استطاعت قوات النظام التقدم في حلب مستعيدة السيطرة على مخيم حندرات، ما سيمهّد دخوله إلى القسم الشمالي من المدينة، في وقت سجّل فيه تراجع للقصف على المدينة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. في غضون ذلك أعلن الدفاع المدني عن سقوط أكثر من 400 قتيل في الأسبوع الذي تلا إنهاء الهدنة وأكثر من 1700 جريح، فيما استهدف الطيران الحربي الروسي يوم أمس الفرن الآلي الأخير في مدينة عندان بريف حلب، ما أدى إلى توقفه عن العمل بشكل كامل، وحرمان سكان المنطقة من مادة الخبز. ووصف رئيس الائتلاف الوطني أنس العبدة ما يقوم به النظام وحلفاؤه بـ«جرائم حرب شنيعة في حلب، ويسعون لتدمير المدينة التاريخية بشكل كامل»، في حين اعتبرت المعارضة أن عرض روسيا بهدنة 48 ساعة في حلب ليس إلا كلاما إعلاميا يبدو واضحا أنه يخالف كل استراتيجيتها التي تتبعها اليوم في معركة حلب.
وفي هذا الإطار، أكد نائب رئيس الائتلاف السابق، هشام مروة، أنه لم تعرض على المعارضة أي خطة أو اقتراح لهدنة في حلب، معبرا في الوقت عينه عن أمله بحدوث ذلك في ظل كل ما يحصل بالمدينة وأهلها. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «روسيا تعتمد على سياستين، إحداهما إعلامية والثانية عملية، في الأولى تبدي المواقف الإيجابية والغربة بالوصول إلى حلول، وفي الثانية تنفذ استراتيجيتها العسكرية ومن يدعو إلى هدنة عليه أولا احترام القرارات الدولية». وأضاف: «آخر ما يفكر به الروس الذين افتقدوا إلى المصداقية في الوقت الحالي هو الهدنة، هم حريصون الآن على تحقيق أي إنجاز عسكري على الأرض قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي ليستثمروه فيما بعد في المفاوضات السياسية».
وفي لقاء مع رئيس مكتب الدفاع المدني في مدينة حلب، إبراهيم هلال، ومدير الدفاع المدني في حلب عمار سلمو، أكد العبدة أن فرق الدفاع المدني محمية بموجب القوانين الدولية، ويعتبر استهدافها جريمة حرب.
ولفت هلال إلى أن القصف شمل كل الأحياء المحاصرة بما فيها الأحياء المكتظة بالسكان، مشيرًا إلى أن العدوان استخدم 19 مرة أسلحة ارتجاجية، وسقط خلال الأيام الثمانية التي تلت إعلان إنهاء الهدنة أكثر من 400 قتيل وما يزيد على 1700 جريح.
وأكد أن فرق الدفاع المدني وفرق الإسعاف لم تتمكن من أداء واجبها بسبب القصف المكثف، خصوصا بعد خروج مركزين عن الخدمة وتدمير جميع آلياتهما، مضيفًا أنه بقي مركزان يعملان داخل أحياء حلب المحاصرة، الأول مخصص للإطفاء والثاني للإنقاذ. وحذر رئيس مكتب الدفاع المدني من نفاد المواد الأساسية في المدينة المحاصرة وعلى الأخص مادة الطحين.
وعلى الصعيد الميداني، تمكنت قوات النظام من السيطرة على مخيم حندرات بعد أيام على خسارته، فيما أشار المرصد إلى أن القصف الروسي وقصف النظام استمر أمس على أحياء حلب الشرقية، إنما بوتيرة أقل من الأيام السابقة، واستمرت الغارات في محاولة لكسر معنويات سكان أحياء حلب الشرقية، ودفعهم للنزوح باتجاه مناطق سيطرة النظام في مدينة حلب، كما أدت الغارات على مدينة عندان بريف حلب إلى إخراج الفرن الوحيد في المدينة عن الخدمة.
ورأى مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، أن سيطرة النظام على مخيم حندرات قد يمهّد لدخوله القسم الشمالي من شرق المدينة، موضحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن السيطرة هذه المرة على المخيم يبدو أنها ستصمد لوقت أطول بعدما عمد النظام إلى تثبيت النقاط التي استعادها إلا إذا قامت فصائل المعارضة بهجوم مضاد ومفاجئ». واعتبر عبد الرحمن أن قرار النظام بدخول المدينة، وعدم الاكتفاء بحصارها، يعود لسببين أساسيين، هما: تهجير المدينة من أبنائها باتجاه المنطقة الخاضعة لسيطرته، إضافة إلى أن تكلفة الحصار إذا طالت مدته، تبقى أعلى.
وهذه هي المرة الثانية التي تسيطر فيها قوات النظام على المخيم منذ بدأت عملية عسكرية في حلب الأسبوع الماضي. وأكد زكريا ملاحفجي من جماعة «فاستقم»، أن المعسكر وقع في يد قوات النظام التي كانت سيطرت عليه يوم السبت الماضي قبل أن تنتزعه المعارضة من جديد في هجوم مضاد في اليوم نفسه.
من جهة أخرى، قال ناشطون إن الطيران الروسي استهدف فرن عندان بشكل مباشر بعدة صواريخ أسفرت عن اشتعال النيران في داخله بشكل كبير، ودمار في معداته والبناء، ما تسبب بخروجه عن الخدمة، وتوقفه عن العمل بشكل كامل، حيث قامت فرق الدفاع المدني بإخماد الحرائق الناجمة عن القصف.
ويعتبر فرن عندان الآلي الفرن الوحيد المتبقي لسكان المدينة وريفها وبتدميره حرم الآلاف من المدنيين من الخبز، ما يشكل أزمة كبيرة وضغطا على الأفران الأخرى الموجودة في المدن المجاورة لتعويض النقص الناجم عن تدميره.
استعادة النظام مخيم حندرات قد تمهّد لدخوله حلب.. والمعارضة تشكّك بطلب موسكو الهدنة
«الدفاع المدني»: سقوط 400 قتيل و1700 جريح خلال أسبوع من انتهاء وقف إطلاق النار
استعادة النظام مخيم حندرات قد تمهّد لدخوله حلب.. والمعارضة تشكّك بطلب موسكو الهدنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة