنعاء ضد هذه الظاهرة، وألا يسمح بها»، مضيفًا: «لو عدنا إلى الإسلام فسنجد أن رسول الله أعفى الأطفال الأحداث من حمل السلاح، وكذا المرأة من المشاركة في المعارك بالسلاح، وخصص لها دورا يتناسب مع قدرتها وطبيعتها، لكن هؤلاء الذين يدعون أنهم من نسل رسول الله يخالفون منهجه وشريعته، وبالتالي يستفزون المجتمع وسوف يفشلون؛ لأنهم مجرد حالة نكرة في مجتمع رافض لسلوكهم وتوجههم».
ودعا رئيس مركز «مسارات» في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، المنظمات الدولية لتوثيق هذه السلوكيات؛ لأنها تعتبر جرائم حرب، وملاحقة من يقوم بها دوليا.
وفي تقاريرها حول موت كثير من الأطفال المجندين في اليمن أو إصابتهم، ذكرت «اليونيسيف» أن 700 طفل شاركوا في العمليات الحربية والعسكرية، تتراوح أعمارهم بين 9 و17 سنة، وأن بعضهم تم اختطافه، فيما أدرجت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» جماعة الحوثي والقوات المسلحة «الجيش النظامي» وجماعة «أنصار الشريعة» المرتبطة بتنظيم القاعدة ومعقلها محافظة أبين، ضمن القائمة السوداء لديها لاستغلالها الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة في اليمن.
وكانت الحكومة اليمنية قد أكدت في وقت سابق التزامها باتفاقية باريس، بشأن حماية الأطفال من التجنيد غير المشروع، أو استغلالهم من قبل القوات أو المجموعات المسلحة، حيث وثقت تقارير دولية أن في عام 2015 وحده ارتفعت نسبة تجنيد الأطفال إلى 48 في المائة، أي ما يقارب أكثر من 40 ألف طفل.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قد أصدر أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، قرارًا جمهوريًا يقضي بعدم تجنيد الأطفال دون 18 عامًا في الجيش أو الأمن، وأكد على عدم شرعية تجنيدهم، كما طالب كل الأحزاب أو الميليشيات القبلية والجهوية بالالتزام بعدم خداع الأطفال وجرهم إلى شؤون تعد محرمة من وجهة نظر القوانين والأنظمة الدولية.
انقلابيو اليمن على خطى طهران في تجنيد النساء والأطفال
مراقبون: الحوثيون يريدون نقل تجربة إيران و«حزب الله» بحذافيرها

أطفال يمنيون يجلسون على كرسي خشبي في الحديدة (أ.ف.ب)
انقلابيو اليمن على خطى طهران في تجنيد النساء والأطفال

أطفال يمنيون يجلسون على كرسي خشبي في الحديدة (أ.ف.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة